دمشق ـ وكالات
صدر للشاعر السوري محمد علاء الدين عبدالمولى بالإسبانية والعربية ديوان "مجازاتٌ مكسيكية" MÉTAFORAS MEXICANAS قامت بترجمته إلى الإسبانية الشاعرة والمترجمة اللبنانية صباح زوين وراجع النص الإسباني: إدغاردو زوين (من الأجنتين). مشروع الكتاب وترجمته وطباعته تم بدعم من مؤسسة SEDEREC المكسيكية المهتمة بقضايا التنمية الريفية وتقاليد وثقافات الشعوب وحوار الثقافات. تضمن الكتاب عدداً من القصائد التي كتبها الشاعر خلال وجوده في المكسيك، وكثيرٌ من هذه القصائد تحاور المكان المكسيكي والذاكرة المكسيكية. جاء الكتاب في 194 صفحة قطع وسط. ولوحة الغلاف من عمل الشاعرة سمر دياب.
كما صدر للشاعر علاء عن منظمة Casa Refugio Citlaltépetl كتابٌ مترجم للغة الإسبانية، تضمّن مختاراتٍ من شعره بعنوان: ( غيومُ اليوم، شتاءُ الغـَد ) ترجمة أحمد يماني (شاعر ومترجم من مصر). جاءت المختارات في 108 صفحات قطع وسط.
و مع مطلع العام 2013 صدر العدد الجديد رقم 32 من مجلة Lineas de fuga التي تصدرها منظمة Casa Refugio Citlaltépetl في المكسيك، المتضمن أنطولوجيا الشعر السوري الحديث، والتي قام الشاعر علاء بإعدادها منذ عام. جاء العدد في 127 صفحة من القطع الوسط. التي راعى فيها كما قال على صفحته على الفيس بوك حيثيات تتعلق بأسلوب عملهم وحجم المجلة. لذلك اضطر مرتين للتعديل فيها .. وتابع : لاشك هي مثل كل الأنطولوجيات لن تكون كافية ووافية ولا جامعة مانعة، ولا بد أن يشوبها شوائب موضوعية يعرفها كلّ من قدم أنطولوجيا شعرية.
الأنطولوجيا من ترجمة Fernando Juliá
ومما كتب في المقدمة التي وضعها للأنطولوجيا:.أشعرُ بمسؤوليّةٍ عميقةٍ وأنا بصددِ تقديم مختارات من الشعر الحديث في سوريا. فمن جهةٍ هناك عدد كبير من الشعراء، ومن جهة ثانيةٍ هناك أنماط مختلفة من الكتابة الشعرية. هذا بالإضافة إلى الفترة الزمنية التي ينبغي مراعاتها في الاختيار.
لقد بدأتْ تجربةُ الحداثة في الشّعر السّوري من منتصفِ القرنِ الماضي، كاستجابةٍ طبيعيةٍ لعدد من العوامل الداخلية والخارجية، في عملية تلاقحٍ ثقافيّ لا بدّ منها، لأن مفهوم الحداثة مفهومٌ عالميٌّ، يتغلغل في مستويات الحياة جميعها. ومن اللافت للنظر أن المجتمع العربيّ مع الأسفِ لم يحقق مفهوم الحداثة في الفكر والثقافة والدين والسياسة، وإنما اقتصر الأمر على مجموعة نخبٍ من المفكرين والمثقفين، إلى جانب نخبٍ من الأدباء والشعراء. وقد عانت الحداثةُ عندنا في سوريا من هذا الشّرخ الهائل المتمثّلِ في أننا نكتب شعراً حديثاً ورواية حديثةً ومسرحيّةً حديثةً، ونترجم (هيغل ونيتشه وإليوت وكافكا وأوكتافيوباث)... الخ ولكننا في عمقنا الثقافي والاجتماعيّ مازلنا خارج تجربة الحداثة الحقيقية. وهذا ما خلق معضلاتٍ كثيرةً في حياتنا الأدبيّة والسياسيّة والاقتصاديّة. وقد انعكس هذا على كثيرٍ شعرنا. إنَّ قسماً من شعرائنا يكتبون القصيدةَ الحديثةَ كتجربة كتابةٍ وأسلوبٍ أدبي، بتقنيات حديثةٍ، ولكنه شعر مفتقرٌ إلى الوعي الحديث، إلى الرؤيا الحديثة، إلى الموقف الحديث من العالم والمجتمع والتراث والله والمستقبل.
هذه المختارات تمثّلُ خارطة بانوراميّةً مضيئةً للشِّعر السّوريّ منذ بدايات علاقته مع الحداثة.
إن المجتمع للسوري مثل بقية المجتعات العربية في المنطقة، عانى من ارتباط الفنّ والأدب والثقافة بقضايا السياسة والأحزاب والحروب، خاصة أنه مجتمعٌ حُكِمَ بالعسكر من خلال حكوماتٍ جاءت بها الانقلابات العسكريّة المتتالية حتى عام 1970 وقبل الانقلابات كان هناك احتلالٌ فرنسيّ ومن قبله تركيّ.
هذا الوضعُ خلقَ أفكارا ترى في الأدب مسؤولاً عن تقديم رؤية سياسيةٍ وأيدويولوجية تتلاءَمُ مع السلطة الحاكمة وحزبها في كل مرحلة. وسوفَ يجدُ الشعر نفسه هنا مرهوناً لصراع الأفكار السياسية والأيديولوجية، الأمر الذي سوف يضيّقُ على الشعراء من آفاق اكتشاف اللغة الشعرية والتجربة الجمالية للشعر مستقلَّةً عن توظيف الفن والشعر لغاياتٍ من خارج طبيعتهما. لذلك سعيتُ في هذه المختارات إلى التركيزِ على حركة شعريّة صافيةٍ، وذلك قدرَ الإمكانِ، حركة متحررة من أعباء السياسة المباشرة والعقيدة الأيديولوجية الطاغية على مناخ التجربة الجمالية، بل عملتْ على تطويرِ حركة القصيدة في سوريا بأشكالها وأدواتها وأساليبها. ابتعدتُ نهائيّا عن الشعر الواقعيّ، السياسيّ الحزبيّ، المرتبط بقضايا تبشيريّةٍ ومصلحيّةٍ، شعرٍ يكرّسٌ عبادة الحاكم الفرد، اعتبرتُ ذلك خارج مملكة الشعر أصلاً. ابتعدتُ عن الشعر الذي تنغلقُ رؤيته على فكرةٍ متعصّبة لقوميّةٍ، أو فكرةٍ إلغائيّةٍ رافضةٍ للآخر، وأخذت الشعر الذي يفكّرُ بالعلاقة بين الذات والآخر، بين الذات والعالم.
تنتشرُ في هذه المختارات ملامحُ تجمع فيما بينها بشكل عامّ، فهي قصائد في الإنسان والحب والجسد والحزن والأمل واليأسِ، والتأمّلِ في الحياة والوجودِ الذَّاتيّ والوجودِ المطلق. قصائد تعمل بشكل حقيقيّ إبداعي على تقديم التجربة الشعرية بعناصر مميزة من اللغة الشعرية، إلى الصورة، والرمز، إلى قراءة الواقع قراءة تحويلية تستلهم منه رؤيا شعرية يتم التعبير عنها بالمجازات والاستعارات والخيالات. عناصر تحوّل الواقع الواقعيّ إلى واقعةٍ شعريّة بالدرجة الأولى. ولا تكتفي بقولِ الواقع كما هو في حدوده الضّيّقة.
أخيراً ابتعدتُ عن تقديم نماذج لشعراء حديثين اختاروا الدفاع عن نظام الديكتاتور بشار الأسد، في حربه الشاملة ضد الشعب المنتفض ضدّه، منذ شهر مارس 2011 ، لأني وجدتُ هناك تناقضا مرعباً وغير أخلاقيّ، بين شاعر يدّعي الرؤيا الحديثة ويتغنّى بالحرية والحب، ثمّ يقف مدافعا عن جرائم طاغية أمر بقتل وتدمير ونهب واستباحة كل الممنوعات في المجتمع السوريّ. ومع الأسف هناك شعراء من هؤلاء لهم دورٌ جيّد في الشعر السوريّ، ولكني لم أستطع أن أكون حياديّا في هذه النقطة، بكل صراحة ووضوح.
أردتُ تقديم نماذج شعريّة تعطي صورةً مقنعةً عن إمكانيات شعراء سوريا، وهي إمكانياتٌ متميّزةٌ ومهمّةٌ في تاريخ القصيدة السورية.
وكان عليَّ أن أختارَ ما ارتأيتهُ يدخل في صلب الحداثة الحقيقية، لشعراء قسمتهم إلى جيلين: القسم الأول سميته (الجيل الأول) يشمل مراحل الخمسينيات حتى أواخر السبعينيات، والقسم الثاني سمّيتُه (الجيل الجديد) يشمل المراحل اللاحقة حتى تاريخه.
ومثلَ كلِّ مختارات شعرية سيضطرّ المرء إلى أخذِ عيّناتٍ ( ليستْ عشوائيّةً بكلّ تأكيدٍ ) تمثّلُ نمَطاً فنيّاً أو تجربةً أو رؤيةً ما، أي أنني أمام كمّ كبير من الشعراء كان لا بدّ من اختيار ما رأيتُه الأفضل (ورؤيتي تتضمن موقفا نقديا من الشعر طبعاً) من بين كل مجموعة شعراء في مرحلة معينةٍ، ساعياً إلى تقديم صورةٍ مُقْنِعةٍ عن واقع الشعر الحديث في سوريا.
وإنني إذ أتقدم بالشكر والتقدير إلى العاملين في Casa Refugio Citlaltépetl لدعمهم هذا الكتاب، فإنني آملُ أن أكون قد قمتُ بمسؤوليتي تجاه شعر بلدي أمامَ القرّاء النّاطقين باللغة الإسبانية في دولة المكسيك وغيرها.
أرسل تعليقك