تونس- أزهار الجربوعي
قال الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية التونسي عماد الدائمي، في مقابلة مع "العرب اليوم"، أن جزءا من النظام العربي القديم يخشى نجاح الثورة التونسية، مشددا على أن بلاده لن تكون يوما من دعاة تصدير الثورات وأنها تحترم حكام المنطقة ماداموا مقبولين من شعوبهم، مشددا على أنه ليس من مصلحة أي نظام عربي وأد التجربة الديمقراطية في تونس.
واعتبر الدايمي أن دعوة بعض قوى المعارضة التونسية لإسقاط النظام، تطرح تساؤلا بشأن النوايا الانقلابية لجزء من النخبة السياسية التونسية التي تخشى صناديق الاقتراع، ومدى ارتباطها بأجندات خارجية تريد تعطيل الثورات العربية، مشددا على أن ماحصل في مصر لا يمكن أن يحصل في تونس، مضيفا أن إسرائيل هي المستفيد الأكبر من توتر المنطقة العربية.
وأكد الأمين العام لحزب المؤتمر أن قرار ترشيح مؤسس الحزب الرئيس المنصف المرزقي للانتخابات الرئاسية القادمة، رهين تطور المشهد السياسي في البلاد وتقدم الدستور، مشددا على أن حزبه متمسك أكثر من أي وقت مضى بقانون العزل السياسي الذي من شأنه تحصين المسار الانتقالي من رموز النظام السابق.
واعتبر الأمين العام لحزب الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، أن اغتيال المنسق العام لحزب التيار الشعبي محمد البراهمي، يوم 25 من تموز/يوليو الماضي، "فاجعة كبرى" لم تستهدف فقط المناضل محمد البراهمي، وإنما استهدفت وحدة الشعب التونسي، وضرب المسار الانتقالي في تونس والربيع العربي.
وأضاف عماد الدايمي " نحن نعتبر أن القاتل، الذي اختار جيدا تاريخ عمله الإجرامي وجعله في يوم احتفال تونس بذكرى إعلان الجمهورية السادس والخمسين وفي شهر رمضان، أراد أن يطلق رصاصة رحمة على الديمقراطية الناشئة في تونس".
وردا على دعوات المعارضة التونسية التي شكلت جبهة إنقاذ وطني للمطالبة بحل المجلس التأسيسي وإسقاط الحكومة وتكليف لجنة خبراء بإتمام الدستور ومن ثمة عرضه على الاستفتاء، قال الأمين العام لحزب المؤتمر إن "المسارعة إلى المطالبة بحل المجلس الوطني الـتأسيسي والحكومة وإيقاف المسار الديمقراطي يطرح أكثر من تساؤل بشأن النوايا الانقلابية لجزء من النخبة السياسية التونسية التي تخشى صناديق الاقتراع، وتروم استيراد ما يحدث في مصر الشقيقة إلى بلادنا، كما أن أسئلة كثيرة تحوم بشأن ارتباط مثل هذه الدعوات بأجندات خارجية تريد أن توقف الثورات العربية وتُوهم العالم بأنها مسارات فاشلة، والحال أننا في تونس تقدمنا كثيرا وأوشكنا على إنهاء المرحلة الانتقالية والانتهاء من إعداد دستور تفخر به الأجيال القادمة في أجل أقصاه بضعة أسابيع فضلا عن إجراء انتخابات شفافة ونزيهة قبل نهاية العام الجاري".
وأكد الدايمي أن الحكومة الحالية مازالت تحظى بالشرعية القانونية، مشددا على أن التفويض الشعبي الذي حصلت عليه في الانتخابات الماضية لا يمكن أن ينتهى إلا في انتخابات قادمة ، وأضاف أن حل الأزمة الراهنة لا يكون إلا باستحثاث المجلس الوطني التأسيسي على الإسراع بإتمام روزنامته، بشكل يمكن من المرور إلى صناديق الاقتراع في أقرب الآجال، مشددا على أن تونس دخلت عصر الديمقراطية وشعبها يرفض العودة إلى الوراء".
وبشأن موقف حزبه من حركة "تمرد" التونسية التي أعلنت أنها قاربت جمع مليون ونصف توقيع لإسقاط حكومة ائتلاف الترويكا الحاكم، قال الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، "نحن نعتبر أن مثل هذه الدعوات التي لا يمكن أن نطلق عليها "حركة"، تعكس وجود إشكال في الساحة الوطنية مع مجموعة من شباب تونس الذين يجب أن نستمع إليهم ونتعرف على مشاغلهم، ولهذا نحن نود أن نشرك القوى المحبطة ومختلف فئات الشباب في حوار وطني شامل من أجل تحصين الانتقال الديمقراطي وتأمين وصوله إلى مداه".
واعتبر الدايمي أن "دعوات الفوضى والانقلاب التي تعتزم إدخال تونس في حالة من الاحتراب الداخلي دون وجود أفق سياسي أو برنامج، لمرحلة ما بعد الفوضى، دعوات غير مسؤولة وليس لها مستقبل في تونس التي أوشكت على إتمام مرحلة الانتقال الديمقراطي بنجاح.
وبشأن دعم بعض القوى الحزبية الكبرى للسيناريو المصري وإعلانهم انتهاء شرعية حكم الإسلاميين في تونس على غرار حزب نداء تونس وائتلاف الجبهة الشعبية، اعتبر الأمين العام لحزب المؤتمر أن ماحصل في مصر لا يمكن أن يتكرر في تونس، لانتفاء المسببات التي يمكن أن تؤدي لنفس النتائج"، مضيفا "إن الأحزاب التي تدفع باتجاه الفوضى هي أحزاب خائفة من صندوق الاقتراع ولا تود الوصول إليه، وهي متأكدة أنها لن تلقى القبول من الشعب لذلك تريد قطع الطريق أمام الانتخابات وتعطيل إصدار الدستور وضرب مصداقية العملية الانتخابية قبل وقوعها من خلال اختلاق مشاكل وأزمات لا وجود لها على أرض الواقع".
واعتبر الدايمي أن الشعب التونسي متفطن لمثل هذه المناورات السياسية وسيحاسبهم على أي نوايا انقلابية.
وردا على سؤال بشأن إمكانية أن يشكل نجاح الثورة التونسية مصدر إزعاج لبعض الأنظمة العربية، قال الأمين العام لحزب الرئيس التونسي المنصف المرزوقي "إن نجاح الثورة التونسية أمر يقلق بعض أركان النظام العربي القديم، الذي يرفض التأقلم مع المرحلة الجديدة التي بدأت من تونس وبالتأكيد ستمتد على المنطقة العربية، ولكن بأشكال يحددها كل شعب، مشددا على أن تونس لم تكن في يوم من الأيام من دعاة تصدير الثورة ولا تقبل التدخل في مسارت دول شقيقة".
وتابع "شهدت المنطقة العربية مسارات مختلفة في التحول، هناك مسارات ثورية وأخرى إصلاحية، تؤدي إلى نتائج نراها ملموسة، ولكن بالتأكيد هناك أركان في هذا النظام العربي القديم لا تقبل، أو تخشى من نجاح التجربة التونسية"، لافتا إلى أن تونس لا تبحث عن عداوات في محيطها العربي بل على العكس تأمل أن تكون علاقاتها مع محيطها قائمة على أساس التعاون من أجل المصلحة المشتركة.
وأضاف الدائمي "نحن نحترم شعوب المنطقة وحكامها ما داموا مقبولين من شعوبهم ولا نعتقد أنه من مصلحة أي نظام عربي إفشال الثورة التونسية، لأن إحداث الفوضى في تونس أو المساهمة في وأد تجربتها الديمقراطية، وصنع احتراب أهلي، سيقنع الشعوب العربية أن الديمقراطية ليست الحل وأن الحل يكمن في العنف والجهاد داخل حدود الوطن، وإمساك السلاح وهو ما لا نتمناه لأي من شعوبنا العربية".
وبشأن إمكانية تأثير موقف النظام الرسمي التونسي الرافض لما اعتبره "انقلابا في مصر" على مستقبل العلاقات بين البلدين مستقبلا، أكد الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية أن حزبه كان سباقا في التنديد بما وصفه بـ" الانقلاب العسكري على الشرعية في مصر، وذلك من منطلق الديمقراطية وتقديره لمصلحة الشعب المصري ومصلحة المنطقة، مشددا على أنه "لا مجال لاستلام السلطة بالقوة، ولا معنى في هذه الفترة من تاريخ بلداننا لعودة العسكر لحكم أمتنا، معتبرا أن الأطراف المصرية كافة سواء التي كانت في السلطة أو المعارضة تتحمل جميعا، مسؤولية ما حصل في مصر، الذي كان نتيجة تمسك كل طرف بمصلحة ضيقة على حساب مصلحة الوطن العليا.
واعتبر الأمين العام لحزب الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، أن موقف بلاده من الأحداث المصرية "موقف مبدئي ولا يخضع لمنطق الحسابات، وهو يخدم العلاقة بين الشعبين التونسي والمصري حتى ولو كان يثير غضب المجموعة الانقلابية العسكرية الحاكمة في مصر اليوم" على حد وصفه، مؤكدا "انحياز تونس للشعب المصري في تحسين الأوضاع وكذلك لعودة العسكر إلى ثكناته وإعادة السلطة للمدنيين".
وتابع عماد الدايمي "أعتقد أنه لا مستقبل لأي انقلاب سياسي في منطقتنا العربية التي تجاوزت عقلية الانقلابات العسكرية ويكفي ما عشناه من مآس وتخلّف نتيجة الانقلابات التي مرت بها المنطقة، ونحن نأمل أن يتواصل الحراك المصري ويلتف أكثر ما يمكن من أبناء الشعب لإعادة العسكر إلى ثكناته وإعادة الشرعية إلى أصحابها، داعيا الفرقاء السياسيين في مصر إلى فتح حوار وطني حقيقي يكفل عودة الحكم إلى مشهد جديد أكثر التقاء وتوافق، معربا عن خشية من لجوء العسكر إلى سفك الدماء ومواصلة سياسة صم الأذان وهو ما قد ينبئ بدخول مصر حقبة من اللا استقرار والعنف الدموي"، وفق تعبيره.
واعتبر عماد الدايمي أن تونس لا تخشى بأن تتهم بالتدخل في الشؤون المصرية لأنها لا تعتبر مصر دولة أجنبية وإنما تراها عمقها الحضاري وامتدادا لثورة تونس، مفجرة الربيع العربي، مؤكدا أن بلاده لا تنوي التدخل في ما لا يعنيها وإنما عبّرت من خلال نظامها الرسمي عن موقفها من الأحداث المصرية وخيرت الانحياز للشعب المصري.
وشدّد الدايمي على أن إسرائيل هي المستفيد الأكبر مما يحدث في مصر ومن توتر المنطقة العربية، باعتبار أنها عدو الأمة وتسعى إلى فرض التجزئة وتقسيم الشعوب العربية إلى فرقاء متطاحنين، مشيرا إلى أن الخاسر الأكبر هي الروح الوطنية المصرية.
كما اعتبر الأمين العام لحزب الرئيس التونسي أن انتعاش البورصة المصرية وتحسن المؤشرات الاقتصادية عقب عزل الرئيس محمد مرسي، دليل على أن العملية كانت مدبرة مسبقا بأياد أجنبية دفعت في اتجاهه، وكوّنت عامل ضغط قوي مرتبط بالدولة العميقة مرتبط أساسا بالنظام القديم، حافظت على وجودها في مصر وشاركت في هذا الانقلاب العسكري، على حد قوله.
وبالحديث عن الشأن الداخلي التونسي، أكد القيادي في ائتلاف الترويكا الحاكم في تونس أن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي أحرز المرتبة الثانية في انتخابات المجلس التأسيسي في 23 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، يسعى لتحقيق نتائج أفضل في الانتخابات القادمة وأن لديه من الإمكانيات ما يمكنه من ذلك.
وأوضح الدايمي أن حزبه طوى صفحة الانشقاقات والانقسامات الداخلية التي أسهمت في خروج ثلة من القيادات المهمة والمؤسسة للحزب على غرار رئيس حزب وفاء عبد الرؤوف العيادي حاليا والأمين العام لحزب التيار الديمقراطي محمد عبو، مشددا على أن حزب المؤتمر قدّم تجربة رائدة في إدارة الخلافات مع المحافظة على حسن العلاقة بين الشركاء السابقين الذين يمكن اعتبارهم منافسين حاليين في المشهد السياسي.
وأضاف الدايمي "وجود شركائنا في الساحة السياسية مكسب للمؤتمر وليس ضربة ونحن على يقين بأننا سنجد أنفسنا في نفس الصف خلال المعارك القادمة سواء منها الانتخابية أو المتعلقة بحماية المسيرة الانتقالية".
وبشأن قرار ترشيح مؤسس الحزب الرئيس محمد المنصف المرزوقي إلى الانتخابات الرئاسية القادمة، قال عماد الدايمي إن الأمر سابق لأوانه وأنه مرتبط بتطور الأمور في الدستور وقوة حزب المؤتمر في حد ذاته، وما آلت إليه التجربة الحالية، مشددا على أن الرئيس المرزوقي سيأخذ وقته قبل الإعلان عن أي خطوة في هذا الاتجاه، على اعتبار أنه يتقدم حاليا في أداء المهام الموكلة إليه ويركز جهوده على تحصين مسارات الانتقال الديمقراطي عبر رعاية الحوار الوطني مع الأطراف السياسية كلها.
وبشأن موقفه من تمرير قانون العزل السياسي المعروف في تونس بـ"التحصين السياسي للثورة"، اعتبر الأمين العام لحزب المؤتمر أن هذا القانون أصبح أكثر إلحاحا ومشروعية من أي وقت مضى، معتبرا أن تحصين المسار الانتقالي يتطلب ضرورة استبعاد رموز النظام السابق عن المشهد السياسي.
وأضاف عماد الدايمي" نحن نعتبر أن تمرير قانون تحصين الثورة تلبية لمطالب شعبية وأن الرافضين له فئة قليلة، مشددا على أن هذه الأقلية التي تهدد التونسيين بأنهار من الدم والعنف إذا مر قانون العزل السياسي غير قادرة على كسر إرادة الشعب، لذلك سيمر قانون تحصين الثورة ولن يكون للقوى المعادية للثورة أي قدرة على التأثير على المسار الحالي وتحويله عن وجهته الصحيحة"، وفق قوله.
أرسل تعليقك