عد يوم واحد من ظهور بيانات النمو الصينية التي تثير كثيراً من المخاوف، أعلن البنك المركزي في كوريا الجنوبية أمس، عن تباطؤ النمو الاقتصادي في كوريا الجنوبية عام 2018 إلى 2.7 في المائة، وهو أدنى مستوياته منذ 6 سنوات، على خلفية تأثير تراجع استثمارات الشركات بشكل كبير في رابع أكبر اقتصاد في آسيا.
ويتوقع كثير من المراقبين أن يبدأ قريباً ظهور «تأثير الدومينو» من حيث تباطؤ النمو بالاقتصادات العالمية، خصوصاً في جنوب شرقي آسيا، إحدى أكثر مناطق العالم تأثراً بالصراع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم؛ الولايات المتحدة والصين.
وبالفعل خفضت مؤسسات دولية كبرى، على رأسها صندوق النقد والبنك الدوليان من توقعات النمو خلال عام 2019، إثر الأزمات التي يشهدها العالم حالياً، فبالإضافة إلى الحرب التجارية، هناك أزمات أوروبية على غرار «بريكست» دون اتفاق، والمشكلات الجيوسياسية في فرنسا وألمانيا وإيطاليا، إضافة إلى اضطرابات أسواق النفط الأخيرة.
وأوضح البنك المركزي الكوري أمس، أن معدل النمو تراجع عام 2018 بمقدار 0.4 نقطة مئوية بالمقارنة مع العام الماضي حين سجل معدلاً بلغ 3.1 في المائة، مسجلاً أدنى مستوياته منذ عام 2012 حين بلغ 2.3 في المائة.
وكشفت البيانات الصادرة عن البنك أن الاقتصاد الكوري سجل نمواً بنحو 1 في المائة على أساس فصلي في الربع الرابع، وهو معدل أكبر من التوقعات التي اقتصرت على 0.6 في المائة فقط. وعلى أساس سنوي، ارتفع الناتج الإجمالي المحلي في كوريا بنسبة 3.1 في المائة، وهي أسرع وتيرة نمو في أكثر من عام، مقابل 2 في المائة في الربع الثالث.
وأوضحت البيانات أن الإنفاق ارتفع بنسبة 3.1 في المائة في الربع الرابع من 2018 على أساس فصلي، وهي أكبر وتيرة نمو في 9 سنوات. كما قفزت استثمارات البناء بنسبة 1.2 في المائة، وارتفعت الاستثمارات الرأسمالية بنحو 3.8 في المائة.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الصادرات الكورية سجلت تراجعاً نسبته 2.2 في المائة على أساس فصلي. ويقوم اقتصاد كوريا الجنوبية بشكل كبير على الصادرات وتأثر بتباطؤ اقتصاد الصين، الشريكة التجارية الأولى لسيول. وكانت الصين أعلنت أول من أمس، أن الاقتصاد نما بأبطأ وتيرة في 28 عاماً خلال 2018، وذلك بنحو 6.6 في المائة. كما تعاني كوريا الجنوبية من تبعات الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، القوتين الاقتصاديتين الأوليين في العالم.
أقرا أيضًا: استطلاع جديد يؤكد أن غالبية الشعب البريطاني لا تريد استفتاء ثانياَ حول "بري
ومع بداية العام الحالي، أظهرت بيانات رسمية أن صادرات كوريا الجنوبية تراجعت في ديسمبر (كانون الأول) مقارنة بها قبل عام، لتنخفض حتى عن أكثر التوقعات تشاؤماً في استطلاع أجرته «رويترز»، ما يقدم دلائل جديدة على تباطؤ الاقتصاد العالمي. ورغم أن جميع الاقتصاديين العشرة المشاركين في استطلاع «رويترز» توقعوا زيادة الصادرات، قال البعض إن البيانات لم تكن مفاجأة كبيرة في ظل حرب الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين التي ألقت بظلالها على آفاق التجارة العالمية ودلائل تباطؤ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة.
وقالت وزارة التجارة في كوريا الجنوبية إن صادرات البلاد في ديسمبر نزلت بنسبة 1.2 في المائة على أساس سنوي، نتيجة تراجع أسعار رقائق الذاكرة والنفط وتباطؤ الطلب من الصين، ونمت الواردات بنسبة 0.9 في المائة فقط. في وقت كانت التوقعات فيه تصب في اتجاه نمو صادرات رابع أكبر اقتصاد في آسيا 3.3 في المائة في المتوسط، وزيادة الواردات 4.2 في المائة.
وكوريا الجنوبية أكبر دولة في العالم تصدر الرقائق المستخدمة في أجهزة الكومبيوتر والسفن والسيارات والمنتجات البترولية، كما أنها أول دولة مصدرة كبيرة تصدر بيانات شهرية للتجارة تتيح قراءة مبكرة للتجارة العالمية.
وداخلياً، أدى الاستياء الشعبي حيال الوضع الاقتصادي المتباطئ، خصوصاً نسبة البطالة المرتفعة نسبياً بين الشباب، إلى تراجع نسبة التأييد للرئيس إلى 50 في المائة فقط مقابل 80 في المائة في مايو (أيار) الماضي بعد قمته الأولى مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.
ويأخذ منتقدوه على استراتيجيته الرئيسية القائمة على «نمو مدعوم من العائدات»، التي تمر عبر زيادة قوية للحد الأدنى للأجور، أنها تسيء تحديداً إلى الذين تريد مساعدتهم من خلال زيادة تكاليف التوظيف. كما أن عدم تحقيق أي تقدم في المفاوضات بين واشنطن وبيونغ يانغ حول نزع أسلحة الأخيرة النووية ينعكس سلباً على شعبية الرئيس مون. وأقال مون في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وزير المالية ومساعده للاستراتيجية السياسية، ثم استقال رئيس مكتبه في مطلع الشهر الحالي.
وفي سياق ذي صلة، ذكر البنك المركزي أمس أن متوسط دخل الفرد في البلاد قد تجاوز 31 ألف دولار أميركي في العام الماضي. ونقلت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية (يونهاب) عن مدير الإحصائيات الاقتصادية في البنك المركزي، باك يانغ سو، في ندوة عن الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع من العام الماضي، القول: «تجاوز متوسط دخل الفرد في العام الماضي حدود 31 ألف دولار، نظراً لنسبة النمو الاقتصادي ونسبة صرف العملات».
قد يهمك أيضاً :
مسؤولون أوروبيون يتخوفون من أن "بريكست" من دون اتفاق سيؤدي إلى فوضى
جون ميجور يطالب ماي بمنح وزراء حكومتها حرية التصويت على الـ"بريكست"
أرسل تعليقك