القاهره ـ العرب اليوم
مشادة كلامية معتادة وقعت بين الشاب العشريني ووالده داخل منزلهما بشارع القومية في منطقة إمبابة شمال محافظة الجيزة، انتهت بمغادرة الابن قاصدا شقة مستأجرة يقطنها أصدقاؤه بمنطقة فيصل بالمريوطية، بحثا عن إراحة ذهنه الذي أرهقه التفكير دون أن يدري بخلده بأن تذكرة رحلته "ذهاب دون عودة". تقابل "عسكر" مع صديقه وانطلقا صوب شقة استأجرها زملاؤهم بأحد الأبراج السكنية بشارع فيصل، وحظي الاثنان بمقابلة حارة تخللتها دهشة من رغبة الأول للمبيت رفقتهم عبر عنها أحدهم بسؤاله "إنت متخانق مع والدك ولا ايه؟". صباح
أمس الخميس، تلقى ابن الـ27 سنة اتصالا من والدته، بدا صوتها متعبًا كما لو انتهت للتو من "خناقة" الأمر الذي تكشف مع شرح الأم لابنها "أبوك ضربني.. أنا هطلق.. تعبت خلاص". احتدم النقاش بين الأم وفلذة كبدها، ارتفع صوت الأخير تعبيرًا عن غضبه وأفعال والده التي طالما سئم منها. لاحظ صديق "محمد" ارتفاع حدة المكالمة، فأسرع مطالبا إياه "وطي صوتك شوية.. إحنا ضيوف عند الناس". رفض خريج كلية نظم ومعلومات إدارية طلب صديقه؛ لينهي حديثه مع أمه، معتليًا سور الشرفة للشقة الكائنة بالطابق التاسع مرددًا "زهقت من الدنيا
وعايز أنتحر.. قولوا لأبويا إنه السبب". للوهلة الأولى ظن الأصدقاء أن أفعال ضيفهم "محمد" محض مُزحة لكن سرعان ما أيقنوا بحقيقة الأمر لدى اعتلاء الشاب العشريني وحدة التكييف الخارجية فأسرعوا لمنعه مطالبين إياه بألا يقترف جريمة بحق نفسه. أمسك الأصدقاء بـ"عسكر" من "تي شيرت" كان يرتديه أملا في إنقاذه لكن فشلت مساعيهم وقاطنو الشقق
المجاورة -لا سيما حديث سيدة بصبغة عاطفية حاولت إثناءه عن الانتحار- حتى أنه خلع الـ"تي شيرت"؛ ليسقط جثة هامدة فور ارتطامه بالأرض. دقائق قليلة اكتظ معها الشارع الشهير بالمارة والسكان -على حد سواء- دهشة ممزوجة بحسرة علت وجوه الحضور، في الوقت الذي بث أحدهم مقطع فيديو -لا يتجاوز الـ10 ثوانٍ- يرصد اللحظات الأخيرة التي سبقت انتحار الشاب -يتحفظ "مصراوي" على نشره نظرا لبشاعته-. وصلت سيارات الشرطة من قسم شرطة الهرم بقيادة العقيد محمد نبيل مأمور القسم، والمقدم محمد الصغير رئيس المباحث، ومعاونه الرائد هاني عجلان. فرضت قوات الأمن طوقا بمحيط الجثة، ومنعت اقتراب أحد لحين وصول رجال الأدلة الجنائية والنيابة العامة لمناظرة الجثمان، وتحديد أسباب الوفاة قبل إيداعها مشرحة مستشفى الهرم. وجاء في محضر الشرطة أن أحد الأشخاص (27 سنة) أقدم على الانتحار؛ بسبب خلافات أسرية، إذ قفز من الدور التاسع بمسكن صديقه بشارع فيصل بدائرة مركز شرطة الهرم، وفشلت محاولات أصدقائه لإنقاذه عقب تعلقه بسور الشرفة.
أرسل تعليقك