منافسة التجارة الإلكترونية والأسواق الكبرى تضعف مول الحانوت
آخر تحديث GMT04:37:00
 العرب اليوم -

منافسة التجارة الإلكترونية والأسواق الكبرى تضعف "مول الحانوت"

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - منافسة التجارة الإلكترونية والأسواق الكبرى تضعف "مول الحانوت"

التجارة الإلكترونية
الرباط - العرب اليوم

خلال السنوات الأخيرة، برز تحدٍّ جديد أمام التجار الصغار من أصحاب محلات البقالة، يتمثل في منافسة التجارة الإلكترونية، لتنضاف إلى المنافسة الشرسة التي يعاني منها "مول الحانوت" من لدن الأسواق التجارية الكبرى، التي استقطبت نسبة جد كبيرة من الزبناء المنتمين إلى الطبقة المتوسطة وحتى ما دونها.

منافسة التجارة الإلكترونية لأصحاب محلات البقالة، الذين لا يزال أغلبهم يشتغلون بالطريقة الكلاسيكية التي ورثوها عن الجيل الأول الممارس لهذه المهنة، تنذر باستمرار نشاطهم في الانحسار، خاصة في ظل هبوب رياح ثقافة جديدة على المجتمع المغربي، أفضت إلى إقبال المغاربة على تجريب أنماط جديدة للشراء والاستهلاك.

لا يُخفي الطيب آيت باه، وهو تاجر قضّى في مهنة "تبقّالت" أربعة وثلاثين عاما، تخوُّفه من المصير غير السارّ الذي يحيق بتجارة القرب إذا استمر الوضع على ما هو عليه، أي تغوّل المراكز التجارية الكبرى والتجارة الإلكترونية، من جهة، وانكماش البقال خلف "الكونطوار"، دون بذل جهد لتحسين وضعيته وفرض نفسه في مضمار المنافسة.

ويحمّل آيت باه مسؤولية عدم مبادرة التجار الصغار إلى تغيير وضعهم إلى الهيئات الممثلة لهم، من غرف وجمعيات، والتي لا تقوم، حسب رأيه، بالدور المنوط بها في مواكبتهم وتكوينهم تكوينا يستهدف فكْر التاجر ونظرته إلى الواقع، بهدف تطوير قدراته ليكون منافسا قويا في السوق المحتدمة بالمنافسة الشرسة.

ويُعدّ قطاع التجارة، الذي يمثل التجار الصغار نسبة كبيرة من الفاعلين فيه، ثاني قطاع موفّر لفرص الشغل، إذ يشغّل مليونًا ونصف المليون شخص؛ لكنّ واقع حال أصحاب محلات البقالة لا يعكس هذه القوة التي يمثلونها في السوق، على الرغم من أنهم حين يتكتّلون يصير صوتهم مسموعا، كما حصل خلال الأزمة التي تسببت فيها الفوترة الرقمية.

وعلى الرغم من أن الهيئات الممثلة لأصحاب محلات البقالة تنظم تكوينات بين فينة وأخرى، فإن هذه التكوينات "تصبّ فقط في عصرنة الظاهر، وتجعل طموح التاجر محدودا عند سقف حفظ المكانة الاعتبارية لوالده الذي سبقه إلى المهنة؛ في حين أن التكوين يجب أن يغيّر عقلية وتفكير التاجر، ويفتح أعينه على فرص التطوير الذاتي المتاحة، واقتحام مجالات أخرى عوض السير على درب من سبق دونما قدرة على أن يحيد عنه"، يقول آيت باه.

وضرب المتحدث ذاته مثالا حول "النمطية" التي تطبع سلوك التجار الصغار بعيد الأضحى، حيث يُغلق جميع التجار محلاتهم طيلة أيام العيد وما بعدها، ويغادرون المدينة صوْب البوادي التي يتحدّرون منها، خاصة في الجنوب، دأْبا على نهج الجيل الأول، تاركين الساحة فارغة، متسائلا: "الرجوع إلى الأصل فضيلة، ولكن ليس بالضرورة أن نهبّ جميعنا ونعود إلى "البلاد"، في وقت واحد".

وإذا كان التطور الذاتي يقتضي مقدارا معيّنا من المغامرة، باعتبارها مفتاحا لأبواب جديدة على درب الحياة، فإنّ سبب تفكير التجار الصغار من داخل منظومة واحدة يعود إلى أن التفكير الجماعي يقلّل نسية الخوف في نفس الإنسان ويُشعره بنوع من الاطمئنان، كما يرى الطيب آيت باه، الذي خَبر جيدا كيف يفكّر "مول الحانوت" وكيف ينظر إلى محيطه.

ويعود المتحدث إلى بدايات انطلاق قطاع تجارة القرب، ليخلُص إلى أن أصحاب محلات البقالة "لم يلجوا هذا القطاع عن حب، بل مُكرهين"، وزاد موضحا أن هذه المهنة يتم توارثها بشكل أوتوماتيكي، حيث يجد ممارسُها نفسه منغمسا فيها، لأن أباه أو أحد أقاربه سبقه إليها، فيسير على نهج مَن سبقوه، دون التفكير في القيام بأي تغيير ذاتي، "لأنّ كل مستجدّ بالنسبة إليه يكون محفوفا بالخوف، والانغماس في المألوف يضمن نسبة من الأمان".

وبالرغم من أن "مُول الحانوت" استغرق سنين عددًا وهو منغمس في هذا الكمون والانطواء على الذات، فإن التغيرات المتسارعة التي يشهدها قطاع التجارة تفرض عليه أن يتدارك ما فات، حتى لا يتخلّف عن الرّكب، حسب آيت باه، الذي يضيف: "إذا لم نطوّر أنفسنا، فإننا سنفقد ما تبقى لنا من الزبناء لصالح المتاجر والكبرى والتجارة الإلكترونية، ولن يتبقى لنا غير أصحاب "كناش الكريدي"، أي أننا سنتّجه مباشرة إلى الفقر والمعاناة".

ويرى المتحدث ذاته أن هذا التغيير لا يمكن أن يتمّ إلا انكبّت الهيئات الممثلة للتجار الصغار على تأطيرهم تأطيرا عصريا لتغيير طريقة نظرتهم إلى الواقع، "فما نحتاج إليه الآن هو من يشرح لنا الواقع لنفهمه، ويضع إستراتيجية واضحة لتحقيق هذه الغاية، وليس من يستثمر في تخويف التجار والسير بهم إلى الهاوية خدمة للمصالح الشخصية".

وفي الوقت الذي يتزايد فيه إقبال المغاربة على التسوق من المتاجر الكبرى أو عن طريق التجارة الإلكترونية، فإن الطيب آيت باه يرى أن بوُسع البقال أن يضمن لنفسه مكانة في مضمار المنافسة، بالرغم من عدم تكافؤ موازين القوى، موضحا أن التاجر الذي يتوفر على محل وعلى سلعة لا ينقصه سوى الانفتاح على محيطه وابتداع طرُق جديدة لخدمة الزبناء، كطريقة التوصيل مثلا، خاصة في ظل توفر وسائل عديدة للتواصل.

وأكد أن الطبقة المتوسطة لا تذهب إلى الأسواق الكبرى فقط من أجل اقتناء حاجياتها من المواد الغذائية، بل بحثا عن قليل من الرفاهية وخدمات معينة؛ وهو ما يحتّم على التاجر الصغير أن ينتبه إلى هذه التفاصيل، وأن يبتدع طرقا جديدة لـ"إرضاء" الزبون، بهدف الحفاظ عليه في سوق تستعر فيها المنافسة يوما بعد يوم.

ونبّه المتحدث إلى أن المراكز التجارية الكبرى بدأت تنافس البقالة حتى في بعض الخدمات التقليدية التي تميّز معاملاتهم، وفي مقدمتها "كناش الكريدي"، حيث تقدم للزبناء تسهيلات في الأداء؛ ما يعني، يضيف المتحدث: "تناقص أعداد زبنائنا بشكل مطرد، لنجد أنفسنا في مواجهة الفقر مباشرة".

أخبار تهمك أيضا

50 مليون دولار إلى مصر من البنك الدولي لمواجهة وباء "كورونا"

تعرَّف على أضخم المديونيات في العالم وأكبرها أميركا

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منافسة التجارة الإلكترونية والأسواق الكبرى تضعف مول الحانوت منافسة التجارة الإلكترونية والأسواق الكبرى تضعف مول الحانوت



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 03:30 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

11 قتيلا وعشرات الجرحى إثر حادث دهس في سوق بألمانيا

GMT 08:45 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب توفيق يكشف للمرة الأولى سراً عن أشهر أغانيه

GMT 09:03 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يشوق جمهوره لدويتو مع رامي صبري

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مدحت صالح يروى صفحات من قصة نجاحه على المسرح الكبير

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab