في الوقت الذي كشفت فيه مصادر حكومية عن حصول مصر على الشريحة الثالثة من قرض صندوق النقد الدولي، الخميس المقبل، بات المصريون ينتظرون ارتفاعًا في العديد من الأسعار، والتي تأتي كأحد اشتراطات صندوق النقد الدولي.
وتوقع عدد من الخبراء ورؤساء الشعب التجارية، ارتفاع الأسعار قبل الحصول على الشريحة الثالثة، وقد يكون الارتفاعات خلال أحد أيام الأسبوع الجاري، الثلاثاء أو الأربعاء، أو الخميس. وكشف مصدر مسؤول بوزارة البترول، عن اقتراب الحكومة من الإعلان عن رفع أسعار المنتجات البترولية "البنزين والسولار والغاز الطبيعي"، قبل نهاية العام الجاري.
وأضافت المصادر في تصريحات سابقة، بعد إعلان البنك الدولي موافقته على قرض للتنمية بقيمة 1.15 مليار دولار لمصر لدعم برامج الإصلاح الاقتصادي، أن الحكومة لا تمتلك رفاهية عدم رفع الدعم نظرًا لارتفاع أسعار النفط العالمي، وهو ما يزيد من فاتورة الدعم، وأيضًا ضغوط صندوق النقد الدولي لاستكمال مصر خطة الاصلاح الاقتصادي، والتي كانت تشمل رفع الدعم كليًا قبل نهاية العام الجاري.
وتابعت المصادر أن الحكومة برئاسة المهندس شريف إسماعيل تواجه الكثير من الضغوط، لرفع أسعار البنزين والمنتجات البترولية وإكمال برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، وكانت أثيرت في الفترة الماضية احتمالات بزيادة أسعار الوقود خلال شهر ديسمبر الجاري، ولكن المهندس طارق الملا وزير البترول أعلن عدم رغبة الحكومة في رفع الشريحة الأخيرة من الدعم على الوقود قبل العام المالي المقبل.
وفي وقت سابق، تعهدت حكومة المهندس شريف إسماعيل في وثيقة نشرها صندوق النقد في شهر سبتمبر الماضي، أن يعرض وزير البترول، على رئيس الوزراء، آلية لتعديل أسعار المواد البترولية وهي (الديزل والبنزين والكيروسين)، بشكل أتوماتيكي وفقا للمتغيرات في أسعار النفط العالمي وسعر الصرف وفق نسبة المواد البترولية المستوردة، وهو ما لم تنفيذه حتى الآن ويمارس الصندوق ضغوط على الحكومة من أجل رفع الشريحة الأخيرة من الدعم، وهو ما يرجح ارتفاع أسعار المواد البترولية خلال الأسبوع الجاري.
وفي سياق متصل، قال الخبير الاقتصادي محمد الشواديفي، إن ارتفاع أسعار السلع والمنتجات سواء البترولية أو غير البترولية، يشترط الحصول على الشريحة الثالثة، وهو الأمر المتوقع حدوثه قبل انتهاء العام الحالي، نتيجة لمحاولة الحكومة كسب ثقة المؤسسات المالية العالمية لجذب مزيد من الاستثمارات، ما يعكس الثقة في تعافي الاقتصاد، دون النظر للفقراء والغلابة، الذين يعتبرون هم ضحية السياسات المالية والإجراءات الاصلاحية، نتيجة لفشل الحكومات السابقة، في اتخاذ اجراءات.
وأضاف الخبير الاقتصادي، أن ارتفاع الأسعار قد يحدث اختلالات مجتمعية، وحدوث كوارث، من خلال ارتفاع معدلات الجريمة، نتيجة لعدم القدرة علي توفير الإمكانيات المالية التي تساهم في توفير وسائل المعيشة. وقال الخبير الاقتصادي شريف الدمرادش، إن ارتفاع الأسعار من جانب الحكومة، يأتي نتيجة لغياب الرؤية الحكومية، في إدارة الأزمة الاقتصادية ومواجهتها، لذلك تتجه لتحميل المواطنين فاتورة تلك الارتفاعات.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن ارتفاع الأسعار سيكون أمر واقعي قبل الحصول على الشريحة الثالثة من قرض صندوق النقد، نظرًا لأنه أحد الشروط الرئيسية من قرض صندوق النقد الدولي، موضحًا أن وسائل النقل والمواصلات العامة والخاصة لن تكون في مأمن من تلك الارتفاعات، حيث إنه من المتوقع أن تصل سعر تذكرة أتوبيسات النقل العام لنحو ٣.٥ جنيهات، وقد تصل تذكرة المترو نحو ٣ جنيهات، خاصة في ظل تصريحات وزير النقل السابقة بأنه يرغب في أن تكون ب5 جنيهات، ولكن هذا غير متاح حاليا، كما سيتم رفع أسعار تذكرة القطارات بنحو 15 إلي 20٪.
وأشار الدمرادش، إلى أن وسائل المواصلات الأخرى قد ترتفع بنحو 25%، موضحًا أن بعثة صندوق النقد انتهت من مراجعة البرنامج الاقتصادي من أجل الإفراج عن شريحة قرض النقد الدولي، وهو الأمر الذي يشترط ارتفاع جديد في الأسعار خلال المرحلة المقبلة. وقال أحمد يحيي رئيس شعبة المواد الغذائية إنه منذ قرار تحرير سعر الصرف، والأسعار في ارتفاع مستمر، حيث تخطت نحو ٢٠٠٪ في بعض المنتجات، وأنه اذا حدثت ارتفاعات في الأسعار قد تكون بنحو 20٪.
وأضاف أننا في كل مرة يتم الحصول فيها علي شريحة من قرض صندوق النقد الدولي، يحدث ارتفاع في أسعار جميع السلع، وليس سلعة واحدة، حيث أنها ترتبط بعناصر التكلفة والنقل، وكل مدخلات ومخرجات الانتاج ترتفع، بالتالي الأسعار ترتفع.
وقال أحمد جعفر، رئيس شعبة الأسماك بالغرف التجارية، إن أسعار الأسماك مستقرة خلال المرحلة الماضية، متوقعا بارتفاع الأسعار مع حصول مصر على الشريحة الثالثة بنسبة 15٪، لو تم تحريك أسعار الوقود، موضحًا أن السوق لا يحتاج لارتفاعات جديدة، فهو يعاني من حالة من الركود الشديد، وارتفاع الأسعار يصيب السوق بحالة من الشلل.
وواصل محمد وهبة رئيس شعبة القصابين بالغرف التجارية، إن ارتفاع أسعار اللحوم نتيجة لارتفاع أسعار الوقود، أمر وارد، ومن المتوقع أن تصل نسبة الارتفاع نحو 10٪، حيث إن أسعار اللحوم تراجعت خلال الفترة الماضية، نتيجة لتراجع أسعار الأعلاف، ونتيجة لقلة الإقبال، حيث ارتفعت نسبة الركود بنحو 50٪ نتيجة لغلاء الأسعار.
وأضاف وهبة أن سعر اللحوم قد تصل نحو و160 و170للكيلو، كما تصل أسعار اللحوم الضأني مابين 150 إلي 160، فارتفاع أسعار الوقود يترتب عليه ارتفاع وسائل النقل، وارتفاع الأعلاف، وهو ما قد ينتج عنه عزوف نسبة كبيرة عن اللحوم خلال المرحلة المقبلة.
وفي سياق آخر، قال عبد العزيز السيد رئيس شعبة الثروة الداجنة بالغرف التجارية، إن ارتفاع وتحريك أسعار المحروقات سيحرك أسعار الدواجن، قد يصل لنحو 25٪، حيث أن ارتفاع أسعار المحروقات سيتسبب في ارتقاع أسعار الكهرباء.
وأشار "السيد" إلى أن المصريين لم يعد بمقدورهم تحمل مزيد من الأعباء وارتفاع الأسعار، وتطبيق سياسات تجاهلتها الحكومة السابقة في وقت واحد، أمر في غاية الخطورة، موضحا أن الدواجن مثلها مثل أي سلعة أخري، أي ارتفاع في سعر الوقود يؤثر عليها، ونتوقع ارتفاع حالة الركود، بنسبة كبيرة لو تم رفع الأسعار، ما يهدد صناعة الدواجن.
أرسل تعليقك