سماح المغوش تستحضر الجرح الفلسطيني في مجموعتها القصصية
آخر تحديث GMT05:05:33
 العرب اليوم -

سماح المغوش تستحضر الجرح الفلسطيني في مجموعتها القصصية

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - سماح المغوش تستحضر الجرح الفلسطيني في مجموعتها القصصية

أبوظبي ـ محمد جمال المجايدة

استضافت جماعة الإبداع التابعة لاتحاد كتّاب وأدباء الإمارات في أبوظبي في مقره في المسرح الوطني مؤخرًا  الكاتبة السورية سماح المغوش في أمسية أدبية حضرها عدد من الكتاب والأدباء. قرأت سماح مجموعة من قصصها القصيرة وهي: "السلطان والوحش"، خلف الأسلاك"، "ندم"، وتنمّ هذه القصص عن حالة من الهم التي تساور الكاتبة من خلال قراءتها للواقع ونظرتها له، وهذا ما يضفي على القصص عمقًا كبيرًا يلامس هموم الإنسان العربي ويجعلها قريبة من المتلقي. وإذا تمعّنا تلك القصص وتفحّصنا مواضيعها ومضامينها فإننا نلاحظ أن الكتابة القصصية عند سماح تتسم بمجموعة من الخصائص والسمات الفارقة من بينهما: وضوح الفكرة، وصدق التعبير، وتناسق العرض، الذي تخيّم عليه ملامح الحزن والتوجّع على واقع لا تحمل سماته إلا ما يوحي بالألم، والندم، وخيبة الأمل، وهي انعكاس يحيل إلى معنى متجذّر في ذات الكاتبة التي تنطوي على قضية أصيلة ترافقها أنّى اتجهت، ما يعنى أن الكتابة عندها تأخذ محنى آخر، ولا تكتب فقط لمحض الكتابة، بل للتعبير عن الواقع وتشخيصه، وكشف مواطن الخلل وعدم التوازن فيه بعيدًا عن المبالغة والمزايدة والتضخيم.   اشتملت القصص المعروضة على ومضات فنية جمالية وإبداعية تشد القارئ إلى القراءة والمتابعة، سواء تعلق الأمر برصانة اللغة وجمال الأسلوب وجزالة المعنى ودقة الوصف، التي تشكّل كلها فواصل مهمة تطبع القصص بطابعها الخاص، أو تعلق بطريقة المعالجة السردية التي تعكس مدى تعلّق الكاتبة وتمكنها من أسايسات السرد وفنياته، وهذا ما تختزله بجلاء تجربتها المفعمة بالعمق ورهافة الإحساس.    وتحيل القصة الأولى إلى معنى قد لا يكون جديدًا في المعالجة السردية، لأنه يتصل بحياة الإنسان والسلطان، لكن ما يلفت النظر في القصة أن مشهد المحاكمة الذي تبدأ به يتحول من محاكمة "الوحش المزعوم" إلى محاكمة السلطان نفسه، في نوع من التمرد على الواقع المأزوم الذي اخترق قلم الكاتبة وداعبه بلطف، وعبرت عنه بأسلوب جميل وشيّق. وفي القصة الثانية تتوارى الكاتبة خلف "الأسلاك الشائكة" مستحضرة صورًا كثيرة ومعبرة عن الجرح العربي المفتوح في فلسطين، وتبدأ بالتساؤل "ماذا يوجد خلف الأسلاك الشائكة يا جدي"، لتنطلق في عوالم القضية، وتسبح في فضاءاتها المضمخة بالألم والحزن، بعد ركام من الأسئلة الكاسرة والنظرات الحائرة بين الحفيد وجده الذي: امتدّ بصره خلف الأسلاك الشائكة, أيّ سؤال هذا؟ في الزمن الخطأ؟ وانكسرت عيناه إلى كتلة اللحم الطرية المتعلقة به, وأشفق على سنه الصغيرة وطفولته البريئة.        ماذا سيقول له؟ وكيف سيشرح له؟ شعبًا تشكل على شكل وطن, وأصبح قطع مرايا صغيرة مبعثرة عن صورته.       كيف بإمكانه أن يخبره؟ عن شتات على شكل وطن, عن حلم على شكل وطن, عن وجود على شكل وطن.      كيف سيقول له: إنّ سنواته الصغيرة انعكاس صورة لوطن كبير؟  كيف سيخبره عن الوطن الذي سحبوه كالبساط من تحت أقدامهم ثم نفضوهم عنه كالغبار وأخذوا يحلون خيوطه خيطًا خيطًا. هناك...وراء الحلم...الحقيقة الوحيدة. هناك...الميلاد الوحيد ...الذي أرّخ تاريخ البشر.     خلف الأسلاك؟ ... تمتم الجد كأنه يهذي, محاولاً استرجاع ذاكرة من تشتتوا ومن سقطوا ومن كانوا. وفي القصة الثالثة هامت الكاتبة في عوالم الإحساس، لكنه إحساس مضمخ بطعم الحنظل، حينما انطفأ الحب في لحظة، وتلاشت الأشياء الصغيرة، وانهمرت الأحزان، كـشلالات من الألم، ووابل من الأسى والندم على فوات اللحظة التي لم تكن يومًا عابرة، بل آسرة. الوجه والعينان..والبسمة والحب.. والتفاصيل الصغيرة مليئة بالشغف..من قال أني نسيت؟(...)وهل هذا هو الحب أم الموت؟ وهكذا تؤسس الكاتبة لمنهجها في القصة المبني على التساؤل والتأمل في الواقع واستقراء ملامحه الشاحبة المعبرة عما يختلج فيه أو ينطوي عليه من تناقض صارخ. هنا فقط، يكون للكلمات معنى أكثر عمقًا وتعبيرًا وصدقًا رغم ما تخللها من بساطة لا تؤثر على تماسك القصة ولا تخل بمعناها.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سماح المغوش تستحضر الجرح الفلسطيني في مجموعتها القصصية سماح المغوش تستحضر الجرح الفلسطيني في مجموعتها القصصية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab