أكد وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، أمس الخميس، إن "منتجي النفط من داخل منظمة (أوبك) وخارجها سيناقشون الوضع في السوق أثناء اجتماع في الجزائر الشهر المقبل، بما في ذلك أي إجراء محتمل لإعادة الاستقرار إلى السوق".
ومن المنتظر أن يعقد منتدى الطاقة الدولي، الذي يجمع المنتجين والمستهلكين، في الفترة من 26 إلى 28 سبتمبر (أيلول) في العاصمة الجزائرية.
وقال الفالح في بيان إن "المملكة، أكبر مصدر للنفط في العالم، تراقب السوق عن كثب، وقد تعمل مع منتجين من داخل (أوبك) وخارجها لاتخاذ إجراءات تساعد في استعادة توازن السوق إذا استدعت الحاجة". وأضاف الوزير أن "زيادة إنتاج المملكة إلى مستوى قياسي بلغ 10.67 مليون برميل يوميًا في يوليو (تموز) ترجع إلى تلبية طلب موسمي في فصل الصيف، وأيضًا تلبية طلب مرتفع من العملاء".
يأتي هذا في الوقت الذي واصلت أسعار النفط فيه الصعود، موسعة مكاسبها إلى أكثر من 4 في المائة أثناء جلسة التعاملات أمس، بعدما توقعت وكالة الطاقة الدولية أن تستعيد أسواق الخام توازنها في الأشهر القليلة المقبلة بعد تخمة في الإنتاج استمرت بضع سنوات.
وقالت وكالة الطاقة الدولية أمس إن "أسواق النفط ستبدأ في التحسن في النصف الثاني من عام 2016، لكن عملية التحسن ستكون بطيئة في ظل تراجع نمو الطلب العالمي وتعافي إمدادات المعروض من خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك".
وتوقعت الوكالة في تقريرها الشهري انخفاضا ملموسًا في مخزونات النفط العالمية في الشهور القليلة المقبلة، وهو ما سيساعد في تخفيف تخمة المعروض المستمرة منذ عام 2014 بسبب نمو إمدادات الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والمنتجين المستقلين.
وتسببت تخمة المعروض في تراجع أسعار النفط من 115 دولارًا للبرميل في يونيو (حزيران) عام 2014 إلى 27 دولارًا للبرميل في يناير (كانون الثاني) الماضي. وتعافت أسعار الخام بعد ذلك ووصلت إلى نحو 50 دولارًا للبرميل، لكنها انخفضت مجددًا لتتجه صوب 40 دولارًا للبرميل في يوليو.
وقالت وكالة الطاقة، التي تتخذ من باريس مقرًا لها "انخفاض سعر النفط... أدى إلى تصدر التخمة عناوين الأخبار من جديد على الرغم من أن تقييماتنا تظهر في الأساس أنه لا تخمة معروض في النصف الثاني من العام. علاوة على ذلك تشير تقديراتنا للنفط الخام إلى تراجع كبير (في المخزون) في الربع الثالث من العام بعد فترة طويلة من النمو المستمر".
وأضافت: "سيزيد انخفاض مخزون المنتجات النفطية المترتب على ذلك من طلب شركات التكرير على النفط الخام، وسيساهم في تمهيد الطريق أمام تحسن مستدام في توازن العرض والطلب بالسوق".
وتوقّعت الوكالة زيادة إنتاج المصافي العالمية بواقع 2.2 مليون يوميًا لتصل إلى مستوى قياسي عند 80.6 مليون برميل يوميًا في الربع الثالث من 2016، لكن ذلك النمو سيظل أقل من النمو المتوقع في الطلب بما سيؤدي إلى تأكل بعض مخزونات الخام التي تراكمت منذ منتصف العام الماضي. وستستعيد السوق توازنها بوتيرة بطيئة مع وصول المخزونات في الاقتصادات المتقدمة إلى مستوى قياسي مرتفع بلغ 3.093 مليار برميل في يونيو.
في الوقت ذاته، من المتوقع تراجع نمو الطلب العالمي من 1.4 مليون برميل يوميا في 2016 إلى 1.2 مليون برميل يوميا في 2017، حسبما ذكرت الوكالة.
وجرى تخفيض توقعات 2017 بواقع 0.1 مليون برميل يوميًا مقارنة مع البيانات الواردة في تقرير الشهر الماضي بعد تعديل توقعات الاقتصاد العالمي من جانب صندوق النقد الدولي بعد تصويت بريطانيا في يونيو لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ودفع هبوط أسعار النفط المنتجين ذوي التكلفة المرتفعة، مثل الولايات المتحدة، إلى خفض الإنفاق وتقليص عمليات الحفر بما أدى إلى انخفاض غير متوقع في إنتاج الخام من خارج أوبك بواقع 0.9 مليون برميل يوميا هذا العام.
لكن الوكالة قالت: إن العام المقبل سيشهد انتعاشا لإنتاج الدول غير الأعضاء في "أوبك" بواقع 0.3 مليون برميل يوميًا بعد التعديل بالرفع 0.2 مليون برميل يوميًا مقارنة مع تقرير الشهر الماضي. وأشارت الوكالة إلى تدشين الإنتاج في حقل كاشاجان في قازاخستان باعتباره أحد العوامل.
ونتيجة لانخفاض نمو الطلب وارتفاع الإنتاج من خارج "أوبك" خفضت الوكالة توقعاتها للطلب على نفط "أوبك" في 2017 بواقع 0.2 مليون برميل يوميًا إلى 33.5 مليون برميل يوميًا. ويقترب هذا المستوى مع حجم إنتاج "أوبك" الذي بلغ 33.39 مليون برميل يوميًا في يوليو عندما سجل إنتاج الخام من المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة مستويات قياسية، بما دفع حجم إنتاج "أوبك" الإجمالي إلى أعلى مستوى له في ثماني سنوات.
وبعد رفع العقوبات عن طهران سجلت إيران والعراق أكبر مكاسب منذ بداية العام، حيث زاد إنتاج الأولى بواقع 560 ألف برميل يوميًا، في حين ارتفع إنتاج الأخيرة بواقع 500 ألف برميل يوميًا.
وسجّلت فنزويلا التي تعاني أزمة سيولة ونيجيريا، التي تشهد هجمات يشنها مسلحون، انخفاضا في الإنتاج منذ بداية العام بلغ نحو 150 ألف برميل يوميًا مقارنة مع 2015.
وأظهرت أرقام نشرتها وزارة النفط الفنزويلية أمس، أن متوسط إنتاج فنزويلا من النفط الخام في يوليو بلغ 2.54 مليون برميل يوميًا.
وارتفع مخزون النفط الخام في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، لكن مخزونات البنزين ونواتج التقطير هبطت.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية يوم الأربعاء، إن "مخزونات النفط الخام زادت 1.1 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في الخامس من أغسطس (آب) لتصل إلى 523.6 مليون برميل، في حين كان محللون قد توقعوا انخفاضا قدره مليون برميل". وهبطت مخزونات البنزين 2.8 مليون برميل إلى 235.38 مليون برميل في ثاني أكبر تراجع أسبوعي منذ منتصف أبريل (نيسان)، مقابل توقعات في استطلاع لـ«رويترز" بانخفاض قدره 1.1 مليون برميل.
وتراجع مخزون نواتج التقطير، التي تشمل وقود الديزل وزيت التدفئة، مليوني برميل إلى 151.2 مليون برميل، مقابل توقعات بزيادة قدرها 513 ألف برميل.
وقالت الإدارة إن "مخزون النفط الخام في مركز تسليم العقود الآجلة في كاشينج بأوكلاهوما ارتفعت 163.1 مليون برميل إلى 26.65 مليون برميل". وأضافت أن "معدلات تشغيل المصافي انخفضت 1.1 نقطة مئوية". وهبطت واردات الولايات المتحدة من النفط الخام 334 ألف برميل إلى 73.7 مليون برميل يوميا الأسبوع الماضي.
على صعيد آخر، قال مسؤولون عراقيون في قطاع النفط إن "العراق توصل لاتفاق مع شركات (بي.بي) و(شل) و(لوك أويل) لاستئناف الاستثمارات المتوقفة في حقول النفط التي تطورها هذه الشركات، بما يفسح المجال لاستئناف المشروعات التي توقفت في العام الحالي، وزيادة إنتاج النفط الخام في عام 2017".
وتؤجل هذه الاتفاقيات، التي جرى التوصل إليها في تموز/يوليو وآب/أغسطس، تنفيذ المشروعات إلى النصف الثاني من العام بعدما خططت الشركات الثلاث لتنفيذها في النصف الأول، حيث تم تعليقها بسبب انخفاض أسعار النفط. وقال مسؤولون إن "من المنتظر أن تؤدي هذه الاستثمارات إلى زيادة إنتاج النفط الخام العراقي بما يراوح بين 250 ألفًا و350 ألف برميل يوميًا في العام المقبل". وينتج العراق حاليًا نحو 4.6 مليون برميل يوميًا، معظمها من المنطقة الجنوبية.
والعراق ثاني أكبر منتج للنفط في "أوبك" بعد السعودية، وقد تؤدي زيادة إنتاجه، وإنتاج إيران، إلى تفاقم تخمة المعروض العالمي وصعوبة المناقشات بين أعضاء "أوبك" والمنتجين المستقلين بشأن تحديد مستوى الإنتاج بهدف دعم الأسعار.
وأظهرت وثائق اطلعت عليها "رويترز"، أن الشركات الثلاث اتفقت على إنفاق نصف الميزانيات التي اقترحتها لعام 2015 في النصف الثاني من 2016.
ووافقت "بي.بي" على إنفاق 1.8 مليار دولار في العام الحالي بحقل الرميلة النفطي الذي تديره. وكانت قد وافقت في البداية على إنفاق 3.5 مليار دولار في العام الماضي، ثم خفضت المبلغ إلى 2.5 مليار دولار لاحقًا. ووافقت "شل" على إنفاق 742 مليون دولار بعد اقتراح 1.5 مليار دولار في العام الماضي. وستنفق "لوك أويل" 1.08 مليار دولار مقابل 2.1 مليار دولار اقترحتها في العام الماضي. وقال باسم عبد الكريم، نائب المدير العام لشركة نفط الجنوب المشرفة على عمليات النفط في المنطقة "سيجري تشغيل الكثير من المشروعات الحيوية التي اضطرت الشركات الأجنبية إلى إيقافها بسبب انخفاض أسعار النفط بعد الاتفاقيات التي تم التوصل إليها أخيرًا لخفض الميزانيات".
وقال لـ"رويترز" "الشركات الآن ستتوافر لديها الميزانيات المطلوبة لتنفيذ تلك المشروعات".
ولم يتوصل العراق بعد لاتفاقيات مع "أكسون" و"سي.ان.بي.سي" و"بتروناس" بشأن الحقول التي تطورها هذه الشركات في الجنوب أيضًا.
وينبغي على شركات النفط التي تساعد العراق في تطوير حقوله النفطية الضخمة تسوية نفقاتها مع الحكومة كل عام. ثم تدفع لها الحكومة من إيرادات صادرات العراق من النفط الخام المنتج من الحقول القائمة. كانت هذه الآلية تعمل بشكل جيد عندما كانت أسعار النفط أعلى من 100 دولار للبرميل، لكن منذ انهيار أسعار النفط وتراجعها إلى نحو 40 دولارًا للبرميل يواجه العراق صعوبات في توفير نفط كاف للدفع للشركات مقابل استثماراتها.
ويعتمد العراق على النفط في جميع إيراداته تقريبًا، وينفق بكثافة في قتال تنظيم "داعش" في المحافظات الشمالية والغربية.
ومع اتساع نطاق نفقاته، طلب العراق من شركات النفط الأجنبية في العام الماضي أن تنفق أقل عن المقترح ووقف الاستثمارات تمامًا في النصف الأول من العام الحالي للمشروعات الكبرى. وقال مسؤول آخر في شركة نفط الجنوب، اشترط عدم ذكر هويته "الموازنات الاستثمارية المتفق عليها ستغطي ما تبقى من 2016، ومن الواضح أن هذه الاتفاقيات هي من مصلحة الطرفين".
وأضاف: "ستكون الشركات قادرة على استئناف العمل في الكثير من المشروعات المتأخرة، وذلك بدوره سيساعد على ازدياد إنتاج العراق في مقتبل العام".
وتابع قائلاً: "نحن نتحدث عن زيادة لا تقل عن 250 إلى 350 ألف برميل يوميًا ستضاف إلى الإنتاج في مطلع 2017".
وقالت وزارة النفط العراقية في فبراير (شباط) إنه "تم تعديل ميزانية تكاليف التطوير للشركات الأجنبية وخفضها إلى ما يزيد على تسعة مليارات دولار فقط في 2016، في حين قدرت الشركات التكلفة بنحو 23 مليار دولار في أعقاب مفاوضات معقدة". ومن بين أعضاء "أوبك" زاد العراق الإمداد على مدار معظم العام الماضي، ووصل الإنتاج إلى مستوى قياسي عند 4.775 مليون برميل يوميًا في كانون الثاني/يناير 2016. وتعتزم إيران أيضًا زيادة الإمدادات بعد اتفاق رفع العقوبات التي كانت مفروضة عليها بسبب برنامجها النووي؛ مما يجعل من الصعب على "أوبك" الاتفاق على تثبيت الإنتاج.
أرسل تعليقك