تونس -العرب اليوم
تستعد تونس لقرارات اقتصادية من المنتظر أن يصدرها الرئيس قيس سعيّد، ويُتوقع ألا تقل في عمقها وصداها عن التغييرات السياسية التي حررت البلاد من قبضة حركة النهضة الإخوانية أواخر يوليو الماضي، خاصة في مجال إعادة دور الدولة في مشاريع التنمية وضبط السوق واسترداد سيادتها على المؤسسات الكبرى كالبنك المركزي.
واجتمع سعيّد، الخميس، مع محافظ البنك المركزي مروان العباسي، ضمن مشاورات تهدف إلى معالجة الأزمة المالية المنتظر أن تحتل قمة أولويات الحكومة المكلفة تشكيلها نجلاء بودن. وكانت بيانات رسمية أظهرت تراجع احتياطي النقد الأجنبي بنسبة 9.5 بالمئة في 9 أشهر، بينما طالب البنك المركزي بتعبئة أكبر قدر ممكن من الموارد الخارجية، وتجنب التمويل النقدي، أي طباعة الأوراق النقدية، لتفادي تداعيات التضخم.
كما التقى الرئيس التونسي رئيس هيئة سوق المال صالح الصايل، وشدد على عدم أخذ التصنيفات التي تصدرها بعض وكالات التصنيف الخارجية لاقتصاد تونس مأخذ الجد، كما طالب بمراجعة العناصر التي تقوم عليها هذه التصنيفات التي وصف بعضها بأنها "سياسية وليست علمية" وأنها تتعلق بـ"مدى خضوع الدولة المستهدفة لمعاييرهم".
وتابع سعيّد: "نحن نتعامل مع المؤسسات المالية، لكن يجب أيضا أن تتعامل معنا كدولة ذات سيادة. لسنا في موقع التلميذ ولا هم في موقع الأستاذ الذي يسند الأعداد كما يشاء بناء على جملة من العناصر التي يختارها".
وقال الصايل إن تونس "دولة ذات سيادة، وسنطهر كل الأسواق". وفي يوليو الماضي، أعلنت الوكالة العالمية للتصنيف الائتماني ''فيتش رايتنغ'' تخفيض تصنيف تونس السيادي من "B" إلى "B-" مع آفاق سلبية؛ ما يعني زيادة مخاطر السيولة المالية والخارجية. وفي لمحة ذات مغزى سياسي، بررت الوكالة التخفيض قائلة إن "المشهد السياسي المجزّأ والاحتجاجات الاجتماعية حدت من قدرة الحكومة على سن تدابير قوية لضبط أوضاع المالية". وأشار سعيّد إلى أن "بعض العناصر المحترفة في الفساد دخلت سوق المال لتسرق منذ التسعينات"، مهاجما من وصفهم بـ"السماسرة الذين يسمسرون بالوطن وقوت المواطنين"، وتعهد: "سنطبق القانون على الجميع مهما كانت ثرواتهم ومواقعهم، والمرحلة المقبلة ستكون مختلفة تماما".
وفي تعليقه على تحركات الرئيس المرتقبة في الاقتصاد، قال أمين عام التيار الشعبي بتونس زهير حمدي: "اليوم يفتح الملف الاقتصادي الذي لا يقل خطورة عن بقية الملفات، لارتباط تدهور الاقتصاد بخيارات منظومة الحكم السابقة". وأوضح أن سيطرة تلك المنظومة على الاقتصاد والمؤسسات في السابق تؤثر على المنظومة السياسية والاقتصادية الجارية، فـ"لا يمكن إحداث التغيير العميق من دون تجفيف منابع تمويل هذه المنظومة التي تنتعش من الاقتصاد الريعي والفساد".
ولفت أمين عام "التيار الشعبي" إلى ضرورة "فتح باب محاسبة الفاسدين على مصراعيه وتنفيذ إصلاحات عاجلة، لا سيما في الضرائب والجمارك والإجازات والرخص، والقضاء على التهرب والاقتصاد الموازي الذي بات يشكل نصف الاقتصاد الوطني". ومتفائلا بسياسة قيس سعيد في هذا الاتجاه، قال حمدي إن "الإصلاح الحقيقي يتطلب إعادة التنمية التي بغيابها وصلت تونس إلى هذا الوضع. الرئيس يبعث مجددا دور الدولة في التنمية وإحداث توازن بين حرية السوق وتدخل الدولة، وكذلك إلغاء القانون الحالي للبنك المركزي الذي أخرج البنك المركزي من سلطة الحكومة، وجعله مستقلا عن السياسات الاقتصادية للدولة".
قد يهمك ايضا
طرد قيادي "إخواني" من جامعة في تونس بعد حضوره ندوة هاجمت قيس سعيد
تونس تترقب قرارات مُنتظرة لقيس سعيّد قريباً لا تقل في عمقها عن التغييرات السياسية
أرسل تعليقك