دمشق ـ سانا
رسالة إلى سيدة نص أدبي يوجهه يوسف سامي يوسف إلى المرأة الكلية بشكل عام أكثر مما يوجهه إلى امرأة معينة او محددة الهوية بغية تقديم نص أدبي فيه مزايا جمالية تحمل بعض الرؤى الحديثة إلا أنه بعيد عن الرواية أو القصيدة فهو نص أدبي لا يصنف في الأجناس الادبية التقليدية.
يبدو أن هذه الرسالة التي يوجهها يوسف تشبه ما تحمله الرواية أو القصيدة من حيث المعنى فهي تنطوي على ذكر أحداث تشبه أحداث الرواية و القصة كما يندرج فيها شيء من روح الشعر وأن غابت مزاياه فالنص يتحدث عن رجل أحب فتاة يانعة حبا عذريا في سالف زمانه أو يوم كان في مقتبل العمر منذ أكثر من نصف قرن وعاش معها فترة من الزمن لكنها تزوجت ورحلت إلى البعيد ولم يرها إلا مرة واحدة بعد مضي تسع سنوات على مغادرتها لمدينة دمشق.
يظهر أن تلك التجربة الغرامية ليست سوى الهيكل العظمي لهذه الرسالة التي يتدخل فيها الخيال كثيراً تعويضاً عن الاعتماد على التاريخ وتطوره الكئيب في مثل هذه المواضيع لأن النص منسوج من مادة واقعية وحادثة حقيقية اشتغل عليها الخيال والثقافة فتكونت الرسالة كحالة إبداعية متفوقة في وجودها التعبيري.
وحرص يوسف على تحويل أشياء هذا النص إلى رؤى ابداعية تتجاوز الواقع وتأخذ من الخيال دلالات والفاظا وعبارات فيها كثير من العواطف الساعية إلى إنشاء بنية تواصلية شديدة بين النص وكاتبه وبين المتلقي الذي قد يرى كثيرا من همومه وإشكالاته خلف تلك العبارات الموجودة لهذه الرسالة.
ويحرص الناقد السوري من وراء نصه على تجاوز الضعف الذي راح يهدد الأدب العربي خلال التاريخ الراهن حيث بدأت الكتابة تسف وتضعف منذ أواسط القرن الثالث الميلادي وهذا الضعف بدأ يتطور ويضرب أطنابه بعد الاحتلال العثماني للوطن العربي فتراجعت اللغة العربية وتراجع مدها الثقافي أمام ما يغزوه من لغات آخرى غايتها ان تصبح الأمة دون هوية ثقافية.
وفي رسالة يوسف ثمة جهد يحقق استقلابا في صيرورة الأشياء ورفع مستوى اللغة إلى الرفعة والقوة وأبعادها عن الغوغائية الحديثة المنخرطة في التهديم فتبنت قيما وأخلاقا ليست غريبة عن مجتمعاتنا الشرقية وظهرت كعمل وطني له أهميته في التاريخ داخل حراك العالم الثقافي والذي يتميز بتناقضه.
ويغلب على نص الرسالة الطابع الأدبي الذي تمكن من أبعادها قليلا عن الواقع فالرسالة تضفى على المرأة التي يتوجه إليها الخطاب بعضا من الصفات الصوفية على شاكلة طرح ابن الفارض في شعره وكذلك في نثره فهى امتداد لهؤلاء الصوفيين في العمل على رفع المرأة الى افق باذخ شامخ قوامه التفاؤل والاحترام وأن الأنوثة هي قوة الخلق والإبداع و الابتكار في الكون كله.
يذكر أن الكتاب من منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب ويقع في 201 صفحة من القطع المتوسط.
أرسل تعليقك