استمرت العملة اليمنية (الريال) أمس (السبت) في التهاوي أمام العملات الأجنبية في المناطق المحررة، مع استقرار نسبي في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، وسط دعوات للإسراع بعودة الحكومة إلى العاصمة المؤقتة عدن لاتخاذ تدابير أكثر نجاعة لوقف التدهور.
وأفاد مصرفيون في عدن لـ«الشرق الأوسط» بأن الدولار تجاوز أمس حاجز 1200 ريال، في محلات الصرافة، في حين ذكر مصرفيون في صنعاء أن الدولار بقي قريباً من 600 ريال.
ورغم التدابير الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي اليمني في عدن فإن ذلك لم يحقق نتائج لوقف تدهور العملة، بما في ذلك التدابير الأمنية والتشديد على المصارف المحلية وإغلاق شركات الصرافة المخالفة لتعليمات البنك.
وفي الوقت الذي فرضت فيه الميليشيات الحوثية قطاعاً مصرفياً موازياً في مناطق سيطرتها مع استمرارها في منع تداول الطبعات النقدية الأخيرة الصادرة عن البنك المركزي في عدن، ارتفعت رسوم الحوالات الداخلية من مناطق سيطرة الشرعية إلى مناطق سيطرة الميليشيات إلى 100 في المائة، بحسب ما أكدته مصادر عاملة في القطاع المصرفي والتحويلات.
ويقول اقتصاديون إن استقرار سعر صرف الريال في المناطق الخاضعة للميليشيات المدعومة من إيران لا يعكس حقيقة الوضع الاقتصادي إذ تفرض الجماعة سعر الصرف بالقوة كما تشجع شركات مصرفية تابعة لها على سحب العملات الصعبة من مناطق سيطرة الحكومة.
وكان الرئيس اليمني عقد لقاء مع رئيس وأعضاء مجلس إدارة البنك المركزي اليمني في أغسطس (آب) الماضي وشدد على ضرورة «اتخاذ تدابير لإنقاذ الريال والاقتصاد ووضع حد للتلاعب والمضاربة بالعملة من قبل شركات الصرافة واتخاذ الإجراءات الصارمة في هذا الصدد وضبط السياسة النقدية».
ودعا إلى «التعاون والتكامل مع مختلف الأجهزة والمؤسسات المالية ذات الصلة وفي مقدمها وزارات المالية والنفط والمعادن والصناعة والتجارة والتخطيط والتعاون الدولي والأجهزة ذات العلاقة لحفظ استقرار العملة وتحقيق استقرار الاقتصاد».
وخلال الأسابيع الماضية لجأ البنك المركزي في عدن لاتخاذ تدابير أملاً في الحفاظ على استقرار سعر صرف العملة، ومن ذلك قيامه بضخ طبعات من فئة الألف ريال شبيهة بالقديمة الموجودة في مناطق سيطرة الحوثيين، إلى جانب قيامه بإغلاق العديد من شركات الصرافة المخالفة لتعليماته، فضلاً عن طلبه من المصارف نقل مقراتها إلى مدينة عدن.
وأدى تدهور سعر صرف الريال اليمني خلال الأشهر الأخيرة إلى انهيار القدرة الشرائية لدى السكان، إذ ارتفعت أسعار السلع بما فيها السلع الأساسية المدعومة من قبل البنك المركزي.
وعلى تقديرات اقتصاديين يمنيين فإن الأوضاع الاقتصادية في اليمن تتطلب إنهاء الازدواج المصرفي بين مناطق سيطرة الحكومة ومناطق سيطرة الحوثيين، كما تتطلب تدابير حازمة لتحسين الإيرادات واستئناف تصدير الغاز والحد من الفساد، إلى جانب الحد من وقف نزيف العملات الأجنبية.
ويلقي الخبير الاقتصادي اليمني عبد الحميد المساجدي باللائمة على ما تعانيه المناطق المحررة من اضطرابات أمنية بفعل عدم استكمال تطبيق «اتفاق الرياض» وعودة الحكومة، ويستنتج أن «هناك صعوبات في تحصيل الإيرادات العامة للدولة وشلل للمؤسسات الإيرادية، ناهيك عن حالة القلق وعدم اليقين للمواطنين بالاستقرار السياسي والاقتصادي وفوضى سوق الصرافة وتخبط وعشوائية السياسة النقدية». ويرى أنها «جميعاً عوامل جوهرية أسفرت عن وصول العملة الوطنية لهذا المستوى من التهاوي».
ويقترح المساجدي «بدرجة رئيسية الإسراع في استكمال تطبيق اتفاق الرياض وعودة الحكومة للعمل من داخل مدينة عدن، وتفعيل المؤسسات الإيرادية ورفع كفاءة تحصيل الموارد العامة للدولة وتوريدها إلى البنك المركزي في عدن، والتعامل بصرامة مع مسألة تحصيل الموارد المحلية من المحافظات، وعدم التهاون مع أي فساد أو تبديد لها».
ويشدد الخبير اليمني على أنه «من الضرورة أن تتزامن هذه الإجراءات مع إصلاح وهيكلة البنك المركزي، من أجل استعادة ثقة الشركاء في التحالف الداعم للشرعية والمجتمع الدولي، وتفعيل أدوات السياسة النقدية وتفعيلها واستخدام الصلاحيات القانونية والفنية للبنك، وتبني استراتيجية تعافٍ موحدة بين الحكومة ومجلسها الاقتصادي، والبنك المركزي والسلطات المحلية في المحافظات، والتوقف عن تمويل عجز الموازنة من خلال طباعة النقد الجديد».
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك