إدراج السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب يُفاقم أزماته المستعصية
آخر تحديث GMT13:39:58
 العرب اليوم -

إدراج السودان على "قائمة الدول الراعية للإرهاب" يُفاقم أزماته المستعصية

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - إدراج السودان على "قائمة الدول الراعية للإرهاب" يُفاقم أزماته المستعصية

رجل الأعمال السوداني سمير أحمد قاسم
الخرطوم - العرب اليوم

رسم رجل الأعمال السوداني سمير أحمد قاسم، لنفسه صورة زاهية عن بلاده، وكله تطلع لمستقبل أفضل، وذلك عندما رفعت واشنطن قبل عام العقوبات الاقتصادية التي فرضتها لمدة عقدين من الزمن على الخرطوم، لكن التدهور الذي حدث منذ ذلك الوقت جعله يتخلص من عشرات العمال في مصنعه.

يقول قاسم من داخل مؤسسته التي تصنع المواد الغذائية والعصائر لوكالة الصحافة الفرنسية: "الآن مصنعنا يعمل 8 ساعات فقط، مقارنة بـ24 ساعة في السابق"، وعقب إلغاء العقوبات في 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، برزت توقعات بأن يتجاوز الاقتصاد السوداني أزمته، أو جزءا كبيرا منها على الأقل، لكن رجال أعمال سودانيين يؤكدون أن بقاء السودان في «قائمة الدول الراعية للإرهاب» حطم هذه الآمال.

وقال سمير بنبرة حزينة: «لقد أرغمنا ارتفاع تكاليف الإنتاج على تسريح كثير من عمالنا»، مشيرا إلى أنه يعتبر أكثر حظا من بعض رجال الأعمال؛ لأن مئات المصانع أغلقت أبوابها.

ويوضح مسؤولون أنه على الرغم من زوال العوائق القانونية أمام الاستثمار في السودان، فإن المصارف الدولية والمؤسسات المالية العالمية والمستثمرين لا يزالون يخشون القيام بتعاملات تجارية مع بلد تدرجه واشنطن على قائمتها السوداء. وفي هذا الصدد يقول أسامة داوود عبداللطيف، رئيس مجموعة شركات «دال» الأكبر في السودان: «لقد فقدنا فرص تمويل تبحث عن مشروعات جيدة».

ويضيف عبداللطيف، الذي يدير استثمارات تتجاوز 1.5 مليار دولار في مجالات مختلفة من الزراعة إلى العقارات: «المشكلة في القيود.. فبقاء اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب حرمه من موارد دولية كانت ستساعد الاقتصاد على التعافي من التدهور».

ويتابع عبداللطيف لوكالة الصحافة الفرنسية خلال وجوده في ملعبه للغولف بضاحية الخرطوم: «من مصلحة واشنطن والخرطوم الخروج من هذا النفق، لكن من سوء الحظ أن الولايات المتحدة تغير أهدافها كل مرة، ما يصعب الوصول إلى حل نهائي».

ووضعت الخرطوم سنة 1993 ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، بحجة مساندتها لمجموعات إسلامية متشددة، وقصفت بالصواريخ منشآت صناعية في الخرطوم سنة 1998. وعاش مؤسس وزعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن في السودان خلال الفترة الممتدة من 1992 إلى 1996.

ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي ازدادت وطأة أزمة السودان الاقتصادية، حسب عدد من المراقبين الاقتصاديين، وأصبحت رؤية طوابير الحصول على وقود السيارات ورغيف الخبز، 

وأشياء ضرورية أخرى، أمرا عاديا في شوارع الخرطوم. كما أدى وضع البلاد على القائمة إلى نقص في العملات الأجنبية، إذ أحجمت المصارف الدولية عن إجراء التحويلات من المصارف السودانية. وفي حين ظل اقتصاد البلاد على مدى عقد من الزمن، حتى عام 2008، يسجل نموا بلغ 6 في المائة، أخذ في التراجع بعد ذلك. وبرزت الأزمة بشكل أوضح عقب عام 2011 عندما انفصل جنوب السودان عن بقية البلاد، وأخذ معه عائدات النفط وتراجع الاحتياط من العملات الأجنبية.

ووفقا لصندوق النقد الدولي، فإن الاقتصاد السوداني نما بنسبة 3.2 في المائة سنة 2017 في ظل دين خارجي بلغ نحو 55 مليار دولار.

ومنذ يناير الماضي، تضاعفت أسعار المواد الغذائية، واقترب معدل التضخم من 70 في المائة، ما تسبب في خروج مظاهرات ضد الحكومة.

يقول أحمد أمين، رئيس مجموعة شركات «سي تي سي»، وهي واحدة من كبريات الشركات بالبلاد: «بلغ العجز التجاري 60 في المائة، وقد أثر ذلك مباشرة في تراجع قيمة الجنيه السوداني»، مشيرا إلى أن رفع اسم السودان من قائمة واشنطن سيكون رسالة إلى المستثمرين فيما وراء البحار مفادها أنه «يمكنكم الآن دعم السودان».
بيد أن أسامة عبد اللطيف يوضح في المقابل أن اقتصاد السودان لم يتأثر فقط بما فعلته واشنطن، بل بما فعله السودان نفسه الذي «ضيع فرصا» لزيادة نموه، عندما كان يستمتع بحوافز عائدات النفط. وقال بهذا الخصوص: «أعتقد أنه كان علينا أن نعمل أكثر في قطاع الزراعة باستخدام الدخل، الذي استمتعنا به من النفط».

ويستورد السودان ملايين الأطنان من القمح وحبوبا أخرى، رغم أن المنتجات الزراعية هي صادراته الرئيسية. كما أن لديه ثروة حيوانية تصل إلى نحو 120 مليون رأس واحتياطي من الذهب والحديد.

من جهته، قال ستيفن كوستيس، رئيس بعثة واشنطن الدبلوماسية لدى الخرطوم، إن الطريق ما زال شاقا أمام الخرطوم. مؤكدا أن وضع السودان في القائمة السوداء وضع قيودا على نمو الاقتصاد، لكنه شدد على أن السودان «كان له خيارات اقتصادية سيئة لأعوام».

ويتابع كوستيس من داخل مقر بعثته: «من جانب الولايات المتحدة، فإن أكبر وأهم شيء يمكن القيام به هو الوصول إلى مكان يسمح لها بإزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب»، مشددا أن جزءا من أجندته خلال فترة وجوده في السودان هو مساعدته على تحقيق الشروط التي تتيح له ذلك. أما عبد اللطيف فيشدد على وجوب قيام السودان بعدد من الإصلاحات في اقتصاده، مثل توحيد سعر صرف العملة بين القيمة الرسمية، وفي السوق السوداء. ويقول إن «الكلمات الطيبة وحدها لن تساعد الناس. علينا إيجاد سبيل لمساعدتهم. وآخر ما نريده هو وجود أناس جوعى».

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إدراج السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب يُفاقم أزماته المستعصية إدراج السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب يُفاقم أزماته المستعصية



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab