يواجه سكان مدينة فلينت في ولاية ميشيغن (الوسط الغربي للولايات المتحدة) تحديا كبيرا يكمن في تجنب الاصابة بتسمم بالرصاص جراء استخدام المياه التي تحوي كميات كبيرة منه، عند اعداد الطعام او غسل الاواني.
فكيف يمكن غسل الخضار وتنظيف الأواني في المطبخ او الطهو مع تلوث مياه الصنابير بمادة الرصاص؟ على مدى اكثر من عام، تلقى سكان هذه المدينة التي تعاني اقتصادا متدهورا ماء شديدة الحموضة لدرجة أنها تسببت بتآكل الأنابيب في شبكة التوزيع.
وسجل ازدياد مقلق في مستويات الرصاص في الدم في اوساط السكان ما يقوض خصوصا نمو القدرات الحركية والإدراكية لدى جزء كبير من الاطفال.
هذه الفضيحة الصحية التي تثير سخط ملايين الاميركيين احتلت موقعا محوريا في المناظرة التي تواجه فيها الاحد في فلينت المرشحان الديموقراطيان للسباق الى الرئاسة الاميركية هيلاري كلينتون وبرني ساندرز.
وبانتظار تغيير الأنابيب المائية الخطيرة على الصحة العامة، وهي عملية تستغرق سنوات، يواصل السكان استخدام المياه رغم حالة الهلع التي يعيشونها وتدفعهم الى تغيير عاداتهم.
ويقول روبرت كميريك وهو عامل طباعة متقاعد في سن الثانية والسبعين "مياه الصنبور هذه تخيفني. استخدم عبوات مياه معدنية في كل شيء. لا اريد ان اموت".
ويقتصر الرد الرئيسي من السلطات حتى اللحظة على توزيع ملايين عبوات المياه البلاستيكية، في عملية ضخمة تمت تعبئة جنود الحرس الوطني ومئات المتطوعين لها.
كذلك تم توزيع مئة وثمانية الاف جهاز تكرير لمياه الصنابير على الاف الأسر المتضررة. غير أن اكثرية السكان يبدون عدم ثقتهم بهذه المعدات بعدما خدعوا طويلا ببيانات الطمأنة الصادرة عن دوائر حاكم ولاية ميشيغن.
وتقول العاملة الاجتماعية وربة الأسرة شيا مورغان "نحتاج تقريبا الى عشر عبوات للمياه لتحضير وجبة طعام"، مضيفة "يجب دائما التأكد من وجود ما يكفي من العبوات في المنزل، الأمر لم يعد ممتعا".
"مبادرات للطمأنة"
وتطرح الحاجة للتزود الدائم بهذه الحزم من عبوات المياه تحديات يومية بالنسبة للعائلات تشمل النقل والتخزين وصولا الى اعادة التدوير.
أما بالنسبة للمحال التجارية والمقاهي والمطاعم، فأصحابها يحاولون طمأنة زبائنهم. فعلى سبيل المثال، يضع مقهى "ريما" الرائج في وسط المدينة لافتة عند المدخل عليها عبارة "هنا نقدم مياه نقية بفضل استخدام تقنية التناضح العكسي" لتنقية المياه.
كذلك يؤكد مزارعون في سوق "فلينت فارمرز ماركت" المجاور أن منتجاتهم "خالية من الرصاص". وفي هذه السوق الداخلية يتم التركيز خصوصا على الاطعمة الموصى بتناولها لتجنب تلك التي تصاب بالضرر جراء تلوث المياه بالرصاص، وفق كاريان مارتوس مديرة الموقع.
حتى أن احدى زوايا المبنى مخصصة لتقديم حصص مجانية للطهو بعنوان "الغذاء والرصاص". وتلفت خبيرة التغذية المسؤولة عن هذه الحصص جوانا شيل لوكالة فرانس برس الى ان "كل الاطعمة الغنية بالحديد والفيتامين سي والكالسيوم لها فعالية خاصة في محاربة امتصاص الرصاص" داخل الجسم.
أرسل تعليقك