اكتشافات أثرية تؤكد ازدهار «اقتصاد الجنازات» بمصر القديمة
آخر تحديث GMT19:10:14
 العرب اليوم -

اكتشافات أثرية تؤكد ازدهار «اقتصاد الجنازات» بمصر القديمة

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - اكتشافات أثرية تؤكد ازدهار «اقتصاد الجنازات» بمصر القديمة

البعثة الأثرية الألمانية
القاهرة _ العرب اليوم

تواصل البعثات الأثرية العاملة في منطقة سقارة عملها للكشف عن مزيد من الكنوز الأثرية التي تحكي جزءاً من تاريخ مصر القديم، وتعطي صورة أوضح عما يمكن وصفه بـ«اقتصاد الجنازات» في عهد الفراعنة، وكيف كانت هناك تجارة كاملة لخدمة المتوفين تتضمن إنشاء مقابر، وتصنيع توابيت وأثاث جنائزي، وورش التحنيط. الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، كان قد وعد عند الإعلان عن اكتشاف 100 تابوت أثري بسقارة نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن عام 2021 سيشهد الإعلان عن اكتشاف ورشة لصناعة التوابيت في سقارة.


بدوره أوضح الدكتور صبري فرج، مدير عام آثار سقارة، لـ«الشرق الأوسط» أنّ «أعمال الحفائر مستمرة بمنطقة الآثار فيها للكشف عن تفاصيل المنطقة التي ما زالت تخفي الكثير من الأسرار». ويعود تاريخ الاكتشافات والبعثات الأثرية المنتظمة في جبانة منف (سقارة) إلى عام 1850 مع بداية حفائر عالم المصريات أوغوست مارييت، وشهدت السنوات الثلاث الأخيرة بعثات عمل مكثفة في المنطقة لاكتشاف أسرارها. الاكتشافات الأثرية الأخيرة في سقارة أثبتت أهمية المنطقة وألقت الضوء على مفهوم اقتصاد الجنازات في مصر القديمة، خصوصاً في أعقاب الكشف عن ورشة التحنيط في عام 2018، التي يجري حالياً دراسة مقتنياتها ومن المنتظر الإعلان قريباً عن نتائج هذه الدراسة حسب الدكتور رمضان حسين، أستاذ الآثار المصرية بجامعة «توبينغن» الألمانية ورئيس البعثة الأثرية الألمانية التي كشفت عن هذه الورشة.


وأوضح حسين لـ«الشرق الأوسط» أنّ «الجنازات كانت صناعة مزدهرة في العصور القديمة، وكانت هناك ورش لتحنيط الإنسان والحيوان، حيث عثر على عقود بين المصريين القدماء وبين الكهنة الذين يديرون المقابر والجبانات وورش التحنيط، يلتزم الكاهن بتسلم جثة المتوفى، وشراء مستلزمات التحنيط والتابوت والتماثيل والأثاث الجنائزي وحتى المقبرة، في وظيفة أشبه بمتعهد الدفن حالياً». وأضاف أنّ «الجبانة كانت تخضع لإدارة نوعين من الكهنة، الأول هم الكهنة المحنطون المسؤولون عن عملية التحنيط، والثاني هم كهنة واح مو، وهم المسؤولون عن رش المياه على المقابر»، مشيراً إلى أنّه مع زيادة سكان منف، العاصمة الإدارية لمصر منذ عام 3100 قبل الميلاد، زاد دور كهنة واح مو داخل جبانة سقارة.


كانت سقارة هي العاصمة الإدارية لمصر، لمدة ثلاثة آلاف سنة، وقد أُسست عام 3100 قبل الميلاد، كعاصمة سياسية وإدارية ظلت تدير البلاد حتى نهايات العصر البطلمي، وكانت تضم الجهاز الإداري للدولة، وهو ما جعلها جاذبة للسكان.
وقال حسين إنّ «زيادة عدد السكان وبخاصة بدءاً من عصر الأسرة 26 فرض إعادة التخطيط العمراني لمنف، وغيّر نمط الإنفاق، حيث ظهرت طبقة متوسطة كبيرة، وتفاوت دخل السكان، وهنا ظهرت فكرة المقابر الجماعية، ودور كهنة واح مو». وتابع: «كانت تلك تجارة رائجة، وتولى الكهنة عملية حفر آبار للدفن بها مجموعة من النيشات لتكون مقبرة جماعية، وكانوا حريصين على اختيار أماكن مميزة لهذه المقابر إلى جانب هرم ملك أوناس مثلاً مما يعطيها ميزة ويجعل المشتري يعتقد أنه سيحصل على مقبرة في مكان مقدس».


وهذا يفسر العدد الكبير من التوابيت الذي عُثر عليه في سقارة، حيث شهدت نهاية العام الماضي الإعلان عن اكتشاف 59 تابوتاً، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وبعدها بشهر أُعلن عن اكتشاف 100 تابوت آخر في المنطقة، تعود لعصر الأسرة 26.
واستطرد حسين موضحاً أنّ «العثور على هذا العدد من التوابيت المتراصة بعضها فوق بعض يثبت أنّ الكهنة كانوا يتربحون من المقابر والتوابيت، كما يظهر تغيّر نمط الإنفاق في تلك الفترة»، مشيراً إلى أنّه «كانت هناك تجارة دولية تغذّي صناعة الجنازات في مصر، وكانت التوابيت تُصنّع تصنيعاً تجارياً». وأكمل قائلاً: إنّ «التوابيت المكتشفة مؤخراً، على الرّغم من جمالها فإنه لا يوجد بها شيء مميز أو خاص، مما يؤكد أنّها صُنعت تصنيعاً تجارياً، تتشابه فيه النقوش والرسوم»، لافتاً إلى أنّ «جميع النقوش على التابوت كانت باللغة الهيروغليفية، باستثناء اسم المتوفى الذي كُتب باللغة الديموطيقية أو خط الشعب، فالتابوت يُصنّع بالكامل ويضاف اسم المتوفى عليه بعد الشراء».


وأشار حسين إلى أنّ هناك كثيراً من الوثائق التي توثق اقتصاد الجنازات مثل فاتورة بيع 401 تمثال أوشابتي، والمعروفة ببردية المتحف البريطاني رقم 10800، والتي تقول إنّ شخصاً يدعى نس - بر - عنخ اشترى تماثيل أوشابتي لوالده المتوفى إيهافي من صانع التمائم با - دي - خنسو مقابل مبلغ من الفضة في حضور شهود، وقال إن «الشيء الجميل في هذه الفاتورة أنّ البائع يوجه حديثه للتماثيل، ويقول لها إنّه تسلم ثمنها ويطالبها بأداء الخدمة اليومية للمتوفى».


والأوشابتي هي تماثيل صغيرة، مصنوعة في الغالب من الفيانس (القيشاني)، منقوش عليها اسم المتوفى، وتسمى «التماثيل المجيبة»، وكان يُعتقد في مصر القديمة أنّها تُؤدي مهام المتوفى من أعمال زراعية في الجنة، ولذلك كانت توضع بعدد كبير في كل مقبرة، حيث يؤدي كل تمثال الخدمة عن المتوفى ليوم واحد، لمدة عام، وتقسم التماثيل إلى مجموعات من عشرة لكل مجموعة رئيس عمال، مما يجعل عددها 401 تمثل عدد أيام السنة ورؤساء المجموعات.


وقال حسين إنّ «الدولة في العصر البطلمي كانت تفرض ضرائب على الكهنة في استيراد مستلزمات التحنيط، وضريبة على صاحب بئر الدفن لو أخرج جثة المتوفى قبل مرور 70 يوماً على دفنه، لأنّ إخراجها معناه أنّه سيبيع حجرة الدفن مرة أخرى».
وعن طريقة التعامل المالي أو الدفع في تلك الفترة قال حسين إنّ «الفضة كانت المعامل النقدي في تلك الفترة وكان ثمن التوابيت والأثاث الجنائزي يُدفع بوحدات من الفضة».

 

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

وزارة الآثار المصرية تُعلن كشفا بارزًا من عشرات التوابيت

كشف أثري جديد بمنطقة سقارة في مصر

arabstoday
المصدر :

Wakalat | وكالات

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اكتشافات أثرية تؤكد ازدهار «اقتصاد الجنازات» بمصر القديمة اكتشافات أثرية تؤكد ازدهار «اقتصاد الجنازات» بمصر القديمة



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab