وثائق مسربة تؤكد تورط شركتي مايكروسوفت وغوغل في حرب الإبادة على غزة
آخر تحديث GMT17:26:20
 العرب اليوم -
الإصابة تبعد أحمد عبد القادر عن مباراة الأهلي ضد قطر بالدوري القطري البرازيل تسجل أعلى درجة حرارة على الإطلاق في ولاية ريو جراندي دو سول ب43 8 درجة مئوية غرق مئات خيام النازحين نتيجة الأمطار والرياح الشديدة برفح ومواصي خان يونس مقتل 3 أشخاص وإصابة 6 آخرين من أفراد الشرطة في هجوم استهدف نقطة تفتيش بباكستان الخارجية المصرية تبدأ التحضير لتنفيذ برامج التعافي المبكر وإعادة الإعمار لضمان بقاء الفلسطينيين في غزة على أرضهم سقوط صاروخ على أطراف بلدة القصر اللبنانية الحدودية جراء اشتباكات في بلدة حاويك داخل الأراضي السورية جيش الاحتلال يعلن حالة الطوارئ القصوى في مستوطنة أريئيل شمالي الضفة مقتل فلسطيني برصاص قناصة الجيش الإسرائيلي قرب محور "نتساريم" وسط قطاع غزة وزارة الصحة بغزة تعلن وصول 12 شهيدا إلى مستشفيات القطاع خلال 24 ساعة بينهم 8 تم انتشالهم من تحت الأنقاض منظمة اطباء بلا حدود تدين تصاعد العنف الاسرائيلي في الضفة الغربية وتدهور الرعاية الصحية
أخر الأخبار

وثائق مسربة تؤكد تورط شركتي مايكروسوفت وغوغل في حرب الإبادة على غزة

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - وثائق مسربة تؤكد تورط شركتي مايكروسوفت وغوغل في حرب الإبادة على غزة

شركة غوغل
لندن - العرب اليوم

لم تكد تمر بضعة أيام على سريان وقف إطلاق النار في غزة، حتى ظهرت تقارير ووثائق مسرّبة جديدة تؤكد تورط جهات جديدة بشكل مباشر في حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع، هذه المرة كانت الفضيحة من نصيب شركتي مايكروسوفت وغوغل.ففي 21 يناير/كانون الثاني الماضي، نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرًا يوثق تزويد شركة غوغل للجيش الإسرائيلي بأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي التي طورتها الشركة، وذلك منذ بداية الحرب على غزة.

وبعد يومين فقط، أكد تحقيق صحفي جديد نشرته صحيفة "الغارديان"، استنادا إلى وثائق سرّية مسرّبة، تصاعد اعتماد الجيش الإسرائيلي على تقنيات شركة مايكروسوفت السحابية وأنظمة الذكاء الاصطناعي خلال أشد مراحل قصفه على القطاع.
في سياق حرب إبادة استخدمت فيها إسرائيل أنظمة تقنية متطورة، مثل نماذج الذكاء الاصطناعي "غوسبل" و"لافندر" لتحديد أهداف القصف. تُبرز تلك الوثائق الجديدة كيف ساهمت شركات التقنية الأميركية الكبرى في دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية، إذ ظل هذا الدور دون توثيق ملموس ودون أدلة واضحة وقوية إبان الحرب، خاصة مع نفي تلك الشركات أيَّ مساهمة لها في العمليات العسكرية، رغم ظهور بعض المؤشرات والتصريحات من قيادات الجيش الإسرائيلي التي أشارت إلى هذا الدور.

لذا، فهذه هي المرة الأولى التي تؤكد التقارير والملفات الداخلية هذا التعاون المباشر بين شركات التقنية الكبرى والجيش الإسرائيلي في حرب الإبادة على قطاع غزة.
في مايو/أيار 2024، وقّع قرابة 200 موظف داخل مختبر "ديب مايند"، وهو قسم الذكاء الاصطناعي التابع لشركة غوغل، على خطاب يطالب الشركة العملاقة بإلغاء عقودها مع المؤسسات العسكرية بشكل عام، وفقًا لنسخة من الخطاب اطّلعت عليها مجلة "تايم" ونشرت عنها تقريرا في أغسطس/آب 2024.
انتشر هذا الخطاب وسط تصاعد المخاوف داخل قسم الذكاء الاصطناعي من بيع تقنياته إلى الجيوش المتورطة في الحروب عالميا، الأمر الذي وصفه الموظفون بأنه انتهاك لقواعد الذكاء الاصطناعي الخاصة بشركة غوغل.
ورغم أن الموظفين في خطابهم أكدوا أن رسالتهم لا تتعلق بأي صراع ناشب في أي مكان بالعالم وقت إرساله، في محاولة للنأي عن استهدافهم من قبل اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، جاء الخطاب ليكون علامة جديدة وواضحة على تصاعد حدة الخلاف داخل شركة غوغل، على الأقل بين بعض موظفي قسم الذكاء الاصطناعي، الذين تعهدوا بعدم المشاركة في تطوير التقنيات العسكرية، وبين قسم الأعمال السحابية الذي يبيع خدمات غوغل السحابية، ومنها تقنيات الذكاء الاصطناعي التي يطورها مختبر "ديب مايند"؛ للعديد من الحكومات والجيوش ومنها الجيش الإسرائيلي، وخاصة التعاون الذي نشأ من مشروع "نيمبوس".
التناقض الحالي يسلط الضوء على شروط استحواذ غوغل على شركة الذكاء الاصطناعي البريطانية "ديب مايند" عام 2014، إذ تضمنت الصفقة تعهدًا بعدم استخدام تقنياتها لأغراض عسكرية أو أمنية. هذا التعهد أكده مؤسس شركة "ديب مايند"، ديميس هاسابيس، في لقاء صحفي عام 2015. اليوم، يشرف هاسابيس على مختلف عمليات تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي تحت العلامة التجارية "غوغل ديب مايند" (Google DeepMind)، التي تشمل تطبيقات متطورة في معالجة الصور والفيديو والصوت بالإضافة إلى المساعد الذكي "جيميناي".
تتبنّى غوغل سياسات معلنة تقضي بعدم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في أي تطبيقات قد تُلحق ضررًا بالبشر. كما تتضمن برامج الشركة المتعلقة بحقوق الإنسان مراجعات دقيقة للمنتجات والسياسات لضمان امتثالها للمعايير الدولية، بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتشجع الشركة موظفيها على الإبلاغ عن أي انتهاكات أو مخاوف تتعلق بنشاطات الشركة.

لكن الأمر ليس بهذا النقاء! إذ تُظهر الوثائق الداخلية للشركة، التي حصلت عليها صحيفة "واشنطن بوست"، أن غوغل قدمت مساعدة فعلية لوزارة الدفاع والجيش الإسرائيلييْن.
فقد أظهرت تلك الوثائق أنه في أعقاب عملية "طوفان الأقصى" بدأ أحد موظفي قطاع الخدمات السحابية في غوغل تصعيد طلباته بهدف توفير وصول أوسع إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي لصالح وزارة الدفاع الإسرائيلية. كما أشارت الوثائق إلى سعي الوزارة الإسرائيلية بصورة عاجلة لتوسيع نطاق استخدامها لمنصة "فيرتكس أي آي" (Vertex AI)، التي تتيح للعملاء تطبيق خوارزميات الذكاء الاصطناعي على بياناتهم الخاصة.
يشير الموقع الرسمي إلى أن هذه المنصة من غوغل أداة شاملة لتطوير وتطبيق حلول تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي، وتوفر المنصة بيئة متكاملة تجمع بين أدوات هندسة وعلوم البيانات وتعلم الآلة، مما يسهل على الفرق العمل معًا بكفاءة وفعالية. وتتيح المنصة تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي واستخدامها، مع إمكانية تخصيصها لتلبية احتياجات التطبيقات المختلفة. كما تقدم خياراتٍ متعددة تناسب المستخدمين، سواء احتاجوا إلى حلول بسيطة تعتمد على الأتمتة، أو أدوات متطورة تمنحهم تحكمًا كاملًا في عملية تطوير تلك النماذج.
وفي وثيقة مؤرّخة بشهر نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وجّه أحد موظفي غوغل شكرًا لزميله على دعمه في تسريع تلبية طلب وزارة الدفاع الإسرائيلية. وفي ربيع وصيف العام 2024، ظهرت طلبات جديدة عبر موظفي غوغل لمنح الجيش الإسرائيلي مزيدًا من الوصول إلى إمكانات وتقنيات الذكاء الاصطناعي. كما أظهرت وثيقة أخرى أن أحد موظفي غوغل طالب في أواخر الشهر نفسه بمنح الجيش الإسرائيلي صلاحيات لاستخدام نموذج "جيميناي" بهدف تطوير أدوات لمعالجة الوثائق والملفات الصوتية.

بالنسبة لغوغل على الأقل، كانت الأمور واضحة خلال الحرب وظهرت آثارها فعلا، وتحديدا بعد ظهور تفاصيل مشروع "نيمبوس" إلى النور. مشاركة غوغل ومساندتها لإسرائيل في حرب الإبادة كانت جليّة لدرجة أن تضحي الشركة بسمعتها المعروفة عنها في عالم الشركات، وتفصل أكثر من 50 موظفًا لاحتجاجهم على مشروع "نيمبوس"، في أبريل/نيسان 2024.

قبل ذلك بثلاث سنوات، كانت الحكومة الإسرائيلية قد وقعت اتفاقًا مع شركتي غوغل وأمازون لبناء مراكز بيانات إقليمية لتقديم الخدمات السحابية، وبهذا تضمن استمرارية الخدمة حتى إن تعرضت الشركتان لضغوط دولية لمقاطعة إسرائيل فيما بعد، وقُدرت تكلفة المشروع بنحو 1.2 مليار دولار.
هذا ما ذُكر رسميا في وسائل الإعلام حينها، لكن مشروع "نيمبوس" كان ينطوي على أكثر من مجرد مراكز بيانات إقليمية. ورغم عدم توفر تفاصيل رسمية كثيرة حول المشروع حينها، فإن تقريرا لموقع "ذي إنترسبت"، صدر في يوليو/تموز 2022، استشهد بوثائق ومقاطع فيديو تدريبية داخلية من غوغل تشير إلى أن جزءا أساسيا من المشروع سيوفر لإسرائيل مجموعة كاملة من أدوات تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي تقدمها منصة غوغل السحابية.
أوضحت مجموعة الوثائق التدريبية ومقاطع الفيديو الخاصة بشرح المشروع، والموجَّهة إلى موظفي الحكومة الإسرائيلية، لأول مرة مزايا منصة غوغل السحابية التي تقدمها الشركة لجيش الاحتلال من خلال المشروع، إذ توفر غوغل مجموعة كاملة من تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، تلك التقنيات تمنح جيش الاحتلال قدرات أكبر في التعرّف على الوجوه، والتصنيف الآلي للصور، وتتبع مسار تحرك الأجسام، وحتى القدرة على تحليل المشاعر، التي ادّعت الوثائق أن بإمكانها تقييم المحتوى العاطفي داخل الصور والكلام والكتابة.
أشار التقرير حينها إلى أن تلك الإمكانات ستزيد من قدرات جيش الاحتلال على فرض رقابة صارمة على المواطنين الفلسطينيين، بجانب معالجة كميات هائلة من البيانات.
يتناقض هذا مع تصريحات غوغل لوسائل الإعلام، التي سعت إلى التقليل من أهمية التورط العسكري لمشروع نيمبوس، إذ ذكرت المتحدثة باسم غوغل في بيان أن "هذا المشروع ليس موجهًا نحو مهام حساسة للغاية أو سرية أو عسكرية تتعلق بالأسلحة أو أجهزة الاستخبارات. عقد نيمبوس مخصص لمهام العمل على خدماتنا السحابية التجارية لصالح الوزارات الحكومية الإسرائيلية، التي توافق على الامتثال لشروط الخدمة وسياسة الاستخدام المقبولة لدينا".

لكن حتى قبل ظهور الوثائق الأخيرة، كانت الدلائل والتصريحات العامة تشير إلى تورط غوغل مع الجيش الإسرائيلي من خلال مشروع "نيمبوس".
مثلا، وفقًا لتقرير من موقع "وايرد" في يوليو/تموز 2024، أظهرت مراجعة الوثائق العامة وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين وموظفي غوغل وأمازون أن الجيش الإسرائيلي احتل موقعًا مركزيًا داخل مشروع "نيمبوس" منذ بدايته، إذ شكّل الجيش تصميم المشروع وكان من أبرز مستخدميه. كما يرى كبار المسؤولين الإسرائيليين أن هذا المشروع يؤسس لبنية تحتية مهمة للجيش الإسرائيلي.
وفي فبراير/شباط من العام الماضي، ضمن مؤتمر مخصص لمشروع "نيمبوس"، ذكر رئيس هيئة السايبر الإسرائيلية، غابي بورتنوي، أن "العقد أسهم في الرد العسكري الإسرائيلي على حركة حماس" نقلا عن وسائل الإعلام الإسرائيلية. وأضاف بورتنوي: "تحدُث أمور استثنائية في أرض المعركة بسبب السحابة العامة لمشروع نيمبوس، وهي أمور لها تأثير على تحقيق النصر، لكن لن أشارك التفاصيل"، وفقًا لمقال في مجلة "بيبول آند كمبيوتر" التي شاركت في تنظيم المؤتمر.

الأغرب في هذا الوضع هو تأخر التقارير التي تشير إلى دور مايكروسوفت مع الجيش الإسرائيلي، بالنظر إلى العلاقة القديمة والراسخة بين الشركة وجيش الاحتلال. التقرير الصحفي هذه المرة من "الغارديان"، وأجرته بالتعاون مع مجلة "972+" ومنصة "لوكال كول" العبرية، واستند إلى وثائق مسرّبة حصل عليها موقع "دروب سايت نيوز"، بجانب مقابلات مع مصادر من الأوساط الدفاعية والاستخباراتية الإسرائيلية.
تمتد العلاقة بين شركة مايكروسوفت إسرائيل لعقود طويلة، حيث بدأت أولى محطاتها بإقامة أول مركز بحثي للشركة خارج الولايات المتحدة في الأراضي المحتلة عام 1991. منذ ذلك الحين، تعمّقت هذه العلاقة عبر سنوات من التعاون والاستثمار في تطوير تقنيات عسكرية لصالح جيش الاحتلال، إذ عقدت الشركة الأميركية صفقات ضخمة تضمنت التزامها بتزويد جيش الاحتلال ووزارة الدفاع بعدد غير محدود من منتجاتها، بالإضافة إلى تبادل واسع للمعلومات بين الطرفين.

لم تقتصر العلاقة على الصفقات فحسب، إذ تُعرف وحدات الاستخبارات التابعة لجيش الاحتلال، مثل الوحدة الشهيرة "8200"، بتأسيس شركات ناشئة لأغراض عسكرية. لا تكتفي تلك الشركات بتطوير المنتجات، بل تعمل أيضًا على تدريب كوادر بخبرات تقنية تجذب اهتمام شركات كبرى مثل مايكروسوفت.
على مدى السنوات الماضية، استحوذت مايكروسوفت على العديد من الشركات الناشئة المرتبطة بجيش الاحتلال، بل استعانت أحيانًا بفرق العمل داخل تلك الشركات، إلى جانب استثمارها في شركات إسرائيلية أخرى خلال السنوات القليلة الماضية.


تُظهر الوثائق المسرّبة أن مايكروسوفت عززت تلك الشراكات السابقة أكثر مع المؤسسة العسكرية الإسرائيلية عقب 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عبر توفير خدمات التخزين السحابية والحوسبة المتطورة للجيش الإسرائيلي. كما تضعها وزارة الدفاع الإسرائيلية في تصنيف الشريك الموثوق، لذا تكلّف مايكروسوفت بمشاريع شديدة السرية والحساسية.
تؤكد تلك الوثائق، التي تضمنت سجلات من وزارة الدفاع الإسرائيلية وملفات من فرع مايكروسوفت إسرائيل، أن الجيش الإسرائيلي استفاد من منصة "أزور" السحابية في دعم الأنشطة القتالية والاستخباراتية. كما عمل موظفو مايكروسوفت عن كثب مع الجيش الإسرائيلي، سواء عبر تقديم المشورة الفنية عن بُعد، أو عبر تواجدهم في القواعد العسكرية.

 توقع رئيس وحدة الاستخبارات الإسرائيلية "8200" أنّ تزايد طلب الجيش الإسرائيلي على خدمات الحوسبة السحابية سيقود إلى شراكات استراتيجية مع شركات مثل مايكروسوفت وأمازون، شبيهة بالشراكات القائمة مع شركات تصنيع الأسلحة الأميركية الكبرى مثل لوكهيد مارتن، وهو ما حدث فعلًا بعدها بعامين، خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، لتتزايد حاجة الجيش إلى خدمات الحوسبة السحابية بنفس حاجته إلى أطنان القنابل والقذائف التي استخدمها في هذه الحرب.

جاء ذلك بالتزامن مع توجّه قوات الاحتلال نحو شركات التقنية الأميركية الكبرى لمواجهة الزيادة في الطلب على قدرات التخزين والخدمات السحابية بعد بداية الحرب على غزة، وشمل ذلك التعاون مع شركتي أمازون وغوغل لتخزين وتحليل كميات أكبر من البيانات والمعلومات الاستخباراتية لفترات أطول.
أشارت تلك الوثائق التي سربها "دروب سايت نيوز" إلى تصاعد ملحوظ في اعتماد جيش الاحتلال على تقنيات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي التي توفرها شركة مايكروسوفت، وتحديدًا خلال إحدى أكثر مراحل قصفه تدميرًا لقطاع غزة. وكشفت عن استخدام قوات الجيش المختلفة لمنتجات الشركة الأميركية، وخاصةً منصة "أزور" السحابية، وتنوعت تلك القوات بين الجوية والبرية والبحرية الإسرائيلية إلى جانب مديرية الاستخبارات.
تُظهر تلك الوثائق أن وزارة الدفاع الإسرائيلية وافقت على شراء 19 ألف ساعة من خدمات الدعم الهندسي والاستشاري من مايكروسوفت في الفترة ما بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 ويونيو/حزيران 2024، في صفقة شراكة تجاوزت عوائدها المالية نحو 10 ملايين دولار. وتزامن هذا مع ارتفاع استهلاك الجيش الإسرائيلي لمنصة "أزور" السحابية بنسبة 60% خلال الأشهر الستة الأولى من الحرب على قطاع غزة، مقارنة بالأشهر الأربعة السابقة للحرب.
خلال أيام الحرب على القطاع، اضطلع مهندسو شركة مايكروسوفت بدور محوري في تقديم الدعم التقني لوحدات الاستخبارات الإسرائيلية، ومنها الوحدة 8200 والوحدة 9900 المتخصصة في جمع وتحليل المعلومات الاستخبارية المرئية. وكان الهدف تسهيل استخدام هذه الوحدات للبنية التحتية السحابية وتعزيز أدائها في تنفيذ العمليات.
وفي أثناء قصف غزة، استخدمت وحدة "أفق" التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي نظام الاتصالات والبريد الإلكتروني من مايكروسوفت، لإدارة قواعد بيانات ضخمة للأهداف المحتملة للقصف والمعروفة باسم "بنوك الأهداف".

تكشف الوثائق أيضًا زيادة هائلة في استخدام الجيش الإسرائيلي للمنتجات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت خلال نفس الفترة. ففي نهاية مارس/آذار 2024، تضاعف استهلاك أدوات تعلم الآلة من منصة "أزور" بمعدل 64 مرة مقارنة بشهر سبتمبر/أيلول 2023. كما تضاعف استخدام منتجات شركة "أوبن أي آي"، مثل نموذج الذكاء الاصطناعي "جي بي تي-4″، بصورة ملحوظة، إذ كان يستخدمها الجيش الإسرائيلي من خلال منصة "أزور" بدلًا من الوصول المباشر عبر الشركة.
في يناير/كانون الثاني 2024، أنهت "أوبن أي آي" الحظر على استخدام تقنياتها في الأعمال العسكرية، وهو أمر حدث في صمت ولم تكشف عنه الشركة إعلاميًا، مما ساهم في تسهيل استخدام الجيش الإسرائيلي لهذه التقنيات التي تطورها الشركة، إذ تشير الوثائق إلى أن هذا التغيير أدى إلى ارتفاع ملحوظ في استخدام الجيش الإسرائيلي لمنتجات "أوبن أي آي" عبر منصة "أزور" السحابية.
لكن، هل توجد أي استفادة ممكنة لتلك الشركات من مشاركتها في حرب الإبادة الإسرائيلية؟

المشاركة في سيناريوهات الحرب الفعلية قد تمثل فرصة ذهبية لتطوير الأنظمة العسكرية لتلك الشركات، خاصة أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تحتاج إلى بيانات بجودة عالية. وإذا نظرنا من منظور تلك الشركات، فهذا سيناريو حقيقي يمكنها فيه اختبار أنظمة الذكاء الاصطناعي وتطويرها، بل وبيعها في المستقبل وهي تحمل شعار "مُجرّبة في أرض المعركة".
مناطق الحروب قد تُوفر بيئة فريدة مليئة بالتحديات الحقيقية لاختبار تقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، فالعمليات العسكرية تُنتج كميات هائلة من البيانات، مثل لقطات المراقبة وأنماط الاستهداف والخطط اللوجستية. لذا، من خلال دعم قوات الجيش الإسرائيلي بالبنية التحتية السحابية وأدوات الذكاء الاصطناعي، ربما تُطوّر الشركتان تقنياتهما في ظروف يستحيل تقليدها في الحياة اليومية.

كما تحتاج العمليات العسكرية إلى تحليل كميات ضخمة من البيانات المعقدة، وهذا النوع من البيانات يُساعد غوغل ومايكروسوفت في تحسين خوارزمياتهما بدقة أكبر.
عموما هذا سيناريو قد يخدم مصلحة الولايات المتحدة مستقبلا، فإن كانت تنوي الاندفاع نحو حرب ضد التنين الصيني، فعليها الاستعانة بكل ترسانتها من الأسلحة، وبالطبع شركات التقنية جزء أصيل وتأسيسي في حروب هذا العصر.
مايكروسوفت نفسها هي شركة التقنية الأساسية للجيش الأميركي، إذ تسيطر الشركة تقريبًا على كل ما يخص التقنيات العسكرية المتطورة، وتدافع عن الحكومة الأميركية ضد التهديدات السيبرانية.
بدأت الشركة فعلًا عرض تقنيات الذكاء الاصطناعي على الجيش الأميركي، ففي أكتوبر/تشرين الأول 2023، اقترحت مايكروسوفت استخدام أداة توليد الصور الشهيرة "دال-إي"، التي تطورها شركة "أوبن أي آي" لمساعدة وزارة الدفاع الأميركية في تصميم برمجيات لتنفيذ العمليات العسكرية، وفقًا لمواد داخلية للعرض التقديمي اطلع عليها موقع "ذا إنترسبت"، وأشار إليها في تقريره الصادر في أبريل/نيسان 2024.
وفرت مواد العرض التقديمي الخاصة بشركة مايكروسوفت، بعنوان "الذكاء الاصطناعي التوليدي باستخدام بيانات وزارة الدفاع" والذي حصل عليه موقع "ذا إنترسبت"، تفاصيل عامة حول كيفية استفادة البنتاغون من أدوات وتقنيات تعلم الآلة الخاصة بشركة "أوبن أي آي"، والتي تشمل روبوت المحادثة الشهير "شات جي بي تي" ومولد الصور "دال-إي"، وذلك لمهام تتفاوت بين تحليل المستندات والمساعدة في صيانة الآلات.
تلك الوثائق التي قدمتها مايكروسوفت مستخرجة من مجموعة مواد كبيرة عُرضت في ندوة تدريبية لوزارة الدفاع الأميركية حول "الإلمام والتثقيف بتقنيات الذكاء الاصطناعي" نظمتها وحدة القوات الجوية الأميركية في لوس أنجلوس في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

إحدى صفحات العرض التقديمي من مايكروسوفت تبرز العديد من الاستخدامات الفدرالية الشائعة لتقنيات شركة "أوبن أي آي"، بما فيها الاستخدام للأغراض العسكرية. وجاء في إحدى النقاط، تحت عنوان "أنظمة إدارة القتال.. استخدام نماذج دال-إي لإنشاء صور لتدريب أنظمة إدارة القتال"، وكما يبدو من الاسم، فإن نظام إدارة القتال هو مجموعة برمجيات للقيادة والتحكم تزود القيادات العسكرية برؤية عامة لسيناريو القتال في أرض المعركة، مما يتيح لهم تنسيق عناصر تخص المعارك مثل قذائف المدفعية وتحديد أهداف الضربات الجوية وتحركات الجنود على الأرض.
تقترح الإشارة إلى تدريب الرؤية الحاسوبية أنّ بإمكان الصور التي يولدها نموذج "دال-إي" مساعدة حواسيب البنتاغون على رؤية الأوضاع في ساحة المعركة بصورة أفضل، وهي ميزة خاصة لتحديد الأهداف وتدميرها.
لم توفر ملفات العرض التقديمي تفاصيل أخرى حول كيفية استخدام نموذج "دال-إي" بالضبط في أنظمة إدارة القتال في ساحة المعركة، إلا أن تدريب تلك الأنظمة قد يتضمن إمكانية استخدام "دال-إي" لتزويد البنتاغون بما يُسمى بيانات التدريب الاصطناعية، وهي مشاهد تخيلية ومصطنعة تحاكي إلى حد كبير مشاهد العالم الحقيقي.
تعمل القوات الجوية الأميركية على إنشاء نظام إدارة القتال المتطور، وهو الجزء الخاص بها من مشروع البنتاغون الأكبر الذي تبلغ تكلفته عدة مليارات من الدولارات والمسمى "نظام القيادة والتحكم المشترك لجميع المجالات" (JADC2)، الذي يهدف إلى ربط الجيش الأميركي بأكمله معًا لتوسيع نطاق التواصل بين الفروع العسكرية الأميركية وتحليل البيانات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وتحسين القدرة على القتال في نهاية المطاف.
يتصور البنتاغون من خلال هذا المشروع مستقبلًا وشيكًا تتبادل فيه كاميرات الطائرات المسيّرة التابعة للقوات الجوية، ورادارات السفن الحربية التابعة للبحرية، ودبابات الجيش، وقوات المارينز على الأرض، البيانات حول الخصم بسلاسة لتدميره بطريقة أفضل. وفي أبريل/نيسان 2024، كشفت القيادة المركزية الأميركية أنها بدأت فعلا استخدام عناصر من هذا المشروع في الشرق الأوسط.

حينها، صرّحت المتحدثة باسم شركة "أوبن أي آي"، ليز بورغوس، أن شركتها لم يكن لها أي دور في عرض مايكروسوفت، وأنها لم تبرم أي صفقات بيع لأدوات أو تقنيات لصالح وزارة الدفاع، وأضافت: "تحظر سياسات أوبن أي آي استخدام أدواتنا لتطوير أو استخدام الأسلحة، أو إلحاق الضرر بالآخرين أو تدمير الممتلكات".
في توقيت هذا العرض التقديمي، يبدو أن سياسات شركة "أوبن أي آي" كانت ستحظر استخدام نموذج "دال-إي" عسكريًا، لكن لم تمر سوى أشهر قليلة حتى غيّرت الشركة من سياستها الخاصة باستخدام أدواتها وتقنياتها في العمليات العسكرية، حتى يتسنّى لمايكروسوفت تقديم المساندة اللازمة للجيش الإسرائيلي كما ذكرنا.
في النهاية، ربما طوّرت إسرائيل -كما تدّعي- أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تستخدمها لقصف الأبرياء، لكن هذه ليست سوى نصف الحقيقة، ببساطة لأن تلك الأنظمة تحتاج إلى خدمات مايكروسوفت وغوغل السحابية، مما يجعل من كليهما شريكا أصيلًا في جرائم الحرب التي شاهدها العالم، غالبًا عبر أجهزة تعمل بأنظمة تشغيل هاتين الشركتين، أي أنهما في الأساس شركات استهلاكية، يستخدم منتجاتهما مليارات البشر حول العالم كل يوم.
لهذا فإن توثيق وتسجيل التاريخ مهم، خاصة مع ادعاءات تلك الشركات المتواصلة باحترام حقوق الإنسان، وأن التقنيات التي تطورها لا تستهدف سوى الخير والحق والجمال والقيم الإنسانية السامية. لكنْ علينا الآن أن نتساءل عما إذا كانت تعني ادعاءات تلك الشركات شيئًا أكثر من قيمة الذاكرة التخزينية الصغيرة التي تشغلها على مواقعها الرسمية.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

Perplexity تنافس جوجل من خلال البحث الاحترافي المتقدم

جوجل يحتفل بالذكرى الـ 62 لاستقلال الجزائر

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وثائق مسربة تؤكد تورط شركتي مايكروسوفت وغوغل في حرب الإبادة على غزة وثائق مسربة تؤكد تورط شركتي مايكروسوفت وغوغل في حرب الإبادة على غزة



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:58 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

قربى البوادي

GMT 12:49 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

حورية فرغلي تلحق قطار دراما رمضان بصعوبة

GMT 10:17 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

لعن الله العربشة والمتعربشين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab