عقل تابع أم نقد تابع
آخر تحديث GMT04:36:48
 العرب اليوم -

عقل تابع أم نقد تابع؟

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - عقل تابع أم نقد تابع؟

القاهرة ـ وكالات

يرى الناقد المصري سيد البحراوي، في كتابه المتميز «البحث عن منهج في النقد العربي الحديث» (1993)، الذي يشن فيه هجوماً شاملاً على النقد العربي الحديث، أن الممارسة النقدية العربية الراهنة لا تزيد عن الجمع والتلفيق والتقميش من النظريات التي تظهر في الغرب ثم تختفي، ليقوم النقاد العرب بتلقفها بعد أن تكون حلّت محلها نظريات أخرى. فالاتجاه السائد بين نقاد ما يسميه البحراوي «النقد الجديد» هو الجمع بين أكثر من منهج في الوقت ذاته أو الانتقال بسهولة من منهج لآخر وفق مقتضى الحال. ولعل الأمثلة أكثر من أن تحصى لنقاد انتقلوا من الواقعية إلى البنيوية إلى الأسلوبية ثم إلى التفكيكية في مدى لا يزيد عن عقد من الزمان، وآخرون انتقلوا من المنهج الاجتماعي إلى البنيوية ثم إلى التفكيكية، وفريق ثالث من المنهج النفسي إلى البنيوية ومنه إلى التفكيكية. كما يرى البحراوي. ومن ثمّ يردّ أزمة النقد العربي، منذ ثمانينات القرن الماضي، في جانب من جوانبها، إلى سرعة الأخذ وتقليد النظريات النقدية الغربية، ثم الانتقال إلى نظريات نقدية غربية أخرى، دون تدبّر لما يفيدنا من هذه النظريات وما لا يفيدنا في درسنا النقدي. الناقد العربي يتحوّل في هذه الحالة إلى مستهلك للنظريات والأفكار شأنه في ذلك شأن مستهلكي السلع الآتية من مصانع الغرب المتقدمة، ناظراً إلى السلعة بالانبهار نفسه الذي ينظر به مواطن العالم الثالث إلى المنتجات الاستهلاكية الكثيرة التي تضخها في أسواقنا مصانع الغرب كلّ يوم. يتعامل العقل التابع مع الفكر والنظرية الغربيين من منظور تقديسي تصنيمي، فلا يجرؤ على مساءلة النموذج الذي يختار تبنيه وتطبيقه على النصوص العربية التي يدرسها. ولهذا فإن انتقاله إلى نموذج آخر ينبع من الانبهار نفسه الذي تملّكه تجاه النموذج الأول، وهكذا دواليك. إن المغلوب يقلّد الغالب في كل شيء، في الملبس والمأكل والمشرب، وحتى في الثقافة والفكر والنقد. يضع البحراوي إصبعه على جذر الإشكالية المعقدة التي حكمت علاقة الناقد العربي الحديث، وأكثر منه المعاصر، بمصادره النظرية والنقدية التي تحصّلت له من خلال قراءته المباشرة في لغات النظرية الغربية الأساسية، أو عبر الترجمات (التي تعاني في كثير منها من أخطاء الترجمة والغموض والبلبلة واللغة الاصطلاحية التي فشلت في أن تصبح جزءاً أصيلاً من اللغة النقدية المفهومة والشائعة بين النقاد العرب أنفسهم فكيف بالطلاب والقراء). إن المشكلة تتصل بالعقل المنبهر غير المنتج ولا تتصل، من بين أشياء أخرى، بما تعارفنا عليه من ضرورة تحقيق مزاوجة بين الأصالة والمعاصرة. ففي دول تابعة، سياسياً واقتصادياً وعلمياً، وكذلك فكرياً وثقافياً، لا يمكننا تعيين الحدود التي تفصل بين ما هو أصيل وما هو معاصر، إلا إذا أردنا الانتقال قروناً من الزمان لنعيش الماضي وأسئلته وإشكالاته، كما تطرح السلفيّة الدينية والفكرية والثقافية والنقدية العربية في الوقت الراهن: أي أن ندير ظهرنا للعالم ونستعيد الماضي الفردوسي للفكر والثقافة العربيين، وكأنهما لم يتلوّثا، ولم يتهجنّا، بما كان عند الآخرين ممن صاروا جزءاً أصيلاً من الحضارة العربية الإسلامية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقل تابع أم نقد تابع عقل تابع أم نقد تابع



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا
 العرب اليوم - وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 14:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
 العرب اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 07:30 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوق الأسهم السعودية تختتم الأسبوع بارتفاع قدره 25 نقطة

GMT 15:16 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

فليك يتوجه بطلب عاجل لإدارة برشلونة بسبب ليفاندوفسكي

GMT 16:08 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سحب دواء لعلاج ضغط الدم المرتفع من الصيدليات في مصر

GMT 15:21 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

لاعب برشلونة دي يونغ يُفكر في الانضمام للدوري الإنكليزي

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 14:05 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سيمون تتحدث عن علاقة مدحت صالح بشهرتها

GMT 15:51 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

غارة إسرائيلية على مستودعات ذخيرة في ريف دمشق الغربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab