تشهد أسواق الخليل حركة نشطة مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، فالمواطنون من كل محافظات الوطن وأراضي عام 1948 غصت بهم الأسواق التجارية المنتشرة وسط المدينة.
ولكن العديد من التجار يشكون من ضعف الإقبال على شراء مستلزمات العيد؛ لتردي الوضع الاقتصادي العام في فلسطين، وضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين، بسبب تتابع المناسبات والمواسم وقلة الدخل، وتشهد أسواق اللحوم ركودا ملحوظا بسبب ارتفاع أسعار الأضاحي.
مواطنون يتذمرون
الحاج عبد الفتاح ارزيقات (50 عاما) من بلدة تفوح غرب الخليل يقول لـ'وفا' 'توالي المناسبات أثقلت كاهلنا.. من أعياد، ورمضان، ومدارس، وإمكانيات المواطنين المادية محدودة، ولا تسمح بشراء العديد من مستلزمات العيد: كالملابس، والأحذية، بسبب ارتفاع أسعارها'.
وبخصوص الأضاحي، طالب بضرورة تخفيض الضرائب المفروضة على أعلاف الماشية، وتعزيز صمود مربي المواشي، والمزارعين، وبإعادة النظر بالاتفاقيات الخاصة باستيراد الخراف، والمواشي التي قيدت بالضرائب، ومن دول محددة يمكن الاستيراد منها، 'تحت حجج واهية'، وضعتها دائرة البيطرة الإسرائيلية.
من جهتها، تطرّقت المواطنة أم محمد الحسيني (43 عاما) إلى ارتفاع أسعار كافة مستلزمات العيد، وهي تنظر على ملابس وأحذية الأطفال في أحد الأسواق، قائلة: 'أكثر من 4 ساعات، وأنا أبحث عن ملابس تليق بأطفالي، وتتناسب ودخل زوجي الذي يعمل موظفاً، فالعيد له متطلبات عدة يجب توفرها لإدخال البهجة والسرور على أطفالنا، ولكن الوضع الاقتصادي تعيس وغير مرضي'.
وأوضحت أن العروض التي يقدمها التجار وهمية، وخروف العيد 'الأضحية' منذ بداية العام ونحن نجمع ثمنه على حساب ميزانية العائلة التي تتدهور في كل عام'، ويقاطعها أطفالها فرحين 'بابا اشترى لنا خروف العيد'.
التجار: الحرب وتزاحم المناسبات اثقلا كاهل المواطنين
رأى تاجر الملابس الحاج أبو أسامة حسونة لــ'وفا' أن تردي الوضع الاقتصادي للمواطنين سببه الحرب الأخيرة التي شنتها قوات الاحتلال على قطاع غزة، وهجمتها الشرسة على الضفة بشكل عام، والخليل بشكل خاص منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر.
وأضاف 'ضعف الدخل العام للمواطنين، وشح الإمكانيات، زاد العبء على المواطنين، بسبب قلة الدخل، وارتباط الوضع الاقتصادي بالوضع السياسي السيئ، الذي تزامن مع مناسبات عدة والانتقال من موسم فصل الصيف إلى الشتاء'.
وعزا تاجر الماشية نايف الشعراوي (43 عاما) ارتفاع أسعار الأضاحي هذا العام إلى زيادة أسعار الأعلاف بصورة كبيرة، مطالبا بضرورة تقديم تسهيلات كبيرة لمربي الماشية، مثل دعمهم بالأعلاف والشوادر، والأدوية البيطرية، موضحا أن مرض الحمى القلاعية تسبب في قلة أعداد الأضاحي، بسبب وفاتها، لعدم تقديم اللقاح 'الطعم' المناسب لها، حسب قوله.
وأوضح تاجر الماشية والجزار أبو يعقوب الهنيني أن الوضع الاقتصادي السيئ للمواطنين، وتوالي عدة مناسبات، كانت من الأسباب التي أدت إلى عزوفهم عن شراء الأضاحي ومستلزمات العيد.
وتابع الهنيني 'كنا نشتري كبش الضأن 'الخروف' الذي يزن 70 كيلو قبل عدة أعوام بـ 300 دينار، أما اليوم فثمن الأضحية الأصغر من ذلك وصل إلى 360 دينارا ويزيد'، معللا ذلك إلى صعوبة استيراد المواشي 'الحية'- غير المذبوحة، مشيرا إلى أن الأردن يوجد فيه ما يقارب 15 نوعاً من اللحوم الحية، وهي: السوداني، والسوري، والتركي، والأسترالي، والروماني، وغيرها، وعليه تستطيع كافة شرائح المجتمع شراء الأضحية كسائر الدول العربية.
متابعة حثيثة للأسواق
من جانبه، أوضح مدير زراعة الخليل بدر الحوامدة لــ'وفا'، أن 40 % من الثروة الحيوانية على مستوى الوطن تتركز في محافظة الخليل، مبينا أن الكوارث الطبيعية، والجفاف، وقلة المراعي، والأمراض، وذبح المواطنين لإناث الماشية (بسبب انخفاض عدد الذكور) في الأفراح والمناسبات اليومية، ساهم في ارتفاع أسعار الماشية، التي تبدو مقبولة مقارنة مع الأعوام القليلة الماضية.
وأشار الحوامدة إلى أن غلاء أسعار أعلاف الماشية التي تتراوح ما بين '1200 إلى 2000 شيقل للطن الواحد منها يساهم في ارتفاع أسعار الماشية، منوها إلى وجود متابعة حثيثة لكافة أسواق المواشي وتجار اللحوم، لحماية المواطن والمزارع من التهريب والتلاعب بالأسعار.
وأكد أن تسهيلات عدة قدمتها الحكومة لمربي الماشية خلال الأعوام الماضية، حيث 'أنفقت لتطوير هذا القطاع مئات آلاف الدولارات في كافة أرجاء المحافظة كما بقية أجزاء الوطن'، داعيا المواطنين إلى ضرورة شراء الماشية المفحوصة، والمطعمة لتفادي الأمراض، خاصة من 'الحمى المالطية'.
وأوضح أن الماشية التي يتم تهريبها من الأسواق الإسرائيلية إلى أسواقنا الفلسطينية لا يتم فحصها، للتأكد من خلوها من الأمراض.
بدوره، أكد مدير وزارة الاقتصاد الوطني في الخليل ماهر القيسي لـ'وفا' أن العمل متواصل لمراقبة الأسواق، وضمان عدم التلاعب بالأسعار، وطواقم حماية المستهلك تنفذ يوميا جولات تفتيشية صباحية ومسائية على أسواق المحافظة والمحلات التجارية في كافة القطاعات؛ لمتابعة التزامهم بالقوانين المفروضة لحماية المواطنين، داعيا التجار إلى 'الرفق بمحدودي الدخل لكي يتمكنوا من شراء مستلزمات العيد التي لا بد منها لأطفالهم كما الأغنياء'.
ونوه القيسي إلى أن هذه الحملات الوطنية تهدف إلى محاربة غلاء الأسعار، والعمل على متابعة عمليات الاحتكار، والتلاعب بالأسعار، وذلك من خلال تشكيل غرف عمليات مركزية في كل محافظة، موضحا أن أسواق الخليل تشهد حركة نشطة منذ عدة أيام.
ارتفاع الدولار وغلاء الأسعار
من ناحيته، بين المحلل الاقتصادي إسلام حسونة لــ'وفا' أن ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الشيقل الذي كان أهم أحد أسبابه العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة له أثر ملموس على تردي الوضع الاقتصادي الذي يعيشه شعبنا الفلسطيني في هذه الأيام، وأصبح التاجر المستورد والمنتج الفلسطيني يتحمل تكاليف أعلى مقارنة بالتي كان يتحملها قبل العدوان، والتي دفعته إلى رفع سعر المنتج، ما أدى إلى عزوف بعض المستهلكين عن شراء هذه السلع باهظة الثمن.
أرسل تعليقك