عدَّ المحلل السياسي العراقي عبد الرحمن جميل، تصويت مجلس النواب على التشكيلة الوزارية الجديدة بانه أشبه بـ"الفوضى"، مبينا ان الجلسة تحولت إلى صراع سياسي بين أطراف تقاسم السلطة من كلا الفريقين على ما تبقى من سلطة ونفوذ.
وقال في تصريح لـ"العرب اليوم " ان ما حصل في "جلسة مجلس النواب العراقي امس هو الفوضى الكبرى" ، مبينا ان "الجلسة تحولت إلى صراع سياسي بين أطراف تقاسم السلطة من كلا الفريقين على ما تبقى من سلطة ونفوذ".
واشار جميل الى ان "كثيرا من السياسيين أثبتوا فشلا ذريعا اليوم في كيفية التصدي للأزمات"، مؤكدا أنهم" في الواقع ليسوا سياسيين وإنما هم مجرد طلاب سلطة".
وأضاف جميل أن "الصراع السياسي في العراق، بدأ مع تغيير النظام وتوج إلى الحالة المتردية التي يعيشها البرلمان، مدللاً على ذلك باعتصام النواب البرلمانيين داخل البرلمان، واصفا إياها بأنها "حالة غريبة تخالف قواعد الواجبات البرلمانية."
وشدد جميل، على أن "ما يحدث في العراق في الوقت الراهن مسألة طبيعية للغاية، توقعها أطراف ومراقبون لاسيما بسبب كم الفساد المستشري هناك، واضطراب الأمن بصفة دائمة، وعدم وجود خطة أو رؤية واضحة للتنمية".
واعتبر جميل أن "تأجيل مجلس النواب العراقي التصويت على التشكيل الوزاري الجديد جاء بعدما انقسم إلى 3 فئات، الأولى وهي الرافضة له ممثلة في التيار الصدري، أما الثانية فهي المعترضة من داخل الكتل الحزبية، الذين لم يتوافقوا على مرشحيهم داخل التشكيلة الجديدة، والثالثة وهم المحتجون الذين يرفعون أصواتهم لتبني بعض المواقف، أو فرض أسماء أخرى قد تكون تكنوقراط."
وأضاف المحلل السياسي أنّ الخريطة السياسية للعراق تعمها الكثير من الفوضى، وتحكمها العلاقات الحزبية، فيما تسيطر الهيمنة الحزبية على كل مفاصل الدولة، وانعكس الأمر على كل القطاعات، ولكن يبقي الحل في أيدى السياسيين، وأنه من المتوقع أن تطول عملية التصويت على التشكيلة الجديدة لما بعد يوم الخميس المقبل.
ووصف ماحصل امس في قاعة مجلس البرلمان أشبه بالفوضى، إذ أن الحكومة التي يجب تشكيلها لابد ان تكون متوافقة خصوصاً بعد تزايد الدعوات الجماهيرية خلال الاعتصامات ولابد أيضاً من المضي قدماً لتحقيق كامل مطالب الشعب، الا ان ما رأيناه هو محاصصة حقيقية نتج عنها ان عمت الفوضى، وهو ما يمكن وصفه بالأسلوب غير الحضاري.
واستطرد جميل أن هناك معالجات جذرية للفوضى، اذ ان مثل هذه التصرفات لن تنقذ الشعب من محنه بل تسيء إليه وإلى الحكومة وللرأي العام وممارسة التعبير عن الراي ، متوقع ان ترفض المحكمة الاتحادية التشكيلة الجديدة، مؤكدة ان ما يهم الشارع ليس تغيير مواقع الوزراء بل منح الحقوق كاملة إلى الشارع العراقي وألا تسرق الاعتصامات.
واسترسل جميل ان الوضع المأساوي الذي وصل اليه العراق دفع باتجاه التحرك الى الشارع والضغط على الحكومة، مؤكداً ان ما حصل هو تغيير شكلي فقط بادارة سابقة وبذات الحكومة والبرلمان ولم يتغير من الأمور شيء وكأن الذي جرى ليس أكثر من "ضحك على الذقون"، وبين ان الوجوه نفسها ستعود لتستوزر في هذا البلد الجريح وتبقى نفس المشكلات المستعصية كالفساد وانتعاش المفسدين بمواقعهم وكذلك استشراء المحاصصة وتواصل الخلل الذي عانت منه الوزارات.
وكان البرلمان انهى، امس الثلاثاء، أزمة استمرت لأكثر من أُسبوعين، بعقد جلسة أعادت الثقة برئيسه سليم الجبوري ونائبيه الذين تمت إقالتهم في جلسة سابقة عقدها 170 نائباً.
ولم تنجح محاولات النواب المعتصمين بمنع انعقاد الجلسة التي تجاوز حضورها النصاب القانوني والذي تراوح بين 170 – 180 نائبا. وشهدت الجلسة مشادات بين النواب المعترضين ورئيس الوزراء انتهت برشق الأخير بقناني المياه.
وفشلت، خلال الايام الماضية، جميع المساعي للتوصل الى تسوية مرضية بسبب تمسك جميع الاطراف بمواقفها. فبينما أصرّ الجبوري على ترؤس الجلسة المشتركة، التي حدد موعدها يوم الاحد الماضي، تمسك النواب المعتصمون برفضهم لعودة طاقم رئاسة البرلمان المقال.
ودخل رئيس مجلس النواب سليم الجبوري ونائباه الى مبنى البرلمان وسط حراسة مشددة. وإثر دعوة الجبوري الى عقد الجلسة، التي قاطعتها كتلتا بدر والفضيلة، ردد النواب المعتصمون هتافات تؤكد عدم شرعية الجلسة.
واستمرت المظاهرات الغاضبة التي حشد لها زعيم التيار الصدري، حيث تحرك المتظاهرون من ساحة التحرير إلى المنطقة الخضراء من جهة بوابة التشريع في جانب الكرخ، بينما طوقوا المنطقة الخضراء من جهة ساحة الحرية في جانب الرصافة وسط هتافات تندد بالمحاصصة، مع تهديد بإمكانية اقتحامها في حال فشل البرلمان في تبرير الكابينة الحكومية.
أرسل تعليقك