القاهرة _ العرب اليوم
تزداد يوما بعد يوم مخاوف جميع شعوب العالم نظرًا لتفشى فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، نتيجة لارتفاع حالات الإصابات والوفاة بمختلف الدول، فنجد ربع إيطاليا مفصول عن بقية البلاد، ووصول الفيروس إلى الحكومة البريطانية، ما أدى إلى إحداث حالة من الهلع والفزع بين الناس.
ووسط كل هذا نجد الشىء الأكثر غرابة هو حالة من الجدل تسببها رواية "عيون الظلام" The Eyes of darkness للكاتب الأمريكى دين راى كونتز Dean Ray Koontz، التى نشرت فى1981، معتبرين إياها تنبأت بما يحدث الآن من تفشى لفيروس كورونا، فالروائى الأمريكى "كونتز" اشتهر فى كتابة روايات الرعب والخيال العلمى، ومعظم رواياته تحقق الأكثر مبيعًا، إلى جانب تحويلها لأعمال سينمائية مثل "صوت الظلمات، الطاعون الرمادى، فرانكشاين 2" وغيرها.
نعود إلى موضوع حديثنا وهو عن رواية "عيون الظلام"، فقال عنها الروائى الكبير واسنى الأعرج فى أحد مقالته بموقع "القدس"، إن القصة التى بنيت عليها الرواية بسيطة، تقع آلاف المرات يومياً، عبر العالم، بالخصوص حوادث السيارات، فقد بنيت على مدار أربعة أيام، وبداية شبيهة برواية: الناجية الوحيدة La seule survivante رحلة كريستينا إيفانس الأمريكية التي وصلت حد الضياع بعد فقدان ابنها دانى فى حادث باص الذى تمزق جسده وأصبح من الصعب التعرف عليه.
منذ تلك اللحظة بدأت الظواهر غير الطبيعية تتكاثر على كريستينا، لدرجة بدأت تشك فى سلامتها العقلية، بالخصوص عندما عثرت فى غرفة ابنها دانى على نداءات استغاثة مكتوبة بالطبشور على لوح غرفته، فتقرر أن تتحقق بنفسها من الحكاية الغريبة. تصمم على فتح القبر، لكنها تتعرض إلى محاولة اغتيال، وتبدأ في عملية متابعة وقائع الحادثة لتدرك أنها فى النهاية لم تر حتى جثة ابنها لأنه قيل لها إنه مشوه من عنف الحادثة.
هل ما حدث لابنها مجرد صدفة أم أن وراء الفعل شىء ما مدبر سلفاً؟ نشر الكتاب فى طبعته الفرنسية فى سلسلة بوكيت الفرنسية فى مارس 1990، فى 345 صفحة. الذي جعل من هذه الرواية تعود ثانية إلى الظهور وتتحول إلى ظاهرة أدبية، هو فصلها الأخير، حينما نكتشف أن داني لم يمت ولكن تم حجزه من طرف علماء أمريكيين يجرون تجارب جرثومية على دانى، فيحقنونه بفيروس يوهان Wuhan 400. فيروس قاتل ومدمر في اللحظة نفسها، وغير قابل للشفاء، جهز في المخابر القريبة من مدينة يوهان الصينية، من هنا اسمه. يوهان 400 سلاح مثالى فتاك لا يترك أثراً، لا يمس إلا البشر، يعيش خارج جسم الإنسان، ومقاوم في الخارج، يتحمل الظروف الجوية المتغيرة، ومن هناك ينتقل إلى الإنسان بسهولة. يوصّف الروائى الفيروس بشكل دقيق، فيصاب الإنسان الذى يمسه الفيروس بدوار يشبه الدوخة، ثم يليه الإحساس بحالات هستيريا تتطور تباعاً، تدفع بالمريض إلى تمزيق ألبسة الأطباء الواقية الذين يأتون لأخذ المريض لعزله، يتبع ذلك موت سريع للمريض.
وتابع "واسينى"، وهذا يريح الحكومة الصينية، كما تقول الروايـة، من الخسارات المادية وتضييع الوقت فى مرضى لا فائدة من شفائهم: "إذا فهمتكم جيداً، يمكن للصينيين حين استعمال يوهان 400، إبادة مديـنة أو بلاد بكاملها، ولن يحتاجوا إلى القيام بعلاج المدينة من المرض الـذى يكلف غالياً طبعاً، بغض النظر عن الصدق من عدمه، فالحـــــرب الأيديولوجية ضد الصين واضحة فى الرواية، مثلما كان من قبــل زمن الاتحاد السوفييتى، الفيروس يوهان 400، خطير ومعد، يستطيع قتل الضحية فى أربع ساعات من فترة ظهوره، إذ بمجرد ما يمس الإنسان لن يعيش هذا الأخير أكثر من 24 ساعة على الأكثر.
ويوضح "واسينى" أن أغلب المصابين يموتون فى ظرف "12 ساعة"، ونسبة الموت هى 100%، هذه المعلومات التى تقربنا مما يحدث اليوم مع فيروس كورونا جعلت الكثير من الناس ينظرون لرواية "عيون الظلام" على أنها عمل استباقى، كثير من القنوات الإعلامية حققت في هذا الموضوع الغريب، لتكتشف لاحقاً أن الرواية تعرضت لتغيرات جوهرية في طبعتها الجديدة، مثلاً يوهان 400 لم تكن موجودة فى الطبعات الأولى، كان اسم الفيروس جوركى (روسيا) 400، فحول فى الطبعات الجديدة إلى يوهان 400، ما يدل على أن اللعبة مركبة تركيباً قوياً لإدهاش القراء من خلال نظرية المؤامرة المترسخة فيهم. جاء ذلك مرتباً بعناية من دار النشر من أجل البيع. الحرب الإيديولوجية جعلت هذه الرواية تباع ما بين 1981 إلى 2008 بشكل جيد. وعندما تم نقل الفيروس من جوركى إلى يوهان تحولت الرواية إلى نبوءة، مع أن "عيون الظلام" هى رواية بوليسية (ثريلر) متواضعة العقدة، فجأة، ارتفع سعر أسهمها فى الأسواق، فبيعت طبعة الجيب حتى 400 يورو.
وأوضح واسينى الأعرج أن الرواية هي جزء من الحرب الأيديولوجية ضد العملاق الصينى الذى بدأ اقتصاده يهتز بسبب فيروس كورونا. الرواية فتحت أعيننا على حرب جرثومية محتملة قد تأتي على الأخضر واليابس.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
إماراتيون يناقشون المنافسة الشديدة التي يواجهها الشعر مع القصة والرواية
الموت يغيّب رسمي أبو علي أحد "صعاليك بيروت" وحارس “الرصيف”
أرسل تعليقك