بداية متعثرة لمسار الديمقراطية في ليبيا
آخر تحديث GMT02:10:52
 العرب اليوم -

بداية متعثرة لمسار الديمقراطية في ليبيا

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - بداية متعثرة لمسار الديمقراطية في ليبيا

طرابلس - وكالات

حتى بعد مرور حوالي عامين على سقوط نظام القذافي، فلازال الليبيون منشغلين بعملية التخلص من بقايا النظام الدكتاتوري السابق. صراعات العملية الانتقالية لازالت تهدد استقرار الدولة الحديثة والتحول الديمقراطي فيها. أمينة مزداوي، أم ليبية قتل ابنها الأول في المذبحة التي استهدفت عام 1996 معتقل "أبو سليم" للسجناء السياسيين في ضواحي العاصمة الليبية طرابلس. وبعد مروربضع سنوات لقي ابنها الثاني مصرعه خلال اشتباكات عنيفة بين مقاتلي المعارضة وقوات الجيش الليبي عام 2011. وقد أسفرت تلك المواجهات الدامية نهاية الأمر الى سقوط نظام القذافي، الذي حكم البلاد لأكثر من أربعين سنة. والآن وبعد مرور سنوات تستطيع"أمهات أبو سليم" إظهار حزنهن للعلن وبكل شجاعة في ذكرى وفاة أبنائهن،رغم أنهن لازلن ينتظرن نتائج التحقيقات القضائية الليبية بهذا الشأن. فاطمة الطيار هي الأخرى فقدت ابنها خلال أحداث الثورة الليبية، وهي غاضبة من التطورات التي تشهدها البلاد حاليا وتتساءل:" أمن أجل هذا ضحى أبناؤنا بأنفسهم؟ لم يتغير أي شيء عدا العلم والنشيد الوطنين.!" أما بالنسبة لوافية قنطري التي ترتدي ملابس سوداء ويرافقها ابنها ذو العشر سنوات، فهي توضح انه الوحيد الذي بقي لها بعد أن قامت قوات النظام بخطف أشقاءه الخمسة عام 2011. ورغم ذلك فإنها لم تفقد الأمل في عودتهم وتقول: "أنا مقتنعة بأنهم ما يزالون على قيد الحياة، وقد يقبعون الآن في سجون سرية على الحدود." لا يشعر ضحايا نظام القذافي بخيانة النظام السابق لهم ولكن أيضا من قبل الحكومة المنتخبة ديمقراطيا، وحتى من قبل بعض المقاتلين الثوريين الليبيين، خاصة وأن الأصوات المطالبة بالعدالة تصطدم بواقع قاس، في ظل بقاء العديد من أصحاب القرار من عهد القذافي في مناصبهم. وهو ما يعرقل تطبيق القوانين وتعطيل مسار العدالة. كما إن هناك انطباعا سائدا لدى الناس أن الثورة الليبية قسمت البلاد إلى عدة دويلات. " لقد أطحنا بنظام القذافي، والآن هناك ستة ملايين منه- إنه يسكن داخل كل واحد منا". إنه موقف شائع في البلاد يعبر عن الإحباط الكبير لدى الناس. فهم مقتنعون بأن قتل الدكتاتور لا يعني أن النظام سيتحول بالضرورة. وفي الوقت الذي يحمل فيه البعض مسؤولية كل تلك الأوضاع للديكتاتور الذي لقي حتفه، ينعى البعض الآخر مقتله و يحن إلى ما قام به من دور كضامن للسلم و الاستقرار في البلد. وهكذا يبقى معمر القذافي حاضرا بقوة في روح المجتمع الليبي. ورغم أن الكثير من المسؤولين يرددون عبارة"المهم هو القضاء على الطاغية" بهدف إسكات أصوات المتشائمين وكبح غضبهم فيبدو الآن أن التشاؤم والغضب يسيطر أكثر فأكثر على فئات عريضة من المجتمع الليبي. وفي الوقت الذي تتظاهر فيه أمهات ضحايا أبو سليم في ساحة الشهداء في طرابلس، يردد الأطفال في الحديقة المجاورة، على إيقاع الترامبولين، أغنية الثورة الشهيرة، التي يقول أحد مقاطعها "لن تنسى دماء الشهداء". دفعة جديدة للشباب بالنسبة للشباب الليبي فالحياة مستمرة، وهو الذي يتحمل جزءا من العبء والمسؤولية أيضا.ومن بينهم الشاب علي محمود الذي يبلغ من العمر 27 سنة ويعمل كمرشد اجتماعي في مركز شباب ليبيا، الذي يقوم بتنظيم أنشطة علاجية لصالح ضحايا الحرب من بين الأطفال والمراهقين. وحسب علي، فإن نظام التعليم السيئ هو السبب الرئيسي لعدم وجود رؤى مستقبلية وأهداف واضحة لدى الشباب، ويضيف قائلا: "طرق التدريس العتيقة هي السبب في هذا الجهل". ولذلك فهو يطالب بإلحاح:"يجب أن نبدأ حقا من الصفر لأنه على الرغم من استبدال مقررات التاريخ والدراسات الاجتماعية، فإن التفكير الإقصائي القديم مازال سائدا". حاليا مازالت الخلافات في ليبيا تحل عبرالعنف واستخدام السلاح وليس عن طريق الحوار البناء، خاصة وأن العضوية في الميليشيات المسلحة أعطت للشباب شعورا بالاعتراف بالذات. ونظرا لانعدام فرص العمل فإن الكثير منهم لا يريدون العودة إلى الحياة المدنية. وبالإضافة إلى ذلك تحول الصراعات القبلية دون نجاح الحكومة الليبية في نزع السلاح من الجماعات المتنازعة، كما هو الحال عليه مثلا في جنوب مدينة سبها أو في سلسلة جبال نفوسة الغربية، التي تشهد معارك مستمرة. الوسطاء في مفاوضات السلام العصيبة بين أطراف النزاع يصابون بالإحباط، ومن بينهم السيد مصدق الذي يقول بغضب: " نفس الاتهامات في كل مرة وكلا الطرفين ينفيان المسؤولية في عرقلة الوصول إلى اتفاق" .ويعمل السيد مصدق في إطار مبادرة للمجتمع المدني بهدف تعزيز الحوار بين الجماعات العرقية المتحاربة في الجنوب. ويضيف مصدق بأن الهدنة قد فشلت بالفعل في العديد من الأماكن لأن لم يعد لشيوخ القبائل سيطرة كاملة على المقاتلين الشباب. ويبقى للشرطة دور هامشي، في الوقت الذي تقرر فيه الجماعات المسلحة تطبيق القانون والنظام حسب رؤيتها الخاصة. جهاز قضائي عاطل في 19 من سبتمبر الماضي إجراءات قانونية طويلة ضد 37 شخصا من أعضاء النظام السابق، بما فيهم نجل القذافي سيف الإسلام ورئيس المخابرات السابق عبد الله السنوسي. وقد تم اعتبار هذا التوجه، خطوة هامة للتعامل مع مخلفات الماضي. وتم ذلك في إطارالمبادرة الوطنية "لا سلام بدون عدالة". إلا أن قضية سيف الإسلام كشفت عن تعقيدات الجهاز القضائي للدولة، وعن رغبة صناع التعامل مع الموضوع وفقا لقواعدهم الخاصة. ففي بلدة الزنتان، التي ألقى مقاتلوها القبض على سيف الإسلام في سنة 2011 ، يرفض المسئولون هناك تسليمه إلى السلطات في العاصمة أو محاكمته في المحكمة الجنائية الدولية.ويبرر العجمي العتيري، قائد الكتائب المسؤولة عن احتجاز سيف الإسلام القذافي، هذا القراربالقول: " نحتجز سيف في مكان سري لحمايته من الانتقام." ليبيا تقف أمام مهمات أكثر صعبة، على حد تعبير السيد حامد،الذي عايش عمليات خطف كثيرة عندما عمل كحارس أمن في فندق ريكسوس في طرابلس:"ما الذي ستجلبه لنا محكمة جرائم الحرب، ونحن نعيش جرائم جديدة كل يوم،". فمدينة بنغازي وحدها شهدت أكثر من 70 عملية اغتيال سياسي منذ قيام الثورة. ولكن من أجل إدارة الصراع بشكل سليم فلا بد من متابعة المخالفين وحماية الشهود. إلا أن الحكومة تبدو حتى الآن عاجزة عن تحقيق ذلك. وتحت ضغوط جهات كثير أعلن رئيس الوزراء علي زيدان مؤخرا عن عملية سلام وطني تشمل جميع الأطراف وتهدف الى التوصل الى اتفاق وطني شامل. غير أن العديد من الخبراء يتشككون في نجاح هذا المشروع، الذي لم تظهر معالمه على أرض الواقع بعد. ويبقى الأمل في تحقيق السلام والأمن الاجتماعي الهدف المنشود في البلاد غير أنه يحتاج إلى تضافر كل الجهود.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بداية متعثرة لمسار الديمقراطية في ليبيا بداية متعثرة لمسار الديمقراطية في ليبيا



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:15 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
 العرب اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 23:16 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية تقتل 12 عنصرا من الدفاع المدني في بعلبك
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية تقتل 12 عنصرا من الدفاع المدني في بعلبك

GMT 22:43 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
 العرب اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 7 جنود إسرائيليين في تفجير مبنى مفخخ جنوب لبنان

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد تكالة يُنتخب رئيساً للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 13:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يعلن إصابة أنسو فاتي وغيابه 4 أسابيع

GMT 11:44 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيتنام أيرلاينز" بصدد شراء 50 طائرة في النصف الأول من 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab