القاهرة ـ العرب اليوم
أنهت دار الإفتاء المصرية، الجدل حول صلاة الجماعة في شهر رمضان الكريم، في ظل أزمة فيروس كورونا المستجدّ، وإغلاق المساجد للحد من التجمعات في محاولة للتصدي لتداعيات الفيروس والحد من انتشاره، مؤكدة أن "صلاة الجماعة" على الراجح فرضُ كفايةِ بمعنى أنه لا يَأثم من تَركها إذا قام بها غيره من الناس، مؤكدة أنه من اعتاد عمل الخير ومنه صلاة الجماعة في المسجد، ثم منعه عذر ليس بيده فله أجر ما كان يفعله قبل العذر، وهنا يأخذ ثواب الجماعة كأنها في المسجد، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذَا مَرِضَ العَبْدُ، أوْ سَافَرَ، كُتِبَ له مِثْلُ ما كانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا " ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : « مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ (أي : الصُّبح) فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ » . وأكد الدكتور مجدي عاشور المستشار، العلمي لمفتي الجمهورية المصري، أن الاجتماع للذكر والدعاء وقراءة القرآن الكريم أمر مشروع بل قد يكون مستحبًّا ولكنْ إذا تَرَتّب ضررٌ بسبب اجتماع الناس - ولو بالطاعة وفعل الخير - فإنه يصير حرامًا شرعًا مثل الاجتماع وقت الأوبئة وخوف انتشار الأمراض المُعْدِيَة.
وقال عاشور ، في تصريحات صحافية السبت ، "إن الذكر والدعاء أمر مستحب في الأصل ويكون في كل وقت حيث لم يحدد الله تعالى لهما زمانًا أو مكانًا ويزداد الأمر استحبابًا عند الاجتماع عليهما في الكوارث والنوازل والأزمات يقول تعالى عند سيدنا زكريا عليه السلام وزوجته : (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)".
وأضاف : "ولكن ليس كل ما كان مشروعًا أو مستحبًّا يصلح في كل وقتٍ أو حال بل يرتبط ذلك بأن لا يكون وسيلة لوقوع الضرر على المجتمعين لعبادة الذكر والدعاء ولو كان بتلاوة القرآن ؛ إذ الخير والطاعة لا يأتيان بِشَرٍّ أو ضررٍ على الفَرْدِ أو المجموع مستشهدا بقول الله تبارك وتعالى : (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لَا ضَرَرَ ولَا ضِرَار".
وأشار إلى ما ذكره الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه (بذل الماعون في فضل الطاعون)عن ضرر ما حدث للناس في عصره عند اجتماعهم للدعاء والصلاة في زمن الوباء فقال : "ووقع هذا في زماننا، حين وقع أوَّلُ الطاعونِ بالقاهرة في 27 من شهر ربيع الآخَر سنة (833 هـ)، فكان عددُ من يموتُ بها دون الأربعين فخرجوا إلى الصحراء في 4 جمادى الأولى بعد أن نُودي فيهم بصيام ثلاثة أيامٍ، كما في الاستسقاء، واجتمعوا، ودعوا، وأقاموا ساعةً، ثم رجعوا، فما انسلخ الشهر حتى صار عددُ من يموت في كل يومٍ بالقاهرة فوق الألف، ثم تزايد".
أرسل تعليقك