لندن ـ وكالات
على مدى 20 عاماً كانت أية شركة مهتمة بالطاقة الخضراء تعلم أين يوجد المركز العالمي للطاقة المتجددة بالضبط: أوروبا.
وبقي الحال كذلك أثناء أغلب فترة الأزمة المالية، وحتى خلال الفصول الأولى من كارثة منطقة اليورو. لكن مع اقتراب الذكرى الثالثة لعملية إنقاذ اليونان، يوجد الآن تغير يسير على قدم وساق في القارة التي أعطت العالم أكبر سوق للكربون، وأكثر أنواع الدعم كفاءة للكهرباء الخضراء، وأول مزارع لتوليد الكهرباء من الرياح في البحر، لكن من السابق لأوانه أن ندعو ذلك انعطافاً تاماً، دعك عن وصفه بأنه انعكاس دائم.
وبدأ التوتر يتزايد بشكل واضح بشأن تكلفة معالجة مسألة التغير المناخي وإنشاء بنية تحتية للكهرباء الخضراء في أقدم القوى الصناعية في العالم.
وظهرت علامات الخطر المبكرة في وقت متأخر من العام الماضي، عندما تراجع الاتحاد الأوروبي أمام صيحات غضب من الولايات المتحدة والصين ودول أخرى تتعلق بمحاولاته فرض رسوم على شركات الطيران العالمية بسبب تلوث الكربون - ما أدى إلى تأجيل أكثر تحركات الاتحاد الأوروبي شجاعة حتى الآن من أجل توسيع قوانينه الخاصة حول التغير المناخي وتطبيقها على باقي العالم.
وفي الوقت نفسه تقريباً، انهار مخطط يكلف 1.5 مليار يورو للمساعدة في تمويل شركات تحاول بناء تجهيزات لحبس الكربون، بعد أن ترددت الحكومات في توفير أموال مقابلة للمشاريع.
لكن كل هذا يبدو هزيلاً مقارنة بالقنبلة التي أتت هذا العام من ألمانيا. فقد كان أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي بطلا للطاقة المتجددة وملاذاً يستطيع المستثمرون الاعتماد عليه في هذا المجال. وجعل ذلك من ألمانيا رائدة في مجال البيئة حتى قبل فترة من قرار إلغاء الطاقة النووية بعد كارثة فوكوشيما في اليابان عام 2011، ودفعها إلى زيادة توليدها للطاقة المتجددة أكثر حتى من ذي قبل.
ورغم أن ألمانيا ليست مشمسة تماماً ولا حتى تهب فيها رياح كثيرة، إلا أنها تشكل الآن تقريباً نصف قدرة الطاقة الشمسية في أوروبا و30 في المائة من طاقة الرياح فيها.
وساهمت الطاقة المتجددة – وأغلبها من الرياح والشمس والكتل الحيوية – بما يصل إلى 22 في المائة من توليد الطاقة الكهربائية في ألمانيا في العام الماضي.
لكن مع تضاعف الضريبة المضافة لفواتير الطاقة في ألمانيا، للمساعدة في دفع ثمن هذا النمو، والتي وصلت إلى ما يقارب 0.053 يورو لكل كيلو واط في الساعة – ومع اقتراب الانتخابات في أيلول (سبتمبر) – كشف وزير البيئة الألماني، بيتر ألتماير، عن خطط لتجميد إعانات الطاقة المتجددة لمدة عامين. وقال أيضاً إن الزيادات في المستقبل ستكون محددة بعد ذلك بنسبة 2.5 في المائة كل سنة.
وتتضمن الاقتراحات الأخرى الرامية لتقليص النفقات شرطا يقضي بأن يبيع مولدو الطاقة المتجددة الكهرباء التي ينتجونها إلى المشترين بموجب اتفاقيات شراء طويلة الأمد – وهو ما يعتبر خياراً أقل جاذبية بكثير من النظام الحالي القائم على بيع الطاقة للشبكة التي تدفع لقاء ذلك تعرفة محددة.
ومن المفروض أن يبدأ تنفيذ هذه الإجراءات اعتباراً من آب (أغسطس) المقبل، لكنها تواجه معارضة سياسية قوية بحيث لا يمكن حدوث شيء قبل الانتخابات المقبلة.
ومع هذا، كانت نتائج ذلك سريعة. فقد قامت واحدة من أكبر شركات المنافع، التي تمتلك استثمارات لا يستهان بها في الطاقة المتجددة، بتعليق مشاريعها الجديدة في الطاقة النظيفة. ومن المرجح ألا يكون هذا الإجراء الأخير.
وقال ستيفان شميتز، من ''ريد سميثز'' في كلمة أمام مؤتمر ميجماركت الذي عقد أخيرا في لندن بمشاركة هيئات تمويل الطاقة المتجددة: ''المستثمرون خائفون. فقد قرر عدد من أكبر المستثمرين في هذا القطاع الانسحاب من السوق الألمانية بسبب الشكوك المتعلقة بذلك''.
وليست هذه أول علامة على التراجع عن دعم الطاقة الخضراء في بلدان الاتحاد الأوروبي. فالبلدان المأزومة مالياً مثل إسبانيا وإيطاليا والبرتغال تراجعت بالفعل عن مكافآتها التشجيعية.
والأمر لا يتوقف عند هذا الحد. ستكون ألمانيا في الأسبوع المقبل في مركز تجربة مهمة لاختبار حماس دول الاتحاد الأوروبي للطاقة الخضراء. وفي وقت ما في حدود 16 نيسان (أبريل)، سيكون على البرلمان الأوروبي التصويت على ما إذا كان عليه الوقوف ضد نظام تداول الانبعاثات المثير للجدل في الاتحاد الأوروبي.
وتحطمت الأسعار في العام الماضي ووصلت إلى مستويات متدنية قياسية في الوقت الذي كانت فيه المتاعب الاقتصادية لهذه الكتلة تؤدي إلى تفاقم أكبر خلل يصيب هذه السوق التي عمرها ثماني سنوات، وهو التخمة في علاوات الكربون التي حدثت عند البدء بهذه العلاوات.
وكانت الإعانة لانبعاثات تعادل طنا واحدا من ثاني أكسيد الكربون تساوي 30 يورو قبل خمس سنوات، وهي الآن تكلف نحو أربعة ''يورو''. ووضعت بروكسل بديلاً مؤقتاً للتشديد بسحب 900 مليون إعانة بصورة مؤقتة، لكن تصويتاً غير ملزم في الشهر الماضي وافق عليه الأعضاء فقط بأغلبية ضعيفة بلغت ثلاثة أصوات.
وإذا فشل التصويت النهائي في الأسبوع المقبل، سيكون ذلك نكسة سيقتنصها معارضو تسعير الكربون حول العالم. وأحد الأسباب المهمة التي أفشلت خطة الإنقاذ هي أنها لم تكن مدعومة بجدية من ألمانيا.
والوزراء منقسمون حول ذلك، والمستشارة أنجيلا ميركل فشلت في اتخاذ قرارها حول المسألة.
في مثل هذا الوقت قبل سنة، كان سيبدو من الغريب أن يقال إن سياسة أوروبا الرائدة بخصوص التغيرات المناخية يمكن أن تعاني متاعب بسبب عوامل اللبس الألمانية، لكن الأشياء مختلفة في 2013.
أرسل تعليقك