دمشق - جورج الشامي
يعيش السوريون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة وخصوصًا في دمشق وبعض أجزاء الريف الدمشقي في هذه الفترة، معظم يومهم دون تيار كهربائي، منتظرين عودة الكهرباء، دون معرفة ما إذا كان هذا الانقطاع ناجماً عن الأعطال أم التقنين.
وتزيد مدة الانقطاع اليومي للتيار الكهربائي عن 10 ساعات وتصل في بعض المناطق إلى 16 ساعة خلال الشهرين الأخيرين، لتزداد مأساة السوريين مع قدوم الشتاء وارتفاع أسعار المحروقات وشحها، حتى بات معظم الاعتماد على المدافئ الكهربائية، وهذا ما تجد فيه وزارة الكهرباء في الحكومة السورية مبرراً لها لزيادة ساعات التقنين، حيث تلوم المواطن على عدم ترشيد الاستهلاك والضغط على القطاع الكهربائي، في حين يعتبره المواطن حق مشروع في ظل رفع الدعم وتدني الدخل.
والملفت في الأمر أن الساعات التي توجد فيها الكهرباء تكون بين الساعة العاشرة ليلاً والساعة الثامنة صباحاً "أي ساعات النوم"، فيما الساعات الـ14 المتبقية والتي يعيشها الإنسان الطبيعي من اليوم تطال انقطاع بين 8 إلى 14 ساعة كاملة.
وتختار العائلات السورية دفئها متدثرةً بالأغطية، فمن حصل على قسيمة للمازوت لم يستطع الحصول عليها بسبب العجز المادي، وهو حال عائلة أبو وليد الذي يؤكدّ "نحن كمئات العائلات السورية، نحمد الله أننا نعيش في بيوتنا، وإن كنا نعيش على ضوء الشموع التي وصل سعر الواحدة منها إلى 30 ليرة، والشواحن الكهربائية رديئة التصنيع ولا تستمر في أفضل الحالات لأكثر من ساعتين، لا يمكن أن تفعل شيئًا في ظل انقطاع الكهرباء لمدة 8 ساعات، أما الدفء فلا سبيل أمامنا إلا الاستعانة بكل ما في البيت من الأغطيّة".
واستعان بعض السوريين عن مدافئ الكهرباء والغاز والمازوت بمدافئ الحطب، التي باتت سبيلهم للدفء وحتى كبديلٍ عن الغاز المنزلي.
وليست المشكلة فقط في الضوء والدفء، وإنما أيضاً لانقطاع التيار الكهربائي نتائج كارثية على أصحاب المهن، حيث يؤكدّ أحمد "أعمل حدّادًا في منطقة يفترض أنها آمنة وليس فيها أيّ مواجهات عسكرية، ولا نجد الورشة لنعمل بها إلا "بطلوع الروح" كما يقال، لكننا نتوقف عن العمل الذي نعيش منه بسبب انقطاع الكهرباء، لا نستطيع شراء المولدات، لأن الأدوات تتطلب تيار كهربائي عالي، وبالتالي أنا بورشتي المتواضعة أحتاج إلى 400 ألف ليرة لشراء المولدة، علاوةً عن تكلفة المازوت أو البنزين لتشغيلها، وعملي متعطل منذ أكثر من عشرة أيام بسبب الكهرباء".
حال ورشة أحمد هو حال غالبية أصحاب المهن، سواء التجاريين أو الخياطين وغيرهم، وحتى المتاجر، تخسر غالبية بضائعها، هذا على صعيد الأفراد وأصحاب الدخول المتواضعة، ليكون الحال أسوأ بالنسبة لما تبقى من المصانع والمعامل العاملة في سورية.
ويحاول السوريون إيجاد البدائل، عبر بطاريات السيارات المعدلة إلكترونياً لتكون كفيلة بتشغيل الكهرباء المنزلية، لكنها لا تعمل أكثر من 4 ساعات، وتحتاج إلى مدة كافية من الشحن وفي فترة عملها لا تحتمل أكثر من الإنارة إلا ستتعرض للتعطل، علاوةً عن أسعارها المرتفعة إلى جانب ما تحتاجه من تمديدات وصيانة.
وبينما يستطيع السوريون القاطنون في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام التمتع ببضع ساعاتٍ من الكهرباء، فإن السوريين القابعين تحت الحصار محرومون من نعمة الكهرباء منذ ما يزيد عن عام، ويحاولون الاعتماد على المولدات والبطاريات.
أرسل تعليقك