الرياض ـ وكالات
يسجل المعروض من الشقق السكنية بين الحين والآخر نموا متواصلا في عدد من المدن السعودية، وخاصة مدينة جدة (غرب البلاد)، وذلك على جميع الخيارات، سواء المخصصة للإيجار أو المخصصة للتمليك، في الوقت الذي يشكل فيه الإيجار أحد أهم مغذيات التضخم في المملكة.
ويأتي نمو المعروض من الشقق السكنية بعد توجه رؤوس الأموال الاستثمارية إلى بناء الوحدات العقارية إبان الانخفاض في التداولات بسوق الأسهم السعودية، مما جعل القطاع العقاري ملاذا آمنا للاستثمارات المتوسطة والطويلة المدى.
قطاع الإيجارات شهد خلال السنوات الخمس الماضية تحركات واسعة وزيادة في الطلب وانخفاضا في العرض، مما أعطى مؤشرات للمستثمرين على وجود طلب متنام على القطاع، إلى جانب قطاع المكاتب الذي شكل أحد نماذج تجاوب القطاع الخاص في تلبية الطلب العالي على قطاع المكاتب إلى أن بدأ القطاع يشهد تصحيحا بانخفاض الأسعار. على الرغم من أن قطاع المكاتب التجارية سيشهد انخفاضا أكبر خلال الفترة المقبلة، مع دخول المكاتب التجارية في مركز الملك عبد الله المالي للسوق، الأمر الذي سيصعد من زيادة تخفيض الأسعار من أجل تحقيق جدوى المشاريع المقامة خارج دائرة المكتب.
وبحسب عقاريين، فإن القطاع مرشح للانخفاض خاصة أن الكثير من المباني العقارية تشتمل على شقق سكنية غير شاغرة، وهو ما يعطي مؤشرات على ارتفاع العرض بشكل لافت، مشيرين إلى أن قطاع الإيجارات في الشقق السكنية هو الأكثر تداولا ما بين فئات السوق العقارية الأخرى كالفلل والقصور والمنتجعات إضافة إلى المنازل الاقتصادية أو ما تعرف بـ«الدوبلكس».
وقال خالد الضبعان الخبير العقاري إن سوق الإيجارات العقارية شكلت واحدة من أهم أسواق العقارات في السعودية، في الوقت الذي تشهد فيه المجمعات السكنية أو ما تعرف في المملكة بـ«الكامبوند» قوائم انتظار تظل تنتظر حتى العام السادس.
وأضاف أنه «في الغالب يتجه السعوديون خاصة المتقاعدين للاستثمار بشراء مبان أو عمائر تضم شققا سكنية، وذلك لضمان مدخراتهم وتحقيق عوائد مجزية تتراوح ما بين 8 و12 في المائة من خلال تلك الشقق»، مشيرا إلى أن رؤوس الأموال ما قبل انتعاش سوق الأسهم في 2004، كانت تتجه لمثل هذا النوع من الاستثمارات.
وتسبب مغالاة ملاك الشقق أو وكلائهم وتمسكهم بالأسعار المرتفعة في وجود شواغر عالية في تلك المباني، في الوقت الذي تنخفض فيه قيم الإيجارات بسبب تقادم البناء، في الوقت الذي تتسبب فيه أيضا بعزوف المستأجرين لكون الأسعار تعتبر مرتفعة بعد أن شهدت ارتفاعات سنوية منذ 2007 بنسب تبلغ 5 في المائة.
وبحسب شركة «كلاتونز» المتخصصة في قطاع العقارات فإن عام 2012 شهد إضافة 180 ألف متر مربع من الوحدات السكنية لسوق الرياض، في الوقت الذي يتوقع أيضا إضافة مليون متر مربع بحلول نهاية عام 2014، مشيرة إلى أن هذا الزخم الملحوظ يتوقع البعض أن ذلك سيكون له أثر سلبي على السوق، التي تتراوح نسبة الوحدات الشاغرة فيها حاليا بين 15-20 في المائة، من خلال الإيجارات في جميع الوحدات، لا سيما المباني الرئيسية.
وأشارت إلى أن البعض يفكر في اتخاذ إجراءات قاسية، وتحويل المباني المخصصة للمكاتب إلى قطاع الضيافة، حيث إن التوازن بين العرض والطلب ليس كبيرا.
من جهته، قال محمد القحطاني الخبير العقاري إن قطاع الشقق الإيجارية يشهد حركة واسعة خلال فترة متقطعة في العام، حيث يتوقع أن يشهد حركة خلال الشهر الحالي والمقابل في ظل توقيع العقود بشكل سنوي في السعودية.
وأضاف القحطاني أن «هناك تحركا للحكومة في تيسير الإيجارات بشكل يتناسب مع المعايير العالمية، حيث سيكون دفع الإيجار بشكل شهري، مما يتوقع أن يسهم في تعزيز حركة الإيجارات، وشغل الشقق الشاغرة والتي يرتفع عددها بشكل متواصل».
وبالعودة إلى الضبعان فقد أكد أن دخول الرهن العقاري سيسهم بشكل مباشر في تصحيح وضع الإيجارات، حيث ستخضع الوحدات السكنية المخصصة للإيجارات لتقييم مثمني العقارات، وهو الأمر الذي اعتبره الضبعان تنظيما للعشوائية التي تعاني منها سوق الإيجارات في السعودية خلال الفترة الحالية.
ويتوقع أن تشهد سوق العقارات السعودية خلال الفترة المقبلة حركة واسعة، وقالت «كلاتونز» إنه مع قرب انتهاء عام 2012، ما زال اقتصاد السعودية يتمتع بالقوة نتيجة لارتفاع العوائد النفطية، واستمرار الحكومة في الإنفاق على مشاريع البنى التحتية والرعاية الصحية والتعليم، في محاولة منها لتنويع الاقتصاد بعيدا عن قطاع البتروكيماويات. بالإضافة إلى ذلك فإن التطور الأبرز في سوق العقارات جاء بموافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على قانون الرهن العقاري الذي سيفتح آفاقا لتملك الوحدات السكنية أمام شريحة كبيرة في السوق، إلى جانب زيادة الأطر التنظيمية، وهو ما سيدفع بالسوق قدما للأمام.
وينتظر أن تساهم لوائح وأنظمة الرهن العقاري في تصحيح العلاقة بين أطراف العقود الإيجارية، حيث تتضمن اللائحة العقوبات والغرامات على المتأخرين في سداد مبالغ الإيجار.
وتواجه السعودية نقصا في المعروض من الوحدات السكنية في ظل تنامي الطلب عليها، والذي يتطلب توفير 500 مليار ريال (66.6 مليار دولار) لتمويل إنشاء 1.25 مليون وحدة سكنية بحلول عام 2014، في حين يتوقع أن يصل إجمالي مبالغ التمويل العقاري إلى 60 مليار ريال (16 مليار دولار) مع حلول عام 2013، وذلك نتيجة نمو إجمالي قيمة القروض العقارية إلى 17 مليار ريال (4.5 مليار دولار) خلال الربع الثاني من العام الحالي فقط وفقا لدراسات معرض «سيتي سكيب» الأخيرة.
أرسل تعليقك