دمشق - العرب اليوم
شَكّل ارتفاع أسعار السلع الغذائية، تزامناً مع بدء شهر رمضان هذا العام، في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، حاجزاً بينها وأصحاب الدخل المحدود والفقراء، وغَيّب كثيراً من الأطعمة والمأكولات، على رأسها اللحوم، عن موائد إفطارهم، وباتت الطقوس التي اعتادوا ممارستها في شهر رمضان خلال السنوات الماضية، حلماً صعب المنال، في ظل الصعوبات المعيشية والمادية التي يعانون منها، وغالبيتهم من النازحين في المخيمات.
تقول أم محمود (55 عاماً) نازحة من ريف إدلب الجنوبي وتعيش في مخيم الحنان، شمال إدلب، وأسرتها مكونة من 7 أفراد، إن «قساوة الظروف المعيشية والمادية والحياة التي نعيشها في المخيم صعبة للغاية، نعتمد في معيشتنا على السلة الشهرية التي نحصل عليها من منظمة إنسانية (بضع كيلوات من السكر والأرز والبرغل وبضع معلبات من الفول ورب البندورة)، بالإضافة إلى الأجر الشهري 600 ليرة تركية، الذي يحصل عليه زوجي من عمله في حراسة منشأة لصناعة الأحجار، وبالكاد يؤمن ذلك قوت أسرتي شهرياً، في ظل حياة التقشف التي نعيشها».
وتضيف أن أسعار السلع الغذائية، أهمها الخضار، التي حلقت عالياً مع بدء شهر رمضان هذا العام، وبلغ فيها سعر كيلو الفاصولياء الخضراء 40 ليرة تركية، وكيلو البندورة بين 10 و15 ليرة، والبطاطا 12 ليرة، وباقة البقدونس بحوالي الليرتين، ومثلها سعر كيلو الخس. وفي المقابل أجر زوجي اليوم 20 ليرة تركية فقط لا غير، فهذا يعني أنه لا خيار أمامي كربة منزل نازحة، سوى الاعتماد على ما لدي من برغل وعدس ورب البندورة والمعكرونة، لتحضير وجبة الإفطار يومياً. وباتت الأطعمة والمأكولات الشهية على موائد الإفطار أشبه بحلم صعب المنال والتحقق في ظل الغلاء الفاحش لأسعار السلع الغذائية، بما فيها اللحوم التي غابت تماماً عن موائدنا ولا نجرؤ على توفيرها، نظراً لأسعارها التي وصلت إلى أكثر من 125 ليرة تركية للكيلو الواحد في الأسواق، ومجرد شراء كيلو منها وإضافته للطعام على مائدة الإفطار، «فهذا يعني أن كلفتها تساوي أجر 5 أيام من عمل زوجي، لذلك لا نجرؤ على طلبها».
أما أبو خالد (48 عاماً) من مدينة إدلب، فيقول إنه اضطر أكثر من مرة للتهرب من طلب زوجته شراء اللحمة، «منذ بدء شهر رمضان وحتى الآن، بسبب ظروفه المادية الصعبة»، ويكتفي بأن يقول لها، «غداً إن شاء الله سأجلب اللحمة»، راجياً الحصول على فرصة عمل في ساحة العمالة الحرة، ويكسب منه ما يؤمن له ثمن كيلو لحمة، وإن ذلك لم يحصل بسبب تراجع الطلب على العمال مع بدء شهر رمضان.
ويضيف: «كانت أكثر من منظمة إنسانية وجمعية تقدم خلال شهر رمضان في الأعوام الماضية، كميات من اللحوم خلال الشهر، إلا هذا العام، لم تقدم أي منظمة أو جمعية اللحوم للفقراء وأصحاب الدخل المحدود مثلي، ونتوقع أن ينتهي شهر رمضان، ولن يكون هناك حضور للحوم أو حتى المأكولات التي تدخل فيها اللحوم بكميات قليلة، كالسمبوسك وأقراص الكبة، وكلها تُعد الآن بلا لحوم، وتكتفي النسوة بإضافة كمية من البصل المفروم والبهارات والبقدونس لا غير وتقديمها على موائد الإفطار».
في السياق، أوضح مسؤول في إحدى الجمعيات الإنسانية العاملة في إدلب شمال غربي سوريا، أن «نسبة التبرعات من قبل بعض الجهات الدولية وأبناء الجاليات السورية في المغترب، تراجعت هذا العام، بشكل ملحوظ، بنسبة 70 في المائة، واقتصرت خدماتنا الإنسانية في شهر رمضان الحالي، على توفير الأساسيات من المواد الغذائية، كالسمون والزيوت النباتية وكميات من الأرز والبرغل، وتوزيعها على العوائل الفقيرة وأصحاب الدخل المحدود، بينما لم نتسلم حتى الآن أي أموال وتبرعات كافية للسماح لنا بشراء الذبائح وتوزيع لحومها على الأسر المحتاجة والفقيرة».
هذا وتشهد أسواق السلع الغذائية والخضار في محافظة إدلب، خلال شهر رمضان، هذا العام، حالة من الركود في عملية البيع والشراء في الأسوق، نظراً لارتفاع الأسعار بنسبة 60 في المائة، كان أحد أسبابها تراجع أسعار العملة التركية (المتداول بها في شمال سوريا) أمام الدولار الأميركي، الأمر الذي فاقم معاناة السكان والنازحين وأثر على حياتهم المعيشية.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
البيت الأبيض يقدم وعوداً إلى "قوات سوريا الديمقراطية"
مُسيّرات تركية تقصف مواقع تابعة لتحالف قوات سوريا الديمقراطية شرق الفرات
أرسل تعليقك