معرض سويسري يروي قصة عاشق النقوش العربية
آخر تحديث GMT14:49:02
 العرب اليوم -

معرض سويسري يروي قصة عاشق النقوش العربية

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - معرض سويسري يروي قصة عاشق النقوش العربية

متحف الفنون الزخرفية في باريس
لندن - العرب اليوم

ما الذي يدفع عالماً سويسرياً إلى قضاء أيام وأشهر طويلة في مدن عربية يتجول بين أحيائها حاملاً معه معدات وآلات تصوير وسلماً خشبياً لتفقد النقوشات على البيوت المتداعية وتسجيلها بحرص شديد؟ سؤال قد يطرأ على ذهن من يقرأ أن متحف الفن والتاريخ في مدينة جنيف قرر تخصيص معرض عن المستشرق السويسري ماكس فان بيرشم وعمله الرائد في توثيق النقوشات والكتابات العربية.
المتحف الذي احتفل بمرور 100 عام على إنشائه يبدو لي غامضاً مثل شخصية فان بيرشم. يبدد الحديث مع مدير المتحف المعين حديثاً، مارك - أوليفييه والر، كثيراً من الغموض، ويرفع ستائر النسيان عن عالِم أمضى حياته يستكشف النقوشات العربية والفن الإسلامي، وأصبح مرجعاً للعلماء والمهتمين بالفن الإسلامي في القرن التاسع عشر.

لِمَ تغيب عنا أسماء هامة أثّرت في تاريخنا المعاصر، مثل فان بيرشم؟ لا تتحدث عنه مؤسساتنا الثقافية، ينبغي أن تكون دارساً متخصصاً لتعرف عنه. المعرض المقام عنه بمتحف جنيف يكشف لنا قصة العالم السويسري الذي جال في شوارع القاهرة ودمشق ليسجل لنا وللتاريخ بعض المعالم التي اختفت بفعل تسارع خطى التحديث وعصرنة المدن العربية.

يحمل المعرض عنوان «ماكس فان بيرشم ومغامرة الكتابة العربية». يحكي قصة فان بيرشم الذي «يتذكره قليل من سكان جنيف اليوم» ودوره في تأسيس دراسة النقوش العربية وأهمية عمله في فهم الحضارة والفن الإسلامي في أوائل القرن العشرين.

فان بيرشم كان موسيقياً ومصوراً ودارساً للغات الشرقية. بعد رحلتين إلى مصر وسوريا في عامي 1886 و1888 عاين تدمير كثير من المعالم الإسلامية في المدن التي خضعت للتوسع والتحديث السريع، هناك اكتشف ماكس فان بيرشم مهمته ومهنته التي نتج عنها كتابه الشهير عن النقوش العربية «Inscriptionum Arabicarum».

كتب فان بيرشم عن ذلك: «تم إهمال الآثار الإسلامية، ولن تكون أطلالها التي لا تزال رائعة في القريب العاجل أكثر من بقايا عديمة الشكل لماضٍ مجيد وفني، مجموعة نقوشهم التاريخية تختفي، يجب تسجيل جميع النصوص المنقوشة على المساجد والمقابر والقلاع والجسور على الفور، وتصوير الآثار، واستكشاف جميع المناطق الإسلامية».

أسأل والر عن معرض بيرشم الذي يبدو تقليدياً بمفهوم المتاحف العالمية، ويجيب أن المعرض بالفعل «تقليدي»، لكنه يرى أن طبيعته وموضوعه دسم جداً، «المعرض علمي للغاية، يجب على الزائر التمعن وقراءة اللافتات والنقوشات، أعتقد أنه عرض (ثقافي)، ولكنه أيضاً عرض رائع، في عمقه ذلك العشق والحماسة التي اتصف بها بيرشم، كل ذلك دفعه لدراسة النقوش العربية التي أدرك خلال رحلاته لسوريا ومصر أهمية المحافظة عليها قبل أن تندثر. كانت الحماسة المتقدة هي دافع بيرشم، وأيضاً سبب وفاته في الثامنة والخمسين من العمر».

يلفت إلى أن بيرشم كان على علاقة وثيقة مع كثير من العلماء والدارسين في وقته: «أرى أن شبكة العلاقات التي استطاع تكوينها عبر عمله كانت مهمة جداً». اشتهر ماكس فان بيرشم بأنه متخصص في الكتابة العربية، وقد طوّر مراسلات مكثفة (آلاف الرسائل) مع شبكة دولية من المستشرقين، الذين كان يجيب عليهم دائماً بالتفصيل، وأحياناً يرسل إليهم «مذكرات علمية». أرسلوا إليه صوراً، واستطلاعات رأي، وعروض خدمة، وطلبات لتحديد الهوية، وتصحيحات لمنشوراتهم... إلخ. كتب له لورنس العرب الشهير يطلب رأيه في نقش مكتشف في العقبة بالأردن.

القراءة عن بيرشم وأيامه في الشرق مليئة بالقصص الممتعة، أمامنا عالِم أخذ على عاتقه تسجيل النقوش في البيوت وعلى المباني المعرضة للهدم، كان يحمل معه كاميرا وأوراقاً وأقلاماً للتدوين، يصحبه فريق صغير يساعده، ويحمل سلماً متواضعاً للوصول للنقوشات أعلى الجدران، في بعض الأحيان كان يقوم بدفع المبالغ المالية لأصحاب البيوت ليستطيع الدخول لها.

عمله الميداني في الشرق تطلب منه رحلات كثيرة كانت تستمر أحياناً عدة أشهر، عن طريق القارب أو القطار أو على ظهور الخيل، في المناطق التي كانت غير مستقرة سياسياً، حاملاً المعدات التي تم تكييفها لتسجيل النقوش عن طريق الختم، قال في مذكراته: «غالباً ما يكون السلم ضرورياً، بالإضافة إلى إزميل لإزالة التبييض ؛ عندما يكون النقش على الحجر يجب استخدام أداة خشبية ناعمة أو متداعية. أخيراً، نظراً لأننا غالباً ما نضطر إلى دخول المنازل الخاصة، وتسلق الجدران وإجبار التعليمات، فسوف نستخدم قدراً معيناً من الدبلوماسية، بمساعدة بضعة دولارات، وهي وسائل مشروعة جداً مثل هذه القضية غير المهمة».

تقديم الفن الإسلامي

نال بيرشم كرسام نقوش سمعة وشهرة سرعان ما جعلته على اتصال بهواة الجمع والقيمين الذين أرادوا فك رموز النقوش على بعض مقتنياتهم الإسلامية الطابع والاستفادة من خبرته. شارك في معرضين رئيسيين أصبحا من المعالم البارزة في دراسة الفن الإسلامي. تم تنظيم الأول في عام 1903 في متحف الفنون الزخرفية في باريس من قبل جاستون ميجون، أمين متحف اللوفر، وقدم لأول مرة رؤية عالمية وتاريخية للفن الإسلامي. تم تنظيم المعرض الثاني في عام 1910 في ميونيخ من قبل جامع الآثار وعالم الآثار ومؤرخ الفن فريدريش سار. نظراً لحجمه (3600 قطعة معروضة) وهدفه لكسر كليشيهات الاستشراق من خلال تقديم الفن الإسلامي بطريقة علمية وحديثة، كان هذا المعرض من أهم المعالم في تاريخ دراسة الفن الإسلامي.

في المعرض المقام بمتحف جنيف للفن والتاريخ توجد مجموعة من القطع التي تسجل مغامرة بيرشم الهائلة في تسجيل النقوش العربية، مثل دفاتر تحتوي على رسومات معمارية ومناظر طبيعية، ومنشورات، وأدلة سفر، وصور عائلية، ومراسلات، وما إلى ذلك. كما يقدم عدداً من المعروضات التي قدمت في معرض 1903 في باريس و1910 في ميونيخ، وذلك لتوضيح مشاركة ماكس فان بيركيم في الدراسة العلمية وتقدير الفن الإسلامي.

متحف جنيف للفن والتاريخ:  

http://institutions.ville-geneve.ch/en/mah/expositions-evenements/expositions/current

قد يهمك ايضا:

كثير من الليبيين يتخوفون من ضياع "ثرواتهم التراثية" التي احتفظوا بها مئات السنين

مصر تُعير 84 قطعةً أثريةً مِن مقتنيات متحف الفن الإسلامي للسعودية

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معرض سويسري يروي قصة عاشق النقوش العربية معرض سويسري يروي قصة عاشق النقوش العربية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab