يناقش كتاب "التاريخ السري للديمقراطية" والذي صدر حديثاً عن منتدى العلاقات العربية والدولية، ومقره الدوحة، أهم الإشكالات المتعلقة بالديمقراطية وتاريخها، والرؤى الفكرية المتعلقة
بها، ويعيد طرح مجمل الأسئلة النقدية المتعلقة بالتأريخ للديمقراطية ونماذج تمثلاتها.
ويقع الكتاب في351 صفحة، وهو من إعداد"بنجامين عيسى خان" و"استيفن ستوكويل" وقد ترجمه "معين الإمام" ويضم مقدمة وأربعة أجزاء وخاتمة، حيث يعالج الكتاب إشكالاً مركزياً
يفرق بين التاريخ القياسي لوجود الديمقراطية، والتاريخ السري لها؛ بغية تقديم رؤية أكثر ديمقراطية لتاريخ الديمقراطية، متجاوزاً بذلك السردية المألوفة عن نشأة الديمقراطية وتطورها.
ويتناول الجزء الأول من كتاب "التاريخ السري للديمقراطية"، "الديمقراطية ماقبل الأثينية" مُستعرضاً أوجه الديمقراطية البدائية، ومقارناً بين الشرق الأوسط القديم وأثينا الكلاسيكية، كما ضم
هذا الجزء عرضا عن الديمقراطية فيما قبل أثينا، وجمهوريات ومؤسسات الديمقراطية في الهند القديمة والصين.
وخصّص الجزء الثاني للديمقراطية "في العصور الوسطى" حيث استعرض تاريخ الديمقراطية في الإسلام، مُجيباً عن السؤال لماذا خلت المعرفة الغربية بتاريخ الديمقراطية بصورة كلية
تقريباً من أي إشارة إلى الإسلام؟
وقد تحدّث الكاتب في هذا الفصل عن المبادئ الأساسية التي يتقاسمها الإسلام والديمقراطية، وأكد على انسجام مقاصد الشريعة الإسلامية مع غايات الديمقراطية، مستعرضا أهم المبادئ
الجوهرية في النظام الإسلامي، والتي تنسجم مع المبادئ الكبرى في الديمقراطية؛ مثل: المساواة وحرية التعبير، والمشاركة السياسية، ومسألة السيادة، كما اشتمل هذا الجزء على حديث
ضاف عن مثل ومطامح الديمقراطية، ووضع القوانين في إيسلندا القروسطية، والثقافة الديمقراطية في جمهورية البندقية المبكرة.
أما الجزء الثالث فقد تطرق إلى موضوع "الديمقراطية الأهلية المحلية، والاستعمار"، حيث استعرض هذا الفصل تجارب الديمقراطيات الأهلية في السياق الإفريقي، وأهم خصائصها وطرق تشكلها، هذا بالإضافة إلى عرض تجربة سكان أستراليا الاصليين مع الديمقراطية، و تجربة جنوب إفريقيا.
وتحدّث الجزء الرابع والأخير من الكتاب عن "تيارات بديلة في الديمقراطية الحديثة" وقد بدأ بدور المرأة في الخطاب الديمقراطي في الشرق الأوسط، والعوائق التي وقفت دون وصولها
إلى مكانتها الديمقراطية، والجهود الثقافية والسياسية التي بذلت في سبيل تمكينها من دور ديمقراطي فاعل، كما توقف مع تجربة الشارع العراقي وأثر التعدد المذهبي، والمحن الطائفية
والتدخل الخارجي، في تعثر التجربة الديمقراطية في العراق، كما اقترح الفصل الأخير من هذا الجزء إجراء مراجعة جوهرية لأسلوب تفكيرنا بالديمقراطية، من خلال السير في أفق الديمقراطية الرقابية.
وعنوّن المؤلفان الخاتمة بـ "دمقرطة تاريخ الديمقراطية" في إشارة للفكرة المركزية للكتاب، والتي تبرز أن تاريخ الديمقراطية ينطوي على أكثر مما هو معروف عنها الآن، وأن ثمة تجارب وحقباً تاريخية وشعوباً عديدة، أسهمت في تطورها.
أرسل تعليقك