الرياض - العرب اليوم
«الفرح المختلس (2020)»، «مصائر الرواية (2020)»، «هجرة المفاهيم (2021)»، ثلاثة إصدارات للدكتور سعد البازعي، إصداران عبر «المؤسسة العربية للدراسات والنشر» (الفرح والمصائر)، وإصدار عبر «المركز الثقافي العربي» (هجرة المفاهيم).
تحتوي الإصدارات الثلاثة خطاً ناظماً، يجوز جمعها بداخل مجلد واحد، لكن العائق؛ سيكون تنوع الاشتغال، حيث تقارب ثلاثة اتجاهات، هي: الشعر، والرواية، والثقافة. وكل مقاربة في حاجة إلى تفصيل؛ حتى لا تختلط المباحث، ويضيع القصد.
الخيط الناظم للإصدارات؛ يتمثل في أنها كُتبت خلال سنوات سابقة، ونشرت بعد إعادة التفكير بجمعها، وتبويبها، ووضعها ضمن إطار رؤية واحدة، يمكن أن يُطلق عليها «الرؤية المستقبلية»، حيث تَطرح سؤالاً مضمراً من شقين: ما آفاق الشعر، والرواية، والثقافة، داخل الوطن العربي؟
هذا هو السؤال المركزي، وهو سؤال مضمر، لا يصرح به البازعي، بل يترك للقارئ حرية اكتشافه، ولعل هنالك من يستنتج أسئلة أخرى، ومختلفة، كل بحسب اهتمامه واشتغاله، كما هو الحال في الأسئلة التفصيلية، التي تتعلق بكل فن على انفراد، فللشعر أسئلته، وللرواية أسئلتها، وللثقافة أسئلتها المتصلة بها كذلك.
يبدأ كتاب «الفرح المختلس» بذكر سبب تسميته، حيث هي مأخوذة من قول أمل دنقل: «أيها الشعر... يا أيها الفرح المختلس»؛ فيستعير العبارة، ويجعلها مفتاحاً، يتقاطع مع اهتمامات المقالات، ولا يكتفي بذلك، بل يضيف عنواناً شارحاً: «رهان الشعر»، وهو ما يدفع إلى طرح سؤال، حول هذا الرهان.
طبيعة الكتاب، وطرحه الرؤيوي، واستشرافه للمستقبل، ثلاثة أسباب دفعت إلى تقسيم مقالات الكتاب، وجعلها في خمسة فصول: رهان الحداثة - رهان السياسة - رهان المأساة - رهان اللغة - رهان الترجمة. رهانات قاربها البازعي، عبر أمثلة شعرية متنوعة، بين العمودي والتفعيلة والنثر، وكأنه أراد التذكير بغنى المشهد الشعري العربي.
كتاب «مصائر الرواية»، ككتاب الفرح المختلس؛ مقالات، وأمسيات، وندوات؛ ألقيت في مناسبات متفرقة، وهو يطرح سؤال «الرؤية المستقبلية»؛ كأساس للاشتغال، وما ساعد البازعي على امتلاك هذه الرؤية؛ انخراطه المباشر، ضمن لجان قراءة وتقييم الروايات المشاركة، في المسابقات المختلفة، ومنها «البوكر العربية».
عمل البازعي على تقسيم الكتاب إلى أربعة فصول، فجعل كل فصل؛ يناقش هماً من الهموم، جاءت توالياً: رواية العنف - رواية الأقلية - الفكر الروائي - الرواية المترجمة. إذ استرعى انتباهه؛ كثرة الكتابات ضمن محوري «العنف» و«الأقليات»، العنف هنا بمعناه الواسع؛ سياسياً، واجتماعياً، ودينياً، أو حتى شخصياً. بينما الأقليات، باعتبارها تمثل مأزقاً، يعيشه الإنسان بصورة مستمرة، أما الفكر الروائي؛ فهو دفع لرؤيته، التي يرغب في طرحها، وعلاقتها بالروايات المترجمة، وكيف تعامل معها الشرقيون؟
الكتاب الثالث «هجرة المفاهيم»، يضع له عنواناً شارحاً: «قراءات في تحولات الثقافة»، وهو يتصل بالإصدارين السابقين اتصالاً وثيقاً، حيث يعمل على توسيع أفقهما، ولا يكتفي بذلك، بل يحاول الوصول؛ إلى التقاطعات الفكرية والثقافية، التي تشمل اشتغالات أخرى؛ كالفلسفة، وعلم الاجتماع.
يتوزع الكتاب على خمسة فصول: تحولات ثقافية عربية - تحولات الكتب - أوروبا والإسلام: هجرات وتحولات حضارية - هجرات المعرفة - هجرات الفلسفة. إذ يبحث عن النقاط المؤثرة، داخل الثقافة، وهو مفهوم واسع، فتارة يطرح الأفكار، وكيفية انتقالها، من بيئة لبيئة، ثم كيف تحولت عبر هذا الانتقال، بما يناسب البيئة الجديدة، وتارة يطرح انتقال الكتب، وتأثيرها على البيئة الأخرى، كما في «كليلة ودمنة»، وانتقاله من السنسكريتية إلى العربية.
الإصدارات الثلاثة؛ يمكن أن تُقرأ ككتاب واحد، يشتمل مشروعاً رؤيوياً، ينظر تجاه المستقبل، بينما يحاول سبر المنجز الراهن، أما الخيط الناظم للمشروع؛ فكتاب هجرة المفاهيم؛ الذي يقدم الرؤية، والرهانات، كما يراها د. البازعي، وينظر لها، عبر اشتغالاته النقدية والثقافية.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
رواية "الجنّة المفقودة" للذهبي استلهام لفضاءات دمشقية
رواية موريشيوسية عن عالم الجريمة في جزيرة فرنسية
أرسل تعليقك