مسرحية البئر البحرينية عزف على أشجان الوطن
آخر تحديث GMT09:28:30
 العرب اليوم -

مسرحية "البئر" البحرينية عزف على أشجان الوطن

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - مسرحية "البئر" البحرينية عزف على أشجان الوطن

المنامة ـ وكالات

برؤية فلسفية متعمقة تؤصل لطبيعة الحياة البحرينية يكتب الشاعر الكبير علي الشرقاوي مسرحيته "البئر"، والبئر عند الرجل العربي منبع الماء، والماء إكسير الحياة، الذي كان سبباً في نشأة البحرين وتطورها، حيث كانت عيون الماء العذبة المتفجرة في أرض البحرين هي التي تدفع العطاشى والهائمين من المسافرين عبر البحر إلى النزول إلى تلكم الجزيرة في قلب الخليج، ثم ما لبث أن استوطنها الناس. "البئر" مسرحية ذات طابع تراجيدي عنيف يهز الإنسان هزاً عنيفًا تتجلى فيها تراجيديا عنيفة تصور كيف يكون الإنسان، عندما يتوه العقل وتنعدم الرؤية ويفقد الإنسان القدرة على معرفة العدو من الصديق، أو ينسى الأخ أخاه، مستوحياً بعض أفكارها من التراجيديا الأزلية "قابيل وهابيل" عندما يعلو صوت "الأنا"، ويمرض القلب، ويسكنه الشيطان، فيغيب الوعي، وتنطمس البصيرة، فتتحول يد الرعاية والحنو إلى يد بطش وانتقام. مسرحية الشرقاوي أخرجها مؤخراً الطالب محمود العلوي على مسرح الصالة الثقافية، تحت رعاية جامعة المملكة، ونجح العلوي -عبر رؤية درامية مشحونة ومتأججة- بأن جعل المتفرج يسبح معه في بحر عميق من المشاعر الفياضة والأحاسيس العالية، حيث عرض أهم القضايا محل الجدل في البيئة البحرينية. لقد جسد النتائج التي قد تثمر عن الحل غير الرشيد للمشكلات، فمن خلال مأساة عالية الشجن وإيقاع حزين يقتل الأخ أخاه في المشهد الافتتاحي أو البرلوج المسرحي بسبب التنازع، ليبدأ المشهد الثاني من خلال حالة الندم والتيه التي اعترت القاتل، ليبدأ المخرج في استعادة الأحداث في صورة مشاهد فلاش باك على غرار اللغة السينمائية، وذلك من خلال أخوين توأمين. أراد المخرج أن يجعلنا لا نفرق بين أحد منهما كرمز للأخوة المتحدة المتأصلة والمتجذرة في عمق البيئة البحرينية بكل طوائفها، حيث يخرج الأخوان "شاهين وشعبان" في رحلة الصحراء الشاسعة الممتدة، حيث تعصف بهما الريح، ويدفعهما الظمأ إلى أن يأويا لجزيرة صحراوية، ليدور بينهما حوار مفعم بالشجن، ممتلئ بالضجر والحزن، وشدة الندم على الرحيل عن الوطن، وفي رحلتهما للبحث عن الماء، يحفران بئر الماء، وينبع الماء عذباً فواراً ليتبدد السخط واليأس ليحل الرضى والأمل كما جاء على لسان شخوص المسرحية" الماء يعني أن تنبت الأرض، فينمو الزرع، ويكثر الضرع، فيأتي الناس "لكن المتبرم الكاره لمجيء الناس يجيب "لكن لا أحب الأغراب" فيجيب الصوت العاقل "لكن لولا الأغراب ما كان بناء" ويصل بنا الصراع الدائر بين الأخوين لذروة الأحداث عندما يتنازع الأخوان على ملكية الواحة، والاسم الذين يطلقونه عليها، "واحة شعبان، أم واحة شاهين" فيرفع أحدهما حجراً ليهوي به على رأس أخيه، ويعود المخرج من هذا الفلاش الطويل للواقع، حيث يجد القاتل نفسه وحيداً في جزيرة نائية بغير معين، يرقد أمامه جثمان أخيه المسجى فوق رمال الصحراء ...فلا يملك إلا الصياح والبكاء في وقت لا ينفع فيه بكاء. الممثلان التوأم أحمد ومحمد عجلان استطاعا تجسيد الأحداث والأدوار ببراعة فائقة، استحوذت على مشاعر وأحاسيس المتفرجين، من خلال تقمص كامل للشخصيات وتصوير أبعادها السيكولوجية والسيسيولوجية والفسيولوجية، من خلال لغات التصوير الساكنة والمتحركة، بداية بالحركة التي كانت أشبه بحركات ثمل للتعبير عن حالة الضياع وفقدان الوعي الذي اعترى الشخصيتين، كذلك من خلال الإيماءات والإشارات واللغة غير اللفظية، والدموع المسكوبة، فضلاً عن الكلمات التي صاغها الشرقاوي بلغة عربية فصحى رصينة تحمل دلالاتها عمق الحدث ودقة التصوير، رمز بها المخرج والكاتب للعروبة المتأصلة في أرض البحرين.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسرحية البئر البحرينية عزف على أشجان الوطن مسرحية البئر البحرينية عزف على أشجان الوطن



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab