ابراهيم العريس يروي حلم مارون بغدادي المعلّق
آخر تحديث GMT14:02:42
 العرب اليوم -

ابراهيم العريس يروي حلم مارون بغدادي المعلّق

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - ابراهيم العريس يروي حلم مارون بغدادي المعلّق

بيروت ـ وكالات

المخرج يتحوّل بطلاً، والكاتب يغدو مُخرجاً يُلاحق تحركّاته. يركض خلفه لعلّه يرصده في حالات غضبه وقلقه وسقوطه... وبأسلوب مخرج محترف، يتخيّل الكاتب (وهو درس في الأصل الإخراج السينمائي) مشهد النهاية، تلك النهاية التي لم يشهد عليها أحد. يصعد معه إلى منزل أمّه، يلتقط له الصورة الأخيرة وهو يصعد الدرج راكضاً قبل أن يقع من أعلى طبقة ويرتطم رأسه أرضاً. ولا يكتفي ابراهيم العريس بتصوير مارون بغدادي لحظة وفاته، وإنما يضع له سيناريو النهاية، فيُحيله بطلاً كأبطال أفلامه الذين كانوا يركضون دوماً خوفاً من سقوط مماثل: «يركض مارون صاعداً الدرج على عادته، ويحلم وهو يركض على عادته، يحلم ويُفكّر بألف أمر وأمر، وفي خياله يرسم بسرعة عجيبة مشاهد فيلمه المُقبل، مشاهد، ربما كان من بينها مشهده هكذا وهو يصعد الدرج راكضاً. فجأة ينتبه إلى أنّه صعد طابقاً زيادة. يخجل من نفسه ويدور على عقبيه في أعلى الدرج مُتمتماً بالفرنسية Merde، وغايته أن ينزل طابقاً. ومن دون أن ينتبه وبسبب اعوجاج في مشيته لم يتمكّن من مداواته قط، وبسبب عجلته التي لم يجد لها أي ترياق، يخبط رأسه بالجدار ويسقط من أعلى إلى أسفل...». تبادل الأدوار هنا إنما هو لعبة سينمائية ذكية اختارها الكاتب والناقد ابراهيم العريس حتى يتمكّن من أن يُصوّر العوالم الداخلية والنفسية والفنية لمخرج قدير لم يعرف الناس عنه سوى اسمه وأفلامه. مارون بغدادي هو المخرج اللبناني الذي أسّس السينما اللبنانية الحقيقية، ومنحها هويتها الضائعة، بعدما كان «الفيلم اللبناني» يولد ويموت في لبنان، من غير أن يراه أحد. وبغدادي هو أيضاً المخرج الذي عمل في السينما رافعاً لواء الفنّ والحياة، في وقت كان العالم اللبناني منشغلاً بتنفيذ مشاريع الموت والدمار. ولمّا استفاق لبنان من كابوس حربه المُعتم، غاب بغدادي في عتمة من نوع آخر. وبدلاً من أن يعيش بدايته الفعلية، كُتبت نهايته سريعاً (1993) في ميتةٍ باغت فيها الجميع. هكذا ظلّ مارون بغدادي حلماً لم يكتمل. ومن هنا، اختار ابراهيم العريس «الحلم المُعلّق» عنواناً لكتابه المُهدى إلى روح مارون بغدادي (صدر أخيراً عن دار الفارابي في طبعة ثانية بمناسبة مرور عشرين عاماً على وفاة المخرج السينمائي مارون بغدادي). وربما أراد الكاتب لهذا العنوان الرمزي أن يقول أكثر من معنى، كأن يُشير إلى أنّ السينما اللبنانية ظلّت حلم بغدادي المعلّق، أو أنّه كان هو حلمها الذي علّقت عليه آمالها، قبل أن يرحل وهو في ريعان شبابه. يرسم ابراهيم العريس في هذا الكتاب شخصية بغدادي التي لم يتعرّف إليها إلاّ قلّة من أصدقائه وزملائه، ومن بينهم الكاتب نفسه. فيتجلّى بغدادي كشخصية لها سماتها وحركاتها وأحلامها ومشاريعها وانفعالاتها، تماماً كما شخصيات أفلامه التي كان يتوارى خلفها. أمّا غلاف الكتاب، وهو صورة لمارون بغدادي من كواليس فيلم «لبنان العسل والبخور»، فيُكرّس فكرة الأدوار المتبادلة التي اتخذها العريس تقنية في تنفيذ هذا العمل. فالمخرج يحتلّ قلب الصورة، ينظر إلى جانبه ويُركّز بصره في الصورة، يضع يداً على خاصرته، وأخرى على رأسه، كأنّه في لحظة ألم صامت، أو انفعال داخلي، أو ربما راحة عابرة... وأُرجعت الكاميرا التي طالما شكّلت جزءاً منه، أو ربما عضواً آخر من أعضاء جسده، إلى الزاوية الثانية من الصورة، كأنّما غفل عنها وتركها لأحد آخر. بعد الغوص في متن الكتاب، تتضّح رؤية العريس الشاملة في أعمال بغدادي، التي نفّذها في بيروت وباريس، كاشفاً حقيقة التشابه بين بغدادي وأبطال أفلامه، وطبيعة علاقته مع ذاكرته التي أثرّت كثيراً في سينماه. يُقسمّ الكاتب «الحلم المعلّق» إلى قسمين، يقدّم من خلالهما قراءة أفلام مارون بغدادي مُشيراً إلى ارتباطها بحياته القصيرة (1950-1993). وفيهما يتابع الكاتب مسار سينما هذا المخرج الذي يُعتبر أحد أبرز مؤسسي تيار التجديد في السينما اللبنانية، منذ فيلمه الروائي الطويل «بيروت يا بيروت»، وصولاً إلى فيلمه الأخير «فتاة الهواء»، مروراً بعديد الأفلام التي حققها بيــــن لبنان وفرنسا التي عاش فيها سنواته الأخيرة. أمّا القســم الثالث من الكتاب فيتوقف عند المشاريع التي وضعها بغدادي ولم يمهله القدر حتى يُنفذّها، ومنها فيلمه «زوايا» الذي كان من المفروض أن يبدأ تصويره، كنوع من المصالحة مع الوطن.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ابراهيم العريس يروي حلم مارون بغدادي المعلّق ابراهيم العريس يروي حلم مارون بغدادي المعلّق



جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - طائرة مساعدات إماراتية عاجلة لدعم لبنان بـ100 مليون دولار

GMT 08:54 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي تعلن رأيها في الألقاب الفنية
 العرب اليوم - منة شلبي تعلن رأيها في الألقاب الفنية

GMT 19:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

نابولي يعزز صدارته للدوري الإيطالي بثلاثية ضد كومو

GMT 13:54 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دعوى قضائية تتهم تيك توك بانتهاك قانون الأطفال فى أمريكا

GMT 14:19 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يتجه لتحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ أكتوبر 2022

GMT 13:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع حصيلة قتلى إعصار هيلين بأمريكا إلى 215 شخصا

GMT 15:57 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

اختفاء ناقلات نفط إيرانية وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي

GMT 06:22 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الوزير السامي

GMT 10:04 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مصرع 4 وإصابة 700 آخرين بسبب إعصار كراثون في تايوان

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab