الجزائر - و ا ج
كانت سنة 2013 استثنائية و تاريخية للملاكمة الجزائرية التي كانت بحق مصدر فخر و اعتزاز للرياضة الوطنية، باحرازها ميدالية فضية في بطولة العالم في ألماتي الكزاخستانية و خمس ذهبيات وبرونزية واحدة في ألعاب مرسين المتوسطية بتركيا.
فبعد المجهودات الكبيرة التي بذلت في السنوات الأخيرة، و التي سمحت للجزائر باستعادة ريادتها الإفريقية (مركز أول في البطولة الإفريقية 2011، التتويج مرتين بكأس افريقيا 2010 و 2012، مركز اول في الألعاب الإفريقية بمابوتو2011)، تمكنت الملاكمة الجزائرية هذا العام من وضع حد للسنوات "العجاف" في البطولة العالمية و العودة مجددا الى الواجهة العالمية من أوسع أبوابها.
وكان يوم 26 اكتوبر الماضي، يوما مشهودا و تاريخيا في سجل القفاز الجزائري، حيث تمكن محمد فليسي بجدارة و استحقاق من الظفر بفضية بطولة العالم بألماتي (13-26 أكتوبر بكازاخستان) في وزن (49 كلغ)أمام ملاكم من البلد المضيف،زاكيبوف بيرزهان والتي كانت بمثابة الذهب في أعين الكثير من الاختصاصيين لأن المنازلة جرت في البلد المضيف للمونديال.
فبفضل هذه الميدالية الفضية التي توج بها ابن مدينة بومرداس، جددت الملاكمة الجزائرية العهد مع الألقاب العالمية بعد 18 سنة من الغياب، حيث يعود آخر تتويج للقفاز الجزائري في بطولة العالم إلى عام 1995 في مونديال برلين عندما أحرز نور الدين مجهود الميدالية الفضية. وقبله بأربع سنوات، توج المرحوم حسين سلطاني بالميدالية البرونزية في بطولة العالم بسيدني عام 1991 في وزن الريشة.
و بهذه النتيجة الواعدة، نجح الملاكم الشاب صاحب ال23 ربيعا، في افتكاك مكانة متميزة في عالم "الفن النبيل" العالمي في فئته (49 كلغ) ليسجل بذلك اسمه واسم الجزائر أيضا بأحرف من ذهب في سجل الملاكمة العالمية.
— خمس ذهبيات في ألعاب مرسين التركية...انجاز تاريخي غير مسبوق
وتحمل ميدالية فليسي نكهة خاصة، باعتبار أنها جاءت بعد النتائج التاريخية والاستثنائية التي حققتها الملاكمة الجزائرية في الطبعة ال17 للألعاب المتوسطية في مرسين التركية (18-30 جوان 2013)، وهو ما يؤكد مرة أخرى أن "الفن النبيل" الوطني يبقى الاختصاص القادر بامتياز على إهداء التتويجات للرياضة الجزائرية.
وستظل دورة مرسين عالقة في الأذهان إلى الأبد، باعتبار أن الملاكمة الجزائرية سجلت اسمها بأحرف من ذهب في سجل هذه المنافسة الإقليمية العالية المستوى بتحقيقها لانجاز تاريخي غير مسبوق ليس في سجل "القفاز" الجزائري فقط بل في تاريخ هذه المنافسة بأكملها.
لقد تألقت الملاكمة الجزائرية بشكل لافت في هذا الموعد المتوسطي من خلال التتويج بخمسة ألقاب من بين العشرة المتنافس عليها، إضافة إلى ميدالية برونزية، وهو ما لم تنجزه أبدا منذ أول مشاركة لها في الألعاب المتوسطية سنة 1967 بتونس.
كما أنه لأول مرة في تاريخ الألعاب المتوسطية، يتمكن فيها منتخب من حصد خمس ميداليات ذهبية، ما سمح للملاكمة الجزائرية من صنع مكانة متميزة لها باعتلائها ريادة الترتيب العام حسب الفرق، متقدمة على إيطاليا (2 ذهبيات و1 فضية و4 برونزية) و تركيا، البلد المضيف (1 ذهبية و3 فضية و 4 برونزية).
وتعتبر هذه النتيجة أكثر من مشرفة من خلال النجاح بنسبة مائة بالمائة في الأدوار النهائية التي تأهل اليها خمسة ملاكمين جزائريين، توجوا جميعهم بالمعدن النفيس، فيما حصل محمد أمين وضاحي(60 كلغ) الذي أدى منازلة في المستوى على الميدالية البرونزية.
و الرياضيون الذين تألقوا في هذه الألعاب بحصولهم على ميداليات ذهبية هم: محمد فليسي (49 كلغ) و رضا بن بعزيز (56 كلغ) و عبد القادر شادي (64 كلغ) و لياس عبادي (69 كلغ) و عبد الحفيظ بن شبلة (81 كلغ) و الحائز على الميدالية البرونزية محمد أمين وضاحي (60 كلغ).
وللقفاز النسوي نصيب أيضا من التألق الذي لم يقتصر على منتخب الرجال فقط، بل امتد ليشمل منتخب الإناث، رغم حداثة القفاز النسوي الجزائري بعهد المنافسات العالمية.
وبالفعل، فقد نجحت الملاكمة النسوية الجزائرية في أول مشاركة لها في بطولة العالم للشبلات والوسطيات التي أقيمت من 20 إلى 29 سبتمبر الماضي في مدينة ألبينا البلغارية في تحقيق نتيجة من العيار الثقيل بتمكن خمس ملاكمات من إحراز المركز الخامس في الترتيب العام كل واحدة في فئتها.
ويتعلق الأمر بكل من سهيلة بوشان ورانيا مزيان و نور الهدى باحمد و زهرة بواعرور و مليكة عبدي.
وتسعى رفيقات مليكة عبدي إلى السير على خطى و درب الملاكمة نزهة بومعراف التي توجت بأول لقب إفريقي للملاكمة النسوية الجزائرية في البطولة الإفريقية للإناث عام 2010 .
—الملاكمة الجزائرية تحفظ ماء وجه الرياضات الفردية...
نجحت الملاكمة بفضل نتائجها المسجلة في مونديال ألماتي و ألعاب مرسين المتوسطية في إنقاذ المشاركة الجزائرية في مختلف المحافل الدولية وحفظ ماء وجه الرياضة الوطنية التي كانت جل نتائجها مخيبة للآمال في المنافسات العالمية.
ففي الوقت الذي وقعت فيه أغلب الرياضات الفردية على سنة عزت فيها التتويجات، جاء الإنجاز المتميز الذي حققته الملاكمة الجزائرية بإحرازها ميدالية فضية في بطولة العالم و خمس ذهبيات وبرونزية في الألعاب المتوسطية بمرسين ليثلج الصدور و يرفع راية الرياضات الفردية التي ما تزال تبحث عن نفسها.
ولعل الخيبة الأكبر، جاءت من رياضة الجيدو التي ما فتئت نتائجها تعرف تراجعا ملحوظا، لتوقع بذلك على سنة بيضاء عالميا وقاريا.
فبعد النتائج المتواضعة التي سجلها الجيدو الجزائري في دورة مرسين المتوسطية باكتفائه باحراز ثلاث ميداليات برونزية بفضل عبد الرحمان بن عمادي (+90 كلغ) وزاني بلال (+100 كلغ) و وعلال كوثر (-78 كلغ)، جاءت نتائج مونديال البرازيل (ريو دي جانيرو/26 اوت الى 1 سبتمبر ) لتزيد الطين بلة.
وبالفعل، فقد خرج الجيدو الجزائري خالي الوفاض من بطولة العالم بعد تسجيله لمشاركة مخيبة، إثر إقصاء ثمانية مصارعين جزائريين (رجال و سيدات) في الأدوار الأولى من المنافسة العالمية.
ولم يكن حال الجيدو الجزائري أفضلا في المنافسة الإفريقية، حيث سجل في بطولة إفريقيا التي جرت في الموزمبيق انتكاسة أخرى بخروج الجزائريين من دون أي لقب، اذ اكتفوا بإحراز 13 ميدالية منها 6 فضيات و سبع برونزيات، وهو الأمر الذي يحدث لأول مرة منذ سنوات عديدة.
من جهتها، حققت رياضة ألعاب القوى التي كانت دائما، إلى جانب الملاكمة، حامل مشعل الرياضة الوطنية، نتيجة طيبة، فاقت توقعات مسؤوليها، في الألعاب المتوسطية بمرسين بتتويجها بعشر ميداليات منها أربع من ذهب بفضل كنزة دحماني (10000 م) وأمينة بتيش (3000 موانع) و رابح لاعبود (5000 م) و ياسمينة عمراني (السباعي).
بالمقابل، أثبتت ألعاب القوى الجزائرية أنها ما تزال بعيدة عن المستوى العالمي، حيث كانت المشاركة الجزائرية في بطولة العالم التي جرت بروسيا مخيبة للآمال و لم ترق الى مستوى التطلعات.
ولئن غابت التتويجات العالمية عن الرياضات الفردية الجزائرية، باستثناء الملاكمة، عند الأكابر، فإنها كانت حاضرة لدى الأواسط، حيث كان عام 2013 مشرفا لرياضتي رفع الأثقال و الكراتي دو (غير الأولمبية).
وقد توج المصارع علي علوش، وصيفا لبطل العالم لفئة الأواسط في وزن أقل من 55 كلغ (كوميتي) في بطولة العالم للكراتي دو التي جرت في غوادالاخارا الإسبانية، في حين حاز الرباع حسين فرج الله على الميدالية البرونزية لوزن (77 كلغ) في بطولة العالم لرفع الأثقال التي جرت في ليما (البيرو).
أرسل تعليقك