إن الصين بما تحظى به من خبرات وافرة في تشييد البنى التحتية وما تمتلكه من موارد مالية قادرة على ترسيخ قدراتها العالمية التي من شأنها أن تساعد في تلبية الطلبات المتعلقة بالبنية التحتية، هكذا صرح الخبير في الاقتصاد الصيني هانز هندريشكي خلال مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخرا.
وقال البروفيسور هندريشكي من جامعة سيدني، الذي عمل في الصين لعدة سنوات كدبلوماسي وأكاديمي, إن الصين لديها خبرة متراكمة ضخمة في مجال تشييد البنى التحتية واقتصاد كبير الحجم لا تستطيع اقتصادات أخرى منافسته بسهولة.
وأضاف أنه من خلال الجمع بين تلك الموارد التقنية ومواردها المالية، تستطيع الصين مد يد المساعدة لكل من الدول النامية والدول المتقدمة.
وأوضح أنه "في الدول النامية، تستطيع الصين المساعدة في التغلب على أوجه العجز في التمول. أما في الدول المتقدمة، فتستطيع الصين المساعدة في خفض التكاليف في مجال تشييد البنى التحتية".
وقال إن "اقتراح الصين إنشاء بنك آسيوي للاستثمارات في البنى التحتية يعد مثالا على مبادرة إقليمية سترسخ سمعة الصين كقائدة عالمية مسؤولة في مجالات التكنولوجيات والمال والحوكمة المفتوحة".
فعلى مدار أكثر من 30 عاما منذ تبنى الصين لسياسات الإصلاح والانفتاح، حافظت البلاد على نمو اقتصادي سريع. ولكن الحكومة أبطأت من خطى التنمية الاقتصادية لاستيعاب الإصلاحات التي ستكون أكثر اتساعا وعمقا.
وقال إن "المخاطر المتعلقة بتحول الاقتصاد الصيني أصبحت أكثر تعقديا مع تتطور الصين لتصبح اقتصاد سوق متعولم".
وأضاف أن "الصين تواجه الآن مخاطر اقتصادية خارجية وداخلية"، قائلا إن "المخاطر الخارجية تتعلق بحدوث تباطؤ في الاقتصاد العالمي على نحو قد يعرض صادرات الصين للخطر. ومخاطر داخلية تتعلق بتحول اقتصاد الصين ورفع مستواه".
ورغم الوضع الطبيعي الجديد المتمثل في تسجيل نمو اقتصادي أبطأ, من المؤكد أن الصين ستجلب منافع جديدة للعالم، ولا سيما في قطاع الخدمات، في ظل تحول اقتصادها.
وقال هندريشكي إن "تحول الاقتصاد الصيني يجلب بالفعل منافع لشركاء تجاريين للصين في صورة منتجات مصنعة أرخص. وقد ساعدت المنتجات المصنعة الصينية على رفع مستوى المعيشة في بلدان أخرى".
وأضاف أن "الخطوة التالية ستتمثل في الاسهامات الصينية في خدمات عالمية تشمل الشؤون المالية وتكنولوجيا المعلومات والخدمات التجارية والترفيه. ويمكن أن تصبح الصين لاعبا عالميا في قطاع الخدمات مثلما هي حقا في قطاع التصنيع. وهذا سيتطلب تحرير صناعات الخدمات الصينية, فيما بها الصناعات الثقافة".
ويرى هندريشكي أن عولمة الصين لا تزال في مراحلها المبكرة. فبالإضافة إلى كونها أهم شريك تجاري للعديد من الدول، ستقدم الصين إسهاماتها لاقتصاد عالمي شامل ومفتوح, اعتمادا على إندماجها في سلسلة القيمة العالمية والاقتصادات الأخرى عبر استثماراتها المتجهة للخارج.
وطمأن المستثمرين الصينيين بأن أشكال العداوة التي تعرضوا لها في بعض الدول ليست أمرا غير متوقع بالنسبة للاعبين جدد.
وأشار إلى أن "الاستثمارات الصينية المتجهة للخارج تمثل تطورا جديدا، وتواجه الصين حاليا نفس المشكلات التي واجهها المستثمرون التقليديون الأجانب على مختلف الفترات عبر التاريخ. وينبغي أن تعي الصين أن معالجة الأمر ليس سوى مسألة وقت, ومن الضرورة بمكان أن يتواصل المستثمرون الصينيون مع أصحاب المصالح المحليين ويكونوا قادرين على توضيح المنافع التي يجلبونها للدول المضيفة".
وقال إن "الاستثمارات الخارجية الصينية تلقت بوجه عام ترحيبا جيدا"، مضيفا أنه "كلما استطاع المستثمرون الصينيون التعاون مع الشركاء الخارجيين, اتسعت فرص توسيع الاستثمارات الصينية على نحو أفضل".
واختتم الخبير حديثه قائلا إن "الميزة الكبيرة للمستثمرين الصينيين ستكمن في قدرتهم على إتاحة فرصة دخول السوق المحلية الصينية لشركائهم الأجانب. وستكون قدرة المستثمرين الصينيين على دمج شركائهم الأجانب في سلسلة القيمة العالمية للصين بمثابة مؤشر لعولمة حقيقية تخلق منفعة مشتركة".
أرسل تعليقك