سجلت الصين انتعاشا مفاجئا في وارداتها في ايلول/سبتمبر بعد اشهر من التراجع، وارتفاعا اقوى من التوقعات في صادراتها، وهما مؤشران ايجابيان تلقاهما الخبراء بحذر.
وازدادت واردات العملاق الاقتصادي الاسيوي الذي يتصدر مبادلات المنتجات المصنعة في العالم، خلال ايلول/سبتمبر بنسبة 7,0% بالمقارنة مع الشهر نفسه من السنة الماضية وصولا الى 182,7 مليار دولار، بحسب ما اعلنت الجمارك الصينية الاثنين.
وتشير هذه الارقام الى انعكاس حقيقي في التوجه بعد تراجع هذه النسبة الى 1,6 و2,4% في تموز/يوليو واب/اغسطس، وفيما كان المحللون الذين التقتهم وكالة داو جونز نيوزواير يتوقعون تراجعا جديدا في ايلول/سبتمبر الى 2,4%.
اما الصادرات الصينية، فسجلت تسارعا كبيرا اذ ارتفعت بنسبة 15,3% بالمقارنة مع ايلول/سبتمبر 2013 لتصل الى 213,7 مليار دولار، ما يتخطى بكثير الارتفاع بنسبة 9,4% المسجل في اب/اغسطس وكذلك متوسط توقعات المحللين البالغ +12,5%.
لكن ان كان الفائض التجاري الصيني ازداد باكثر من الضعف في ايلول/سبتمبر بالمقارنة مع الشهر ذاته من 2013 ليصل الى 31 مليار دولار، الا انه يبقى ادنى بكثير من المستوى القياسي المسجل في اب/اغسطس والذي قارب 50 مليار دولار، وادنى بكثير من التوقعات البالغة 42 مليار دولار.
وقال تشينغ يوشنغ المتحدث باسم الجمارك مبديا ارتياحه ان "الاقتصادات الكبرى في العالم سجلت تحسنا والطلب الدولي تعزز"، مشيرا الى تسارع المبادلات مع الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة.
غير ان جوليان ايفانز بريتشارد المحلل في مكتب كابيتال ايكونوميكس راى ان "التقدم الكبير في الصادرات مرده جزئيا الى قاعدة مقارنة مؤاتية اذ انها كانت تراجعت في ايلول/سبتمبر 2013".
كما ان الخبراء الاقتصاديين في بنك نومورا رأوا ان الارتفاع المسجل مؤخرا استفاد من اطلاق جهاز آيفون6 لشركة آبل، وقسم كبير من عناصره يتم تجميعها في الصين.
لكنهم حذروا بان الصادرات تبقى "رهنا بالغموض الكبير المحيط بالنمو الاوروبي الذي يسجل ضعفا وبتصاعد المخاطر الجيوسياسية".
من جهته اقر تشنغ يوشنغ بالتحديات المرتبطة ب"تراجع تنافسية الصادرات الصينية" في حين "تتسارع حركة نقل الصناعات التحويلية الى بلدان اخرى من جنوب شرق اسيا".
اما بالنسبة للانتعاش الملفت في الواردات، فهو يشهد على ما يبدو على نهوض النشاط الاقتصادي الصيني بعد اشهر من التباطؤ.
لكن ليو لي-غانغ الخبير في مصرف ايه ان زد راى ان "هذا الانتعاش يبدو متناقضا الى حد ما مع ضعف الطلب الداخلي" الذي يظهر من خلال مجموعات من المؤشرات المخيبة للامل.
وراى ان "هذا يوحي خصوصا بان بعض تجار المواد الاولية ارادوا الاستفادة من هبوط الاسعار في الاسواق العالمية الشهر الماضي" مشيرا الى تسارع واردات خام الحديد.
اما ايفانز بريتشارد ففسر الانتعاش ب"زيادة صادرات (المواد) المعدة لتحويلها ثم اعادة تصديرها، ما يعكس بالتالي الاوضاع الدولية اكثر منه انتعاشا في الطلب الداخلي".
ولفت من جهة اخرى الى ان التراجع المتواصل للقطاع العقاري على خلفية عرض مفرط، سيظل يؤثر على الطلب الصيني على المواد الاولية وينعكس سلبا على الواردات.
وبعد سنتين من الفورة انهارت مبيعات المساكن في الصين بنسبة 10,9% خلال الاشهر الثمانية الاولى من العام بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، بحسب ارقام الحكومة.
وقالت ما شياوبينغ الخبيرة الاقتصادية في مصرف اتش اس بي سي "انه اكبر خطر على الطلب الصيني بالرغم من تليين البنك المركزي مؤخرا سياسته للقروض العقارية".
وفي وقت تهدف بكين الى تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 7,5% للعام 2014 اكد صندوق النقد الدولي الاسبوع الماضي توقعاته للنمو بنسبة 7,4% مشيرا الى "التراجع الصارم" في السوق العقارية التي تعتبر من ركائز اجمالي الناتج الداخلي الصيني.
لكن ما شياوبينغ قالت لوكالة فرانس برس انه "اذا لم تظهر احصاءات الفصل الثالث بوضوح مخاطر تفاقم، فان السلطات لن تتخذ تدابير الدعم الاقتصادي على جميع الاصعدة بل ستقدم دعما محدودا يستهدف قطاعات معينة".
وازاء التباطؤ الواضح في النمو والمبادلات التجارية، كانت بكين باشرت في نيسان/ابريل تطبيق تخفيضات ضريبية وتليين نقدي لقطاعات محددة مستهدفة لكن "خطة الانعاش المصغرة" هذه لم تحقق هدفها بل تباطأ الانتاج الصناعي بشكل قوي خلال الصيف.
ويتوقع الجميع ان يواصل الفائض التجاري الصيني المرتفع جدا تشديد الضغط من اجل رفع سعر صرف اليوان.
أرسل تعليقك