اعتبرت الخبيرة الاقتصادية، المحلل أول في مجموعة "سي آي بي"، سارة سعادة، أن التراجع الحالي لسعر الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي لن يتوقف قريبا، لافتة إلى أن السعر الحقيقي للدولار يتراوح بين 20 و21 جنيها . وشهد سعر الدولار ارتفاعا ملحوظا أمام الجنيه في سوق الصرف المصري، حيث بلغ 19.19 جنيه، وفقا للبنك المركزي، وهو أقرب سعر للمستوى التاريخي الذي سجله الدولار في نهاية عام 2016.
وبدأ تراجع الجنيه أمام الدولار في آذار/مارس الماضي، حيث انخفض بنسبة بين 10 و17 بالمئة، رغم رفع البنك المركزي سعر الفائدة في نفس اليوم بنسبة 2 بالمئة خلال جلسة استثنائية للجنة السياسات النقدية. كان البنك المركزي المصري قد تخلى عن تحديد سعر الصرف في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، واكتفى بتقديم سعر استرشادي فقط، وهي الخطوة التي طالب بها صندوق النقد الدولي قبل إبرام اتفاق مع الحكومة المصرية.
وأدى تحرير سعر الصرف عام 2016 إلى تضاعف سعر الدولار خلال أيام من حوالي 9.5 جنيه للدولار إلى ما يقرب من 20 جنيها للدولار، قبل أن يتراجع ويستقر حول 16 جنيها للدولار لفترة طويلة، قبل أن يعاود الصعود بمعدلات متزايدة خلال العام الجاري.
وفي تصريحات حصرية، لـ "سبوتنيك"، قالت سعادة: "يجب أولا أن نلاحظ أن التراجع الحالي للجنيه أمام الدولار يأتي في ظل ضعف الطلب على الدولار نتيجة قيود الاستيراد التي وضعتها الحكومة للحد من الاستيراد، وهو ما يعني أن التراجع يمكن أن يكون أسرع من ذلك، لو كان الطلب في مستواه العادي كان التراجع سيزداد، وبحسب المؤشرات الاقتصادية المقارنة فسعر الدولار يمكن أن يكون بين 20 و21 جنيه، ولكن يمكن أن يكون أعلى من ذلك في لحظات معينة بسبب الطلب أو التأثيرات العرضية على السوق".
وأضافت سعادة "من ناحية الحكومة، فقدرتها على التدخل محدودة، وكلفته أيضا، هناك تأثيرات سيصعب تفاديها، مثل التضخم وأزمة مستلزمات الإنتاج، وما يمكن أن تقوم به الحكومة سيكون صعبا، لأنه سيلقي بأعباء جديدة على موازنة الدولة، مثل خفض الضرائب وهو سيقلل الإيرادات، ومثل تقديم الدعم ومنح والمعونات وهو ما سيرفع المصروفات، لذا فالحكومة تتحرك بحذر".
وأشارت سعادة إلى أن الصورة لا تخلو من بصيص أمل، موضحة أن "هناك مؤشرات جيدة نسبيا، وهي تراجع أسعار البترول والطاقة، ما يخفف الأعباء على الموازنة المصرية، كذلك تراجع أسعار القمح والحبوب والمواد الغذائية، وهو أيضا يخفف أعباء الموازنة".
وتابعت سعادة "ولكن النقطة التي سيمكن الحديث فيها عن استقرار وليس مسكنات هي الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ولكن أيضا ضمن حزمة تمويلية أكبر، فاتفاق صندوق النقد وما يستتبعه من الحصول على حزمة تمويلية سيعني دعم احتياطي النقد الأجنبي المصري لدرجة يتحمل بها التقلبات الجارية، كما سيعني توقعات اقتصادية أفضل لمؤشرات الاقتصاد الكلي، وسيعني وهو الأهم تحفيزا للاستثمارات التي يعني اتفاق صندوق النقد لها شهادة ثقة في الاقتصاد المصري".
ويعاني الاقتصاد المصري من مستوى ديون خارجية تاريخية، بلغت 157 مليار دولار، فيما أدى ارتفاع سعر الفائدة العالمي إلى تخارج حوالي 90 بالمئة من استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية، ما يعرف بالأموال الساخنة.
وأدى عدم استقرار سعر الصرف في مصر، بالإضافة لارتفاع أسعار الطاقة والغذاء عالميا واضطراب سلاسل التوريد إلى موجة تضخمية في مصر أدت لتحقيق أعلى معدل تضخم في ثلاث سنوات، ما دفع البنك المركزي المصري لرفع سعر الفائدة بنسبة 3 بالمئة على دفعتين بعد تثبيتها لما يقرب العامين.
وفيما تصدر غدا مؤشرات التضخم عن شهر تموز/يوليو الماضي، يتوقع المراقبون أن يؤدي استمرار معدلات التضخم المرتفعة إلى اتجاه البنك المركزي لرفع سعر الفائدة مجددا في اجتماع لجنة السياسات النقدية المقبل 18 آب/ أغسطس الجاري، خاصة بعد قرار المجلس الفيدرالي الأمريكي رفع سعر الفائدة مؤخرا، وكذلك البنك المركزي الأوروبي.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
الدولار يقترب من الارتفاع بشكل تاريخي أمام الجنيه المصري لأول مرة منذ 2016
الجنيه المصري لأدنى مستوى في 5 أعوام مقابل الدولار
أرسل تعليقك