طرابلس _العرب اليوم
عقدت الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا اجتماعها الثاني، صباح اليوم الثلاثاء، بمدينة درنة الليبية، التي تقع في أقصى شرق البلاد، والتي كانت معقل أساسي لتنظيم "داعش" الإرهابي، الذي سيطر على المدينة بعد اندلاع ثورة فبراير/شباط 2011.
أطلق فتحي باشاغا خلال المؤتمر الصحفي عقب الاجتماع الوزاري، مبادرة وطنية لتعزيز التوافق مع مختلف الأطراف والمكونات الليبية، وتهدف المبادرة لضرورة التواصل مع كل القوى السياسية والاجتماعية والعسكرية لتحقيق التوافق.
وأشار باشاغا إلى ضرورة الحفاظ على سيادة ليبيا ومنع التدخل الأجنبي، وعدم اللجوء للعنف، واحترام الشرعية الليبية وما نتج عن الأجسام التشريعية، والعفو والمصالحة، ومحاربة الفساد.
سيطرة الحكومة
وفي هذا الإطار يقول المحلل السياسي إدريس عبدالسلام لـ"سبوتنيك": "يظل هذا الاجتماع عادي وباستطاعة الحكومة عقد اجتماعها في أي مكان تراه مناسب، ولكن المهم هو أن تتواجد الحكومة في العاصمة طرابلس، لأن العمل من العاصمة يحمل دلالة كبيرة لسيطرة الحكومة على مفاصل الدولة، وعلى القرار السياسي فيها، وهذا لم يحدث بعد".
وأضاف أن "مبادرة باشاغا تصب في اتجاه التهدئة، وعدم الانزلاق في مسارات أخرى في ظل الصراع القائم بين الحكومتين، وفي ظل ما يشهده المشهد الليبي من تناقضات وتشتيت جهود، وبالتالي فإن المشهد متأزم بسبب التدخلات الدولية، التي تريد زيادة هذه التناقضات لحسابات سياسية كبيرة، في ظل غياب التوافق الليبي، وفي غياب الصوت الليبي الذي بإمكانه إجبار المجتمع الدولي والدول المتدخلة في ليبيا بالتوجه نحو الاستقرار والانتخابات من أجل فض هذه النزاعات التي يشهدها المجتمع الليبي".
مدينة درنة
تتميز مدينة درنة الساحلية بإطلالتها الجبلية الساحلية ومسطحاتها الخضراء وشلالها وجبالها ووديانها وطبيعتها الخلابة، وطيبة أهلها، التي مكنت التنظيم الإرهابي من السيطرة على المدينة، عانت المدينة من التهميش على مر كل الحكومات السابقة، وما زاد الأمر سوءا الدمار الكبير الذي لحق في المدينة في الحرب على الإرهاب.
درنة والتنظيمات الإرهابية
شكل تنظيم "داعش" (الإرهابي المحظور في روسيا ودول عديدة) إمارة وديوان للحسبة ومحكمة إسلامية، وطبق القصاص، على كل من يخالف تعليمات الإمارة والأمير والشريعة، مارس فيها التنظيم أبشع الجرائم من اغتيالات لأبرز الشخصيات العامة، "أعضاء للبرلمان، وقضاة المحاكم، وضباط الجيش والشرطة، والجنود، والإعلاميين، وبعض الساسة، فلقد قتل العشرات على أيدي هذا التنظيم، كما قطعت الايدي، والرؤوس في الساحات العامة".
لم يكن تنظيم "داعش" في المدينة الحاضنة للإرهاب كما وصفها أهلها، كانت هناك تنظيمات أخرى كتنظيم "القاعدة" بقيادة الإرهابي سفيان بن قمو، والدروع وغيرها، حوصرت المدينة وقطعت عنها الإمدادات من الوقود والسيولة والنقدية والمواد الغذائية وغيرها، ونزح غالبية سكان المدينة للمدن المجاورة، خوفا من التنظيم الإرهابي، ومن الحرب ستندلع.
الحرب
اندلعت الحرب التي توعد قائد الجيش الليبي بخوضها عام 2018، استمرت الحرب عام كامل تقريبا، دمرت فيها الكثير من البيوت والمحال التجارية، والمرافق العامة، والأحياء الأثرية العتيقة بالمدينة مثل البياصة الحمراء وسوق الظلام وغيرها من معالم درنة، عادت الحياة تدريجيا للمدينة وعاد وبدأ النازحين في العودة عدا من سويت منازلهم بالأرض.
تهميش المدينة ونمو الإرهاب
ويقول الناشط المدني مصطفى الطرابلسي في تصريح خاص لـ"سبوتنيك": "عانت مدينة درنة التهميش والحرمان من أيام حكم العقيد القذافي، الذي كان يسعى جعل المدن أشبه بالقرى، وهذا ليس جديد، اتسمت المدينة بالتطرف نتيجة للظروف الاقتصادية البائسة، التي عاشتها، واعتبرت أكثر المدن تفريخا للإرهابيين والجهاديين، وذلك بسبب البطالة والفقر وغيرها من الأمور التي انتجت إرهابيين".
وعن وعود باشاغا بمعالجة مشاكل المدينة، تابع الطرابلسي: "سئمنا من الوعود فلقد تعهد الكثير من المسؤولين بالاهتمام بالمدينة، فكل من يزور درنة من يتوعد بالتغيير والإصلاح ولكنها تظل وعود وأقوال ولم نرى أفعال".
معاناة المدينة وأهلها
وأضاف: "درنة عانت من حرب دمرت موروثها الثقافي، وتكسرت نفوس أهلها بسبب الحصار والتهجير، ووضع المدينة وأهلها في وضع بائس، لعل الزائر أو الرائي لهذه المدينة، يدرك ما مرت به، ليس لدينا إلا أمنيات أن ينظر لمدينة درنة بعين الرعاية، فهذه المدينة لها دورها الكبير في الوطن، ولعلها سميت قديما بمدينة الوحدة الوطنية، هذه الزيارات ليست شيئا، أن لم تكن لها أفعال ملموسة، وإلا فإن هذه الزيارات ستذهب أدراج الرياح".
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك