كشف المستشار السياسي السابق لرئيس الوزراء الفلسطيني والكاتب الفلسطيني الدكتور أحمد يوسف، أنَّ زيارة الوفد الحكومي الأخيرة إلى قطاع كان الشعب الفلسطيني يبني عليها آمالًا كبيرة والجميع توقع بأنَّها ستكون بداية الانفراج في العلاقة بين حكومة الوفاق وحركة "حماس".
وأكد يوسف في حوار مع "العرب اليوم" أنَّ "الأجواء الايجابية التي سبقت الزيارة جعلت الناس تستبشر خيرًا بسبب تصريحات رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله التي كانت مطمئنة، لاسيما أنَّه شدَّد على أنَّ هذه الزيارة سيتم خلالها حل جميع القضايا العالقة وعودة الوزراء إلى مباشرة أعمالهم من وزاراتهم".
وأوضح: "لكن للأسف تبيَّن أنَّ زيارة الوفد الحكومي هدفها إحصاء الموظفين المستنكفين فقط، حيث جلسوا في الفندق الذي أصبح مقرًا للعمل والإقامة بدلًا من أن يكون فقط للنوم والراحة وأن تكون اللقاءات في مكاتب وزاراتهم، ولم يفكر أحد في الذهاب إلى وزارته لمباشرة أعماله".
وأبرز يوسف أن "الانطباع الذي تركه الوفد الحكومي كان سيئًا، والوفد لم يكن يمتلك الصلاحية والتفويض لمناقشة رواتب موظفي غزة، حيث قالوا إنَّ هذه المسالة متروكة لرئيس الحكومة الحمد الله ورئيس السلطة أبو مازن فقط، وبالتالي زيارتهم كانت تفقدية للموظفين المستنكفين".
وشدَّد على أنَّ الوفد تنكر لتفاهمات اللجنة التي كانت مشكلة برئاسة الدكتور نبيل عمر عن حركة "فتح" والمهندس زياد الظاظا عن حركة "حماس" والتي وضعت تصورات لحل قضية الموظفين والمعابر، وفي النهاية تم توجيه رسالة لهم مفادها ما هو هدف زيارتكم ولماذا؟".
ورجح يوسف أنَّ سبب مغادرة الوفد هو أنَّ الوزراء لم يجدوا راحة في التعامل مع حركة "حماس" أو الأجهزة الأمنية، نافيًا أن تكون الأجهزة الأمنية فرضت الإقامة الجبرية على الوفد الحكومي؛ مستدركًا: "لكن هدف الأجهزة الأمنية هو تأمين سلامة الوفد وحمايتهم حتى لا يتعرضوا لأي خطر ستتحمل مسؤوليته"، مشيرًا إلى أنّ لم يكن تحكمًا بتوجهات الوفد، لافتًا إلى أنَّ الحمدالله وبعد أخبرهم بأن يغادروا القطاع".
وبيَّن أن "الزيارة إما أنه لم يتم الترتيب لها سابقا ولم يتم تحديد المهمات المطلوبة منها، أو لم يتم الترتيب لها من الناحية الأمنية، حيث تجاهلوا ترتيبات الأجهزة الأمنية التي لم تعجبهم، فغادروا ولم ينجزوا شيئا"، موضحًا: "هذه هي أسباب مغادرة الوفد التي أثارت ضجة كبيرة وأعادت الإحباط واليأس إلى المواطن الفلسطيني في قطاع غزة".
ونوَّه بأنَّ الحكومة غير معنية بالوصول إلى حلول للخروج من هذه الأزمات، وأضاف: "بالأمس قابلت مسؤول الأجهزة الأمنية في غزة اللواء يحيى أبو شرخ وتناقشنا في الموضوع وقال لي: لقد تم تحملينا الموضوع وهدفنا كان تأمين الزيارة وعدم تقييد حريتهم".
وتابع يوسف: "على أرض الواقع لا توجد مصالحة، حيث إن الوزراء الذين قدموا إلى غزة لم يتوجهوا إلى وزاراتهم ولم يتواصلوا مع طواقمها من حركة "حماس"، وكان تواصلهم فقط مع الموظفين المستنكفين، والكل يتربص بالأخر وينتظر سقطة من هذا أو من ذاك ليتخذها ذريعة والتشهير بالطرف الآخر في وسائل الإعلام".
و فيما يتعلق بالعلاقة مع مصر، أوضح يوسف: "كان هناك قبل شهر تقريبًا لقاء بين الدكتور موسى أبو مرزوق وقيادة المخابرات العامة في مصر وكان هناك جو إيجابي، والمصريون أبلغوا أبو مرزوق بأنَّ تحقيقاتهم بخصوص الوضع الأمني في سيناء لم تثبت أنَّ حماس لها علاقة بما يجري هناك ولكن هي مجرد تكهنات وشكوك لدى الأطراف الأمنية المصرية التي حاولت أن تحمل حماس المسؤولية بأي طريقة".
واستدرك: "المعركة هي للأسف مع الإعلام المصري الذي لا يوجد من يسيطر عليه باعتبار أنَّ مصر فيها إعلام حر، وبالتالي هؤلاء الذين يخرجون ويهددون ويسيؤون ويتكلمون ضد حماس، يتكلمون بشكل شخصي وليس موقفًا رسميًا مصريًا وهذا شيء جيد أن تسمع مثل هذه التصريحات من جهات أمنية رفيعة المستوى".
وشدَّد على أنَّ الحكومة المصرية تعتقد تمامًا بأنَّ "حماس" لا علاقة لها بما يجري في سيناء؛ موضحًا: "لكن الإعلام لا نستطيع أن نتحكم فيه"، وأضاف "استبشرنا في التصريحات التي صدرت من المملكة العربية السعودية وبعد الاتصالات التي تمت واستعادة علاقاتها مع قطر وتركيا، كل هذه مؤشرات للانفراج".
وأعرب يوسف عن أمله في عودة العلاقات مع مصر وأن تنجح المملكة العربية السعودية في أن تخفف من الاحتقان الموجود ضد "حماس" وقطاع غزة، فضلًا عن عودة العمل في معبر رفح وفتحه أمام المواطنين الفلسطينيين.
وأضاف فيما يتعلق بالمفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي، "كل ما يحدث من لقاءات دبلوماسيين أجانب أو وفود رسمية أو مجتمع مدني يطرحون أسئلة لا تتعدى دردشات المجالس فقط، حيث يتم مناقشة القضايا العالقة، فمثلًا عند مناقشة قضية تأخر الإعمار يقولون إن الإسرائيليين معنيين بالتهدئة والأوربيين غير مستعدين لدفع الأموال وبعد ذلك تنشب حرب جديدة تدمر ما تم بناءه، كما أن الغرب يرغب في التوصل إلى هدنة كضمان عدم تدمير فقط".
واستطرد يوسف: "تنقل هذه الوفود الأوروبية تحفظات الإسرائيليين وهم أنفسهم ينقلون وجهات نظر حماس وتحفظاتها، والوفود بشكل يومي تأتي إلى غزة، ليس هناك حتى اللحظة شيء يدور على المستوى الرسمي".
وأشار إلى أنَّ الوفود التي تأتي "هدفها الأول الوصول إلى ضمانات عدم نشوب حرب لضمان نجاح عملية الإعمار، وإسرائيل تريد ضمانات لعدم استخدام المواد الخام في أي أعمال للمقاومة، فضلًا عن أنَّ حماس تريد ضمانات في المقابل لرفع الحصار وإنشاء الميناء والمطار كجزء من حقوق الشعب الفلسطيني".
وردَّ يوسف على تصريحات بعض المسؤولين في حركة "فتح" بشأن نتائج المفاوضات بين "حماس" و الاحتلال ستظهر بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية، قائلًا: "من عنده شيء فليكشفه، والمؤكد أن الاحتلال لا يستطيع أن يتخذ أي قرار× لأنه لم يتم تشكيل الحكومة بعد".
ولفت إلى أنَّ "الاحتلال سستخذ قراره بعد تشكيل الحكومة فيما يتعلق بالتعامل مع قطاع غزة، سواء بتخفيف الحصار أو السماء بإنشاء ميناء"، وأضاف: "لم يكن بيننا وبين الإسرائيليين أي شيء حتى في الفترة التي كانت فيها الحكومة العاشرة على رأس عملها، كنا نقول إنَّ أي شيء متعلق بالإسرائيليين الرئيس ابو مازن والسلطة الفلسطينية هي المسؤولة عنه وليست "حماس" كنا نبرأ بأنفسنا لأن نكون طرفًا في أي نقاش مباشر مع الإسرائيليين".
وحول ملف الأسرى، شدَّد يوسف على أنَّ "حماس قالت إنَّ بين يديها أشياء ستبقيها كما هي ولن تتحدث عنها، مشيرة إلى أنَّ هذا الملف لن يفتح؛ لأن الاحتلال لم يلتزم بملف صفقة وفاء الأحرار وأعاد اعتقال الأسرى المحررين في هذه الصفقة بعد أن أفرج عنهم".
وذكر أنَّ "هذا الملف سر من الأسرار سيبقى في الصندوق الأسود لحماس التي أبلغت الكثيرين بأنَّه يجب الإفراج عن كل الذين تم اعتقالهم بعد صفقة وفاء الأحرار".
ولفت يوسف بشأن ضريبة التكافل الاجتماعي، إلى وجود خطأ في طريقة عرضها في وسائل الإعلام، والذي تسبب في إصابة الناس بالمزيد من اليأس والإحباط، مؤكدًا أنَّ "هذه القضية كانت تحتاج إلى أن يتخذ التشريعي مثل هذا القرار وأن يتم جس النبض لدى الناس".
وأردف: "كان لابد أن نقنع الناس بأنَّ هذا قرار فيه مصلحتهم"، ورأى أنَّه لم يكن يتوجب عرض هذه القضية في وسائل الإعلام بهذه الطريقة، موضحًا: "أخطأ من قدم هذا القرار بالصورة التي شاهدناها، كان يجب أن يسبق هذا القرار حملة في الشارع يشرف عليها نواب حماس لمناقشة القرار وإيجاد أرضية داعمة لهذا القرار حتى يخرج أنَّه ليس قرارًا تشريعيًا يصطدم مع قبول الناس أو رفضهم".
وأصرَّ يوسف في نهاية حديثه على أنَّه لو تم عرض قرار تشريعي بصورة صحيحة، لأخذ مباركة الشارع الفلسطيني والمؤسسات العاملة في مجال المجتمع المدني.
أرسل تعليقك