الدوحة ـ قنا
تعمل الصين حالياً على الانفتاح على دول العالم، كما تعمل في الوقت نفسه على توسيع نطاق استخدام عملتها الرنمينبي عالمياً، وهو ما قد يمنح فرصا لبلدان أخرى من بينها قطر للاستفادة من الأمر. ووفقا لتقرير صادر عن «QNB»، فإن الصين تعتبر فعليا أكبر مُصدر في العالم، كما أنها قد بدأت سلفاً في تحرير سعر الصرف وأسعار الفائدة وحساب رأس المال.
كما تم تخفيف القيود على سعر الصرف بشكل تدريجي، حيث تم توسيع نطاق تداول الرنمينبي في شهر مارس 2014 للمرة الثالثة منذ 2007 من %1 إلى %2، لتزيد بذلك المقدار المسموح للعملة بالتحرك لأعلى أو أسفل عن المستوى الذي يحدده بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) بشكل يومي. وقد وضعت السلطات هدف التحول التدريجي نحو سعر صرف عائم بالكامل خلال سنتين أو ثلاث كجزء من الإصلاحات التي تهدف لتحرير حساب رأس المال. وتقيّد الضوابط المفروضة على حساب رأس المال حاليا من التدفقات الاستثمارية الواردة بحصص في المحفظة الاستثمارية للمستثمرين الأجانب من الشركات المرخص لها. وتخضع التدفقات الاستثمارية الخارجة لقيود مشددة مع استثناء أساسي يتمثل في السماح بالتحويلات بين أسواق شنغهاي وهونج كونج للأوراق المالية منذ أبريل 2014.
وفي إطار التحرير التدريجي لحساب رأس المال وسعر الصرف، تبنت الصين سياسة رسمية تشجع استخدام دولي أكبر لعملة الرنمينبي في تمويل التجارة العالمية والاستثمار ومعاملات النقد الأجنبي وعمليات الدفع. ونتيجة لذلك، فإن ارتفاع قيمة الرنمينبي على الصعيد العالمي قد قطع شوطا كبيرا بالفعل، فقد ارتفعت حصته من تمويل التجارة العالمية بشكل سريع من نسبة %2 في شهر يناير 2012 إلى %8 حاليا، متجاوزا بذلك الين الياباني واليورو ليصبح العملة الثانية الأكثر استخداما في تمويل التجارة بعد الدولار الأميركي (الذي يستحوذ على %80 من مجموع تمويل التجارة العالمية). وقد ارتفعت قيمة التسويات التجارية باستخدام الرنمينبي بأكثر من سبعة أضعاف على مدى سنتين، من حوالي 100 مليار دولار أميركي سنة 2011 إلى ما يزيد على 700 مليار سنة 2013. وقد ارتفع متوسط حجم التداول اليومي بالرنمينبي من 34 مليار دولار أميركي سنة 2010 إلى 120 مليار سنة 2013، ليصبح بذلك العملة التاسعة الأكثر تداولا على الصعيد العالمي. أما من حيث إجمالي المدفوعات العالمية، فقد شهدت قيمة المعاملات بالرنمينبي ارتفاعا بأكثر من الضعف خلال السنة الماضية. وعلاوة على ذلك، فقد أسهم تدويل الرنمينبي في توفير أرضية لتوسيع أسواق رأس المال الخارجية (الأوفشور) بالرنمينبي، حيث ارتفع إصدار السندات بالرنمينبي في الخارج (سندات ديم سوم) بشكل سريع. وبدأ الإصدار سنة 2007 ليصل إلى 54.2 مليار دولار أميركي خلال عام 2013. وخلال الربع الأول فقط من سنة 2014، فاق حجم الإصدارات ما قيمته 30 مليار دولار أميركي وقد خصصت أغلبها تقريبا لقطاع الشركات.وتقوم السلطات بدعم تدويل الرنمينبي بشكل نشط، حيث وقعت اتفاقيات مبادلة بقيمة 400 مليار دولار أميركي مع أكثر من 30 بنكا مركزيا. ومن بين أكبر هذه الاتفاقيات تلك التي عقدت مع كل من هونج كونج وكوريا ومنطقة اليورو وسنغافورة والمملكة المتحدة. والهدف من ذلك هو زيادة السيولة في الأسواق الخارجية المعتمدة على الرنمينبي، ودعم تمويل التجارة، وتوسيع أسواق رأس المال باستخدام هذه العملة.
ويسعى عدد من المدن للاستفادة من تدويل الرنمينبي من خلال التحول إلى مراكز مالية للمعاملات بهذه العملة، حيت هنالك فرصة كبيرة للقطاع المالي للحصول على الإيرادات والرسوم والعمولات من أعمال تجارية متزايدة في الخارج باستخدام الرنمينبي من خلال تمويل التجارة ومعاملات النقد الأجنبي وإصدار سندات الدين وقبول الودائع ومنح القروض.
وقد دعمت السلطات الصينية إنشاء مراكز خارجية للمعاملات بالرنمينبي، حيث هناك حاليا مراكز خارجية (أوفشور) في خمسة بلدان لديها بنوك مقاصة مرتبطة بشكل مباشر ببنك الشعب الصيني والأسواق الداخلية (أونشور) ما بين البنوك الصينية. وتوجد هذه المراكز في هونج كونج (منذ عام 2003)، ماكاو (2004)، تايوان (2012)، سنغافورة (2013)، لندن (2014)، فرانكفورت (2014). كما أعلن بنك الشعب الصيني في شهر يونيو أنه سيتم أيضا تعيين بنوك كمصارف مقاصة في كل من باريس ولوكسمبورج. وتقوم بنوك المقاصة عادة بمهمة تسوية المعاملات بالرنمينبي والتصرف كوسيط بين البنوك الأجنبية وبنك الشعب الصيني.
وبالنسبة لدولة قطر، فقد تم تجديد اتفاقية بين مصرف قطر المركزي وبنك الشعب الصيني في أبريل 2014 تسمح لمصرف قطر المركزي بالدخول للأسواق ما بين البنوك الصينية لشراء سندات من أجل احتياطيات النقد الأجنبي لدولة قطر.
تستطيع دولة قطر أن تستفيد من تدويل الرنمينبي عن طريق تعزيز الروابط الموجودة مسبقا مع الصين، حيث ارتفعت صادرات قطر من الغاز الطبيعي المسال إلى الصين بنسبة %35.5 سنة 2013 إلى 6.8 مليون طن، وهو ما يمثل %8.7 من إجمالي صادرات الغاز الطبيعي المسال لدولة قطر. وتحتاج الصين للغاز الطبيعي المسال لمكافحة مستوى التلوث المرتفع الناتج عن الاستخدام الكثيف للفحم في قطاع الطاقة، وبالتالي من المرجح استمرار ارتفاع صادرات الغاز الطبيعي المسال إلى الصين. كما تعتبر الصين أكبر مصدر لواردات دولة قطر.
أرسل تعليقك