يتحول محصول القمح في عدد من مناطق شمال شرق سوريا إلى علف للأغنام بعدما أفقد الجفاف المزارعين آمال جني محصول وفير هذا العام.
ومقابل أسعار رمزية يبيع مزارعون في شمال شرق سوريا إنتاجهم إلى رعاة الأغنام، ما يؤدي لخسائر كبيرة في المحصول الذي يعد ركيزة للاقتصاد ومصدرا رئيسيا للدخل وشبكة أمان اقتصادية مهمّة للأسر الفقيرة في شمال شرق البلاد.
ويقول أحد المزارعين لوكالة "فرانس برس" إنه لم يحصد محصول القمح، "حتى لتأمين قوتنا من الخبز"، ويضيف: "للسنة الثانية على التوالي نواجه الجفاف، في كل عام نتحسّر على العام الذي سبقه". ويستذكر سنوات سابقة حين كانت "أرتال الشاحنات تنقل أكياس القمح من أرضه بلا توقف الى صوامع الحبوب".
وفي منطقة تعتمد بغالبيتها على الزراعة البعلية وهطل الأمطار، يقول إنه زرع مئتي دونم بالقمح، وبدل أن يحصد محاصيل وفيرة، انتهى الأمر بالأغنام تلتهم محصوله.
وتقول الوكالة إن مشهد الأغنام التي تحولت حقول القمح إلى مراع لها يتكرر في المنطقة التي كانت تعد قبل اندلاع الأزمة في البلاد عام 2011، مصدرا رئيسيا لحاجة البلاد من القمح، وتعد اليوم الأكثر تأثراً بالجفاف وتدني مستوى الأمطار.
ويتحدث مزارع آخر للوكالة كيف وجد نفسه "مجبرا على بيع محصول 157 دونما للرعاة، مقابل 15 ألف ليرة (نحو 4 دولارات) للدونم الواحد بينما كلفة زراعة الدونم تجاوزت عشرين الفاً.
وكانت سوريا من البلدان المكتفية ذاتيا بالقمح، بإنتاج سنوي كان يتجاوز 4 ملايين طن سنويا، لكن مع توسع رقعة المعارك وتعدّد الأطراف المتنازعة، انهار الإنتاج إلى مستويات قياسية، وباتت البلاد مجبرة على الاستيراد.
وحسب تقرير تقرير نشرته منظمة (IMMAP) الدولية المتخصصة في إدارة البيانات في أبريل الماضي، فإن انخفاض إنتاج القمح في سوريا، يعود إلى الجفاف الناجم عن تغير المناخ، ويقول التقرير إن معظم أجزاء شمال شرق سوريا شهدت "فترات جفاف طويلة خلال مواسم المحاصيل الشتوية، والتي جفّفت الكثير من محصول القمح النامي".
وخلال السنوات الأخيرة انخفض إنتاج القمح في شمال شرق سوريا، إلى مستويات قياسية إذ سجّل الموسم الزراعي الشتوي 2020 - 2021 مستوى الإنتاج الأدنى منذ عام 2017 في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور، وفق بيانات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو).
وشكّل إنتاج القمح في محافظة الحسكة الموسم الماضي 26 في المئة مما كان عليه العام الذي سبقه، بعدما تراجع من 805 آلاف طن في موسم 2019-2020 الى 210 آلاف طن الموسم الماضي.
وتضاف إلى التغيرات المناخية، وتراجع كميات الأمطار، تحديات أخرى إذ يواجه المزارعون تحديا آخر يكمن في بناء فصائل سورية موالية لتركيا سدودا على نهر الخابور الذي يمر في قرى عدة في شمال شرق سوريا، ما يفاقم تداعيات الجفاف، وفق تقرير نشرته قبل أشهر منظمة "باكس" الهولندية لبناء السلام.
وتحاول السلطات المحلية دعم المزارعين وفق الإمكانيات المتاحة، إذ تقول الرئيسة المشتركة لهيئة الزراعة والريّ في الإدارة الذاتية الكردية في شمال وشمال شرق سوريا ليلى محمّد: "جراء الجفاف، نعتمد هذا العام بالدرجة الأولى على الزراعة المروية لثلاثة ملايين دونم تلقت دعمنا من المازوت والبذار".
وتضيف أن من أسباب تراجع الزراعة خلال سنوات النزاع تخلي "الكثير من المزارعين عن الزراعة ومغادرتهم لقراهم" على وقع التوترات الأمنية، عدا عن "العوامل المناخية التي أثّرت على الإنتاج والنوعية".
وتتنافس الإدارة الذاتية والحكومة السورية على شراء محاصيل القمح من المزارعين، لتوفير الحد الأدنى من احتياجات المناطق تحت سيطرتهما.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أوكرانيا تُحذر بشأن تفاقم أزمة القمح العالمية وتؤكد أن 75 مليون طن ستكون عالقة في الخريف
انخفاض أسعار القمح العالمية بعد تصريحات بوتين بشأن الموانئ الأوكرانية
أرسل تعليقك