عمان - العرب اليوم
كشفت ورقة تقدير وموقف أن واقع الظروف الاقتصادية والاجتماعية أقوى من التشريعات والسياسات الأردنية التي منعت تشغيل الأطفال، ولم تمنع النصوص التشريعية الأردنية الواضحة التي تحظر تشغيل الأطفال من اتساع رقعة عمالة الأطفال في الأردن. جاء ذلك في ورقة تقدير موقف أعدها المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال، والذي يصادف في الثاني عشر من حزيران من كل عام.
وأوضحت الورقة أن أحدث المؤشرات الاحصائية التي أعدتها منظمة العمل الدولية بالتعاون مع وزارة العمل ومركز الدراسات الاستراتيجية في الأردن في عام 2016، أن عدد الأطفال العاملين يبلغ ما يقارب 76 الفا، أما الأطفال الذي تنطبق عليهم معايير عمالة الأطفال بلغت ما يقارب 70 الفا، وأن عدد الأطفال العاملين في أعمال خطرة يقارب 45 الفا. ومعايير عمل الأطفال تتمثل في جميع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 عاما، والأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 16-17 عاما يعملون لأكثر من 26 ساعة في الأسبوع، إضافة إلى الأطفال الذين تقل أعمارهم 18 عاما ويعملون في أعمال خطرة.
وتفيد هذه المؤشرات إلى ارتفاع عمالة الأطفال في الأردن مقارنة مع المؤشرات الاحصائية قبل ما يقارب عشر سنوات، حيث بلغت(33) الف طفل في عام 2006، والتي تشير إلى أن عمالة الأطفال تضاعفت تقريبا بين الأردنيين. حيث بلغ عدد الأطفال الأردنيين من مجمل الأطفال العاملين 80.% بواقع 60.8 الفا، بينما بلغ عدد الأطفال العاملين من السوريين وجنسيات أخرى 20% بواقع 15.2 الفا. وتبلغ نسبة الفتيات العاملات من مجمل الأطفال العاملين 11.7% .
وأشارت الورقة إلى أنه وبالرغم من النصوص الواضحة في التشريعات الأردنية التي تحظر تشغيل الأطفال الذي لم يكملوا سن 16 عاما، وعدم تشغيل الأطفال ما بين سن 16-18 عاما في الأعمال الخطرة، إلا أن الواقع أقوى من مختلف هذه التشريعات والسياسات. فأعداد الأطفال المنتشرين بكثرة في سوق العمل الأردني والمؤشرات الاحصائية الجديدة كفيلة بإعطاء صورة أكثر واقعية من المؤشرات الاحصائية الرسمية وغير الرسمية التي يتم تداولها بين المعنيين من صناع السياسات والباحثين والمختصين والمؤسسات الرسمية والدولية.
وفسرت الورقة ارتفاع معدلات عمالة الأطفال في الأردن إلى أسباب عدة منها عوامل داخلية مرتبطة ببنية وطبيعة الواقع الاجتماعي والاقتصادي في الأردن، وأسباب خارجية مرتبطة بوجود مئات آلاف اللاجئيين السوريين خلال السنوات القليلة الماضية. وقد أدى اللجوء السوري إلى زيادة عمالة الاطفال في الأردن، فكما تم الاشارة اليه سابقا بلغت عمالة الاطفال السوريين ما يقارب 11.1 الفا، بنسبة 14.6% من مجمل عمالة الأطفال. بسبب ضعف الخدمات الأساسية التي تقدمها المنظمات الدولية ذات العلاقة باغاثة اللاجئين السوريين، بحيث لا تكفي المساعدات التي تقدمها لهم هذه المنظمات بمستويات مقبولة من شروط الحياة اللائقة، الأمر الذي يدفع هذه الأسر إلى تشجيع أطفالها للانخراط بسوق العمل.
وأوصت الورقة بضرورة اعادة النظر في السياسات الاقتصادية التي عززت التفاوت الاجتماعي وأدت إلى زيادة معدلات الفقر، وضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته تجاه اللاجئين السوريين، للحول دون اضطرارهم لدفع أطفالهم إلى سوق العمل لمساعدة أسرهم في تغطية نفقاتهم الأساسية. وتطوير العملية التربوية والتعليمية خلال المرحلة الأساسية للحد من عمليات تسرب الأطفال من مدارسهم. وتشديد الرقابة من قبل المؤسسات الرسمية على الأماكن التي تتركز فيها عمالة الأطفال، والعمل على تطبيق القوانين التي تحظر عمل الأطفال، ووضع عقوبات رادعة بحق المخالفين وعدم الاكتفاء بدفع غرامات بسيطة، هذا إلى جانب تفعيل الحملات التوعوية حول الآثار السلبية الناتجة عن عمل الأطفال في المدارس والأسر. وضرورة تطوير قاعدة بيانات دقيقة يتم تحديثها دوريا لعمالة الأطفال في الأردن.
أرسل تعليقك