أعلن مجلس الاتحاد الأوروبي في بروكسل، الجمعة 28 أكتوبر/تشرين الأول،، أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي صدقت بشكل رسمي على اتفاقية "سيتا" للتجارة الحرة بين الاتحاد وكندا.
وقال المجلس إن هذه المصادقة فتحت الطريق أمام توقيع الاتفاقية على المستوى الأوروبي، مبينا أن التحضير لقمة كندية أوروبية سيجري خلال الأيام المقبلة .
وأكد خبراء لقناة " RT" أن التوقيع على الوثيقة سيجري قبل نهاية الشهر الجاري، مشيرين إلى أن الاتفاقية عبارة عن محاولة لإحياء العلاقات التجارية بين أمريكا الشمالية وأوروبا في إطار منظمة التجارة العالمية.
وتعد "سيتا" من أكبر اتفاقيات التجارة بين الاتحاد الأوروبي مع الولايات المتحدة (اتفاق التبادل التجاري والشراكة الاستثمارية عبر المحيط الأطلسي) والذي يلقى معارضة عدد من دول الاتحاد الأوروبي والغالبية العظمى من المواطنين الأوروبيين.
وكانت مقاطعة والونيا البلجيكية الناطقة بالفرنسية البالغ عدد سكانها 3.6 مليون نسمة أو أقل من 1% من سكان الاتحاد الأوروبي من أشد المعارضين للاتفاق.
ووفقا لتقديرات المفوضية الأوروبية فإن الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وكندا سيؤدي إلى إلغاء حوالي 99% من إجمالي الرسوم الجمركية لإزالة العقبات التجارية بين الطرفين وتنشيط التجارة والمشروعات الاقتصادية.
ولم يوافق البلجيكيون على بعض بنود الاتفاقية، التي تعطي الحق لشركات النقل الوطنية لتقديم شكاوى قانونية ضد السلطات العامة في الاتحاد الأوروبي، إذا شكلت سياسة هذه الدول عقبة في طريق مصالح استثماراتهم. وهذا عمليا يعني أن على دول الاتحاد الأوروبي ليس فقط فتح أسواقه أمام منتجات الألبان واللحوم الكندية الرخيصة، وإنما أيضا لن يكون بمقدوره على المستوى التشريعي دعم المنتجين المحليين بواسطة حوافز خاصة.
الهيمنة الاقتصادية
ومن وجهة نظر الخبراء فإن تشكيل الاتفاق الجديد يعود إلى عجز القاعدة القانونية لمنظمة التجارة العالمية الذي يعكس خطورة التحديات الاقتصادية.
وقال فاليري أبراموف، رئيس مركز أبحاث العلاقات الاقتصادية الدولية لجامعة المالية التابعة للحكومة الروسية، لقناة " RT" ، السبت 29 أكتوبر/تشرين الأول: "الآن الدول المتقدمة أصبحت تتعرض لمزيد المزيد من الصعوبات في تنفيذ سياساتها التجارية.. يرجع ذلك إلى حقيقة أن الاقتصادات الناشئة تعلمت الدفاع عن كفاءتها التجارية في إطار منظمة التجارة العالمية.. لذلك، القوى الاقتصادية العظمى تخلق بدائل جديدة لمنظمة التجارة العالمية.. منصات التكامل مثل (سيتا) و(تيب) للحفاظ على هيمنتها الاقتصادية".
ويرجح الخبراء أن الاتفاق بين كندا والاتحاد الأوروبي تجسد نتيجة تراجع حجم التجارة العالمية. ووفقا لتقديرات منظمة التجارة العالمية، فإن مؤشر التراجع سيبلغ 1.7% في عام 2016، و1.8% في 2017 ، علما أن أعضاء منظمة التجارة العالمية، عزوا ذلك إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي، لـ"القاطرة الاقتصادية" أي البرازيل والولايات المتحدة وكندا والصين.
العواقب المحتملة على روسيا
بلغ حجم التجارة الثنائية بين الاتحاد الأوروبي وروسيا حوالي 209.6 مليار يورو خلال 2015 (6% من إجمالي أنشطة التجارة الخارجية للاتحاد الأوروبي)، وهو أقل بنسبة 26% من عام 2014 عندما وصل إلى مستوى 284.6 مليار يورو.
ولا يستبعد بعض الخبراء إمكانية حدوث تراجع أكبر من حجم التبادل التجاري للاتحاد الأوروبي مع روسيا، بحسب إلغاء الرسوم الجمركية على البضائع الكندية إلى الاتحاد الأوروبي، ما قد يؤثر سلبا على ديناميكية الصادرات الروسية إلى دول الاتحاد الأوروبي. وإذا كندا سعت لتوريد الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا دون الأخذ بعين الاعتبار الرسوم الجمركية، فإن التكلفة النهائية للإمدادات ستكون أقل من الروسية.
وقال ألكسي بورتانسكي، البروفيسور بقسم الشؤون الاقتصادية الدولية والسلامة البيئة العالمية لـ" RT ": "إن الاتحاد الأوروبي لا يزال أهم شريك تجاري لروسيا.. وإذا كندا عرضت عددا من المنتجات في مجال المعادن والنفط والأسمدة الزراعية بأسعار تنافسية، فإن حصتها من الصادرات الروسية إلى الاتحاد الأوروبي ستنخفض بشكل كبير".
ووفقا لمحللين استطلعت "بلومبرغ" آراءهم، فإن اتفاقية التجارة بين الاتحاد الأوروبي وكندا ستزيد حجم التجارة الثنائية بنسبة 20% (حوالي 25.7 مليار يورو) وستوفر نحو 80 ألف فرصة عمل جديدة .
أرسل تعليقك