الدار البيضاء ـ هدى مصطفى
انتشرت ظاهرة روابط المشجعين "الألتراس" في مدرجات الملاعب المغربية، حتى أضحت المحرك الأساسي للمتعة والفرجة الكروية، بفضل ما تقدمه من صور إبداعية، عبر "التيفوهات" و"الفلام"، والتي تتفنن في إنجازها.
وتحيط ظاهرة ألتراس المغرب مظاهر إيجابية عديدة، وأخرى سلبية، أكبرها "الشغب"، الذي يتسبب في تشويه الوجه المشرق، الذي تضفيه على المدرجات.
وبدأت ظاهرة الألتراس تعرف طريقها إلى مدرجات البطولة المغربية عام 2005، على يد مجموعات عدة، منها "وينرز"، و"غرين بويز"، و"لوماس ماتادوريس"، والذين أبدعوا في رسم صور جميلة في المدرجات، وأصبحوا سببًا مباشرًا في جلب عدد أكبر من المتفرجين إلى الملاعب، وحتى وسائل الإعلام، سواء المحلية أو الخارجية، الشيء الذي أوصل رابطات التشجيع المغربية إلى العالمية، حيث احتلت ألتراس "وينرز" المرتبة السابعة في الترتيب العالمي للروابط، فيما جاء ألتراس "غرين بويز" في المرتبة الحادية عشر عالميًا.
وخوّل ترابط الألتراس لهم التحكم في زمام الأمور، حيث أضحت قوة ضاربة، يصل مداها إلى أبعد ما يمكن تصوره، وبإمكانها تغير رئيس الفريق، إذا لم يرقهم أدائه، في فترة تنصيبه كرئيس للنادي، كما فعلت ألتراس "غرين بويز"، حينما حملت شعار "باستا" في وجه الرئيس حنات، بغية مغاردته رئاسة فريق "الرجاء" الرياضي، عقب النتائج غير المرضية التي قدمها في نهاية فترة توليه للنادي، ووصلت الألتراس إلى مبتغاها، وقدم حنات استقالته، ليخلفه الرئيس الشاب محمد بودريقة.
وفي السياق ذاته، أوضح رئيس جمعية "العش الأخضر" أنس الجعفري، في تصريح إلى "المغرب اليوم"، أن "الألتراس هي قوة، لكنها لا تتحكم في كيفية تسير الفريق، إلا إذا تطلبت الأمور ذلك، كحالة الرئيس السابق حنات، حيث اضطررننا إلى الضغط على المنخرطين، بغية التصويت ضد حنات، وبالتالي تنحيه عن رئاسة فريق الرجاء".
وأشار الجعفري إلى أن "قوة ألتراس غرين بويز تتركز بالأساس في قاعدتها الجماهيرية، التي تعشق الفريق إلى حد الجنون، وتعتبره الأوكسجين الذي تتنفسه، ومستعدة بالتضحية بالغالي والنفيس لمصلحة الفريق العامة، ومجاورته أينما حل وارتحل"، وهو ما وافقه فيه فرد من ألتراس "وينرز".
ولفت عضو الألتراس إلى أنهم المسؤولين المباشرين، على حضور الجماهير للملعب، وأنهم يكتفون بوضع رسالة على الصفحة الخاصة بهم في مواقع التواصل الاجتماعية، لاسينما "فيس بوك"، لتطلع عليها الجماهير "الودادية"، حيث أدى هذا التحكم في الجماهير إلى جعل المكتب المسير للاعبين يمتثل لطلبات الألتراس.
ولم تعد صراعات الألتراس حبيسة مدرجات الملاعب، بل تجاوزتها إلى أزقة وشوارع المدن، حيث أضحينا نسمع بين الفينة والأخرى، عن حالات لشباب يتعرضون للضرب والجرح المؤدي إلى إصابات خطيرة، مظاهر سلبية، فسرها عضو "وينرز" بأن "البلاد برمتها تعرف مظاهر سلبية، لذا لا يمكن أن نستثني الألتراس، فهي ليست كاملة، وضروري أن تكون هناك سلبيات، ومظاهر الشغب من بين تلك السلبيات"، وأضاف بأنه "ليس العيب في السلبيات، بل العيب في التمادي فيها، وعدم السعي إلى تصحيحها".
وتطرق إلى الأسباب التي تؤدي إلى مظاهر الشغب خارج الملاعب، موضحًا أنها "الرغبة في استعراض القوة، وحب فرض السيطرة على الشارع البيضاوي، وكذا أخد الشاربات عنوة من الخصوم، وتصويرها ونشرها على فيس بوك، الشيء الذي أدى إلى حدوث حروب عديدة بين فرق الألتراس، والتي نتج عنها ضحايا عدة".
حرب أصبح من الصعب إخمادها، أو التحكم فيما ستؤول إليه، لاسيما في المرحلة الراهنة، والتي تعتبر صعبة بكل المقاييس، ولا مجال للتراجع عنها، سوى اللجوء إلى المصالحة بين ألتراس "وينرز" و"غرين بويز"، لكن عضو "وينرز" اعتبره شبه مستحيل، ولا يمكن إجراء أية مصالحة بين الغريمين التقليدين، رغم مطالبة العديد من الجهات المسؤولة بذلك.
الحقدبين الألتراس المتصارعين يمكن إرجاع جزء كبير منه إلى حالة الشاب شرف، الذي تعرض لهجوم شنيع، بواسطة سلاح "الساموراي"، من طرف مشجعين "رجاويين"، تسبب في بتر جزء من أنفه وشفته، مما سيستلزم على أقل تقدير سبع أو ثمانية ملايين، بغية إعادة ترميم الوجه.
حالة لم ينكرها، رئيس جمعية "العش الأخضر"، الذي اعتبر أن "الاعتداء على شرف حالة يتحمل فيها المعتدي كامل المسؤولية، ولا علاقة لها بالسلوك الرياضي"، متوجهًا بالاعتذار للشاب شرف.
وأوضح الجعفري أن "حالة شرف لم تكن الأولى، بل سبقتها اعتداءات، على أفراد من غرين بويز، تطلب عناية طبية مكثفة، وأنه تبعًا لهذه الأحداث، التي أصبحت تثير الخوف، ووصلت حد الهجوم على الأشخاص في منازلهم، أضحى من الضروري مواجهتها، عبر تدخل السلطات الأمنية"، لافتًا إلى أن "ألتراس غرين بويز في صدد عقد اجتماعات مكثفة مع المصالح الأمنية، وأعضاء ألتراس وينرز، بغية الوصول إلى حلول لتلطيف الأجواء في المرحلة الراهنة، وسيكون ذلك خلال الأيام القليلة المقبلة".
ولدى الألتراس مصطلحات خاصة بهم، منها
"تيفو" هو لوحة فنية، تقوم الألتراس بصناعتها، ولا تدوم أكثر من ثلاث دقائق في المدرجات، ولها أنواع عدة، كالكوريغرافي، ودخلة بالاطوندارات، ودخلة بالأعلام، وكلها تأتي مصاحبة بالشهب والألعاب النارية.
و"الكابو" هو الشخص الذي يتحكم في الألتراس، والذي يبدأ الغناء وذو شخصية قوية
و"الكراكاج" هو إطلاق أكثر من 7 من الفلام، بغية خلق احتفالية في المدرجات.
و"الميساج" هو توب مثل "التيفو"، لكنه صغير، ويكون مكتوب فيه رسالة إلى الفريق.
"البركاج" هو تنقل عدد كبير من الأشخاص
"الباش" هو قطعة توب أو بلاستيك، يكون مستطيل الشكل، ويكون مكتوب فيه اسم الألتراس، ووجوده ضروري، فبدونه لا يحتسب ألتراس، وحمايته واجب كبير للألتراس، فإذا سرق ستخلق عداوة بين الألتراس
"المنتوج" وهي المعدات الخاصة بالألتراس، وتكون على شكل قميص، أو إيشارب.
ومن مبادئ الألتراس، الـ"أنتي ميديا"، حيث ترجع فكرة رفض الألتراس للصحافة، إلى المواجهات القديمة، التي كانت تحدث بين الألتراس الإيطالية، التي تعتبر البداية الأولى للظاهرة، حيث كان المشجعون الإيطاليون، ينبذون الصحافة، لأنها كانت موالية للرئيس بيرلوسكوني، والذي كان يتعرض للسب من طرف الألتراس الإيطالية، الشيء الذي دفع الصحافة، لاتهامهم بأنهم مثيرون لأعمال الشغب، ومجرد لصوص ومعدومين، وبما أن إيطاليا هي مهد الأالتراس على مر العصور، فإن الألتراس المغربية، استلهمت هذه الفكرة وتبنتها، وأصبحت بدورها ترفض الحديث إلى الصحافة، وتعتبرهم في منزلة الأعداء.
وكذلك من مبادئ الألتراس "أنتي بوليس"، حيث لم تخفي الألتراس المغربية بُغضها لرجال الأمن، وفسروا هذا الحقد بسبب التصرفات العنيفة، التي تمارسها السلطات الأمنية عليهم، حيث قالوا بأنهم يتعرضون للضرب والشتم، إضافة إلى المنع من دخول الملعب في بعض الأحيان، ما خلق علاقة متوترة بين الألتراس والشرطي.
وتعتبر الأناشيد التي يرددها المشجعون من أهم مكونات عالم الألتراس، حيث يعتبرونها فرصة للتغني بتاريخ النادي، أو سب الفريق الخصم، عبر تعداد هزائمه وعيوبه، فضلاً عن أنها تعتبر محفزًا حقيقيًا لللاعبين داخل أرضية الملعب، حيث يصل صوت الألتراس إلى أذانهم، ما يدفعهم إلى تقديم كل ما لديهم، هذا من جانب، أما الجانب الآخر، وهو الحركية التي تعطيها الأناشيد للمشاهدين، حيث تدفع المشجعين إلى تسعين دقيقة كاملة دون الإحساس بالملل أو العياء.
ومن أخطر مبادئ الألتراس "الكورطيج" وهو حمل "الباش"، المدون عليه اسم الألتراس، في "الديبلاسمون"، أي انتقال الألتراس إلى مدينة أخرى، حيث سيلعب فريقها مباراة أمام فريق آخر، والمشي "بالباش" في شوارع المدينة إلى حين الوصول إلى الملعب، وإذا لم يتم منع الألتراس من هذا التصرف، من طرف الألتراس الخصم، فتتعبر فائزة وهي الألتراس القوية، لكن في غالب الأحيان، إذا لم نقل دائمًا، يتم منع الألتراس الزائرة، من طرف أصحاب الأرض، وتكون غالبًا عباراة عن مواجهات دامية بين الطرفيين.
وتعتبر سرقة "الباش" من بين أخطر الأمور في عالم الألتراس، والتي تؤدي إلى حروب دامية، حيث يعتبر الباش كالفتاة البكر، وسرقتها مثل اغتصابها عنوة، والألتراس التي يسرق لها هي عائلة الفتاة المغتصبة، ما يتوجب الثأر ولاشيء غيره. ارين برابح، لحكل، زين الدين، الحسوني، بودن، عثمان، نجدي، هجهوج.
أرسل تعليقك