الألم والأمل يتحاوران في قصائد أخرج متنكرًا بإغماءة
آخر تحديث GMT16:12:05
 العرب اليوم -

الألم والأمل يتحاوران في قصائد "أخرج متنكرًا بإغماءة"

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - الألم والأمل يتحاوران في قصائد "أخرج متنكرًا بإغماءة"

دبي ـ وكالات

بين اليأس والأمل تتأرجح قصائد الشاعر الإماراتي راشد أبوغازيين من خورفكان، في مجموعته الشعرية "أخرج متنكراً بإغماءة"، هي نكهة الوجع والحسرة تغزو كلماته وحروفه في هذا الديوان. فما أن نبدأ بقراءة القصيدة الأولى حتى ندرك بأنّ تجربةً قاسية مرّ بها الشاعر على الصعيد الشخصي أو لربما على صعيد الكتابة فقط، المهم أنّ الألم كان ظاهراً بكل مراحله. شيءٌ ما من "الوجع" الذي يتسلل إلى الذاكرة والروح، يتجلى بدايةً من معظم عناوين القصائد الثلاثين، مثل (غرفة الغربة، نكهة الحسرة، مسكينة، مكتوف اليدين، رحلوا من دوننا، الحروف فزعة، الجسد المسجى بلا حراك والعمر والذكرة). لكن وعلى الرغم من كل الألم الموجود، تحاول القصائد أن تثبت لنا أنّ كاتبها موجود ويتحدّى بقوة وبكثير من الصبر كل ما هو آتٍ. إلا أنه وقبل أن يكون إنساناً، هو شاعرٌ يعتمد على الصورة في مخيلته ويصيغها لغوياً حتى تصبح أشبه بالحلم الذي ينأى عن الواقع المرير ويسمو فوقه لكن دون أن ينفصل عنه يوماً، وإلا فليس للكتابة من معنى. في "أخرج متنكراً بإغماءة" تأتي التجربة مليئة بالحياة وانكساراتها وبحسراتنا المتكررة على كل الذين نفقدهم. لكنها تفيض بالمسؤولية والقدرة على التحمل ولو بنفسٍ مقهورة: استراحة طويلة وأعود من حيث لم أكن ولن أكون أعود من دخان الرغبة من مسيري الشاق من القريب سأرجع يوماً قصائد أبو غازيين في هذه المجموعة، لا تشبه فعل القصّ أو الكلام. إنما هي أشبه بفعل البوح حينما يفضي الموجوع بألمه لذاته وليس لأحدٍ آخر. ففي عالمٍ تخذلنا فيه الحياة بشخصياتها، يصبح الإنسان صديق ذاته أولاً والأماكن ثانياً. وأما الذاكرة فهي العقاب الأبدي الذي يظلّ يؤرقنا حتى آخر يومٍ لنا على هذه الأرض: زمانٌ حفرناه في أقاصينا نخلو معه بنكهة الحسرة لنتحاشى أبواب المصير المشروعة على أقصائنا زمان ذاب فينا كسراب يأوينا في قمرات الحلم وبالتالي عندما تضيق بنا الأماكن المعتقة بذكرياتنا الحلوة التي وبفقدانها صرنا نتألم بسببها أكثر من ألمنا للذكريات المؤلمة بحدّ ذاتها، لا يجد الإنسان طريقاً إلا الفضاءات الواسعة. حيث ركض الشاعر راشد أبو غازيين نحو البحر ليفضي له بما يعتريه، ليس حباً بالهروب بقدر ما هو تآلف بين روح الشاعر التي ذاقت من ملح البحر والحياة حتى استساغتها إلى ما لا نهاية: أيها البحر افتح صدرك ضمني فلم يبقَ لي إلا الملح هي حالة من العزلة والغربة التامة يعيشها إنسان اليوم في واقعنا الذي بات شبيها بالمنفى الجماعي لأهله، لربما كان السبب من وراء ذلك الزحمة الشديدة والخانقة التي تحيط بنا تكنولوجياً وإنسانياً. ومن الطبيعي أن يكون الشاعر بحسه المرهف وخياله الشارد دائماً، من أكثر المتأثرين بهذه القطيعة الإنسانية والانفصال الذي نستطيع أن نقول عنه إنه انفصالٌ حياتي وأخلاقي جعل المادة المستهلكة هي المسيطر الأول والوحيد على الإنسان الآن وهنا. وهو بالضبط ما يلمّح به الشاعر أبو غازيين حينما يتحدث عن الغربة وألمها، فالغربة التي يقترب من معالجتها في قصيدته "غرفة الغربة" وفي كل قصائد المجموعة، هي روحية أكثر منها جغرافية أو أي شيءٍ آخر: عندما أخرج متنكراً بإغماءة تحاشاني البشر كأنني خارج من قرون موبوءة من الواضح أنّ أبو غازيين يعاني من ثقلٍ كبير دفعه إلى الكتابة التي لا يريد منها إلا الكتابة. وكأنّ شيئاً ما يؤرقه فيرتاح عندما يكتب لا أكثر ولا أقل. لذا على القارئ أن يصغي بصمتٍ وتأمل إلى وقع كلماته. ليذهب معه نحو فضاءات واسعة من الألم والأمل يسيطر عليها البوح الذاتي. وفنياً فإنّ لغة القصائد التي تميّزت بسهولتها ووضوحها، ساعدت أبو غازيين على إيصال صوره وأفكاره إلى المتلقي عبر نسق الشعر الحديث. لتبدو وكانها أفكار وخواطر مسطّرة ضمن جمل قصيرة ومقتضبة لكنها تفي بالغرض وتهمس لنا بالكثير عن الحب أحياناً: دربي واهنٌ إليكِ بينما حضورك يتقد تمسكين زمام الفتنة بجسدٍ صارم تتكسر عنده النظرات إلا نظرتي تتوثب.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الألم والأمل يتحاوران في قصائد أخرج متنكرًا بإغماءة الألم والأمل يتحاوران في قصائد أخرج متنكرًا بإغماءة



نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:43 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
 العرب اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

بشكتاش يواصل انتصاراته فى الدوري الأوروبي بفوز صعب ضد مالمو

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع سعر البيتكوين لـ75 ألف دولار

GMT 16:36 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إيمان خليف تظهر في فيديو دعائي لترامب

GMT 12:58 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تكشف عن تحديات حياتها الفنية ودور عائلتها في دعمها

GMT 15:12 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق أول قمر اصطناعي مطور من طلاب جامعيين من الصين وروسيا

GMT 17:41 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يتسبب فى وقف منصات النفط والغاز فى أمريكا

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف عبدالباقي يردّ على أخبار منافسته مع تامر حسني

GMT 14:28 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يمر عبر جزر كايمان وتوقعات بوصوله إلى غرب كوبا

GMT 14:30 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف حركة الطيران في مطار بن جوريون عقب سقوط صاروخ
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab