مشاريع تركيا وإيران تجعل الزراعة في العراق تستغيث
آخر تحديث GMT04:20:12
 العرب اليوم -

مشاريع تركيا وإيران تجعل الزراعة في العراق تستغيث

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - مشاريع تركيا وإيران تجعل الزراعة في العراق تستغيث

مشاريع تركيا وإيران
أنقرة - العرب اليوم


مع تجفيف منطقة الأهوار وتدمير زراعتها في ثمانينات القرن الماضي ولّى العصر الذهبي للزراعة العراقية، أما الحفاظ على ما تبقى منها فيبدو بعيد المنال لأسباب لا تقتصر على مشاريع تركيا وإيران على نهري دجلة والفرات وروافدهما، ففي محافظات جنوب العراق وبغداد تخطف الأضواءَ المظاهراتُ والاحتجاجاتُ على الفساد وسوء الخدمات وانقطاع الكهرباء في ظل درجات حرارة تزيد على 50 درجة هذه الأيام. هذا الأمر حوّل الأنظار عن كارثة الجفاف وشح المياه، التي تهدد ما تبقى من الزراعات والثروة الحيوانية. وفي هذا السياق ذكرت تقارير إعلامية نشرتها وكالة الصحافة الفرنسية مؤخرًا الخوف الشديد على مصير الزراعة العراقية في المحافظات الجنوبية حيث منطقة الأهوار الخصبة.

ومما جاء في التقارير أن نسبة تراجع مخزون المياه في عدد من السدود وخزانات المياه الطبيعة وصلت إلى نحو 90 في المئة. وهو الأمر الذي حوّلها إلى مستنقعات مليئة بحشرات تسبب الأمراض للماشية والحيوانات الأليفة الأخرى، التي تشكل إلى جانب زراعة الخضار والفواكه مصدر العيش الرئيسي لأكثر من ثلث سكان العراق بينهم أكثر من ثلاثة ملايين في محافظات الجنوب وفي مقدمتها ميسان والبصرة وذي قار.

 ثروة حيوانية مهددة بالموت

ولا يبدو الوضع الزراعي أفضل في المحافظات العراقية الأخرى. فالتقارير تشير إلى تراجع إنتاج القمح والحبوب فيها إلى الثلث.  ودفع الجفاف الحكومة العراقية إلى منع أو تقليص زراعة الأرز التي تستهلك المياه بشكل كثيف. ويضطر الكثير من المزارعين في الوقت الجاري إلى بيع مواشيهم أو ذبحها بسبب نقص الماء والأعلاف. ويشمل ذلك بشكل أساسي الجواميس التي تعد أهم ثروة حيوانية في منطقة الأهوار.

ويزيد الطين بلة انقطاع الكهرباء بشكل مستمر، الأمر الذي يعيق ضخ مياه الآبار العميقة في وقت الحاجة. وكان انقطاع الكهرباء وسوء البنية التحتية وتفشي البطالة في صفوف الشباب في مقدمة الأسباب التي فجرّت احتجاجات شعبية واسعة ومستمرة على الحكومة المركزية في بغداد والسلطات المحلية المتهمة بالفساد وسوء الإدارة وتبديد الأموال العامة.

تدمير ممنهج بعد عصر ذهبي

كثير من الأجيال القديمة في عالمنا العربي تتذكر التمور العراقية، التي كانت زادًا ورفيقًا محببًا لطلبة المدارس في ستينات وسبعينات القرن الماضي. يومها كانت الموائد العربية عامرة أيضًا بهذه التمور، ويومها كان العراق ينتج ما يكفيه ويزيد من محاصيل زراعية ولحوم شتى. أما اليوم فقد تدهورت زراعته وتحولت بلاد ما بين النهرين إلى مستورد حتى للتمور، التي كان العراق "بطل العالم" في إنتاجها. أما إنتاجه من القمح فتراجع إلى أقل من 2.5 مليون طن، بعدما كان أكثر من 7 ملايين طن سنويًا.

ويعود هذه التحول المخيف إلى سنين خلت عندما قام صدام حسين في ثمانينات القرن الماضي بتجفيف منطقة الأهوار الخصبة جنوب البلاد انتقامًا من المناطق والبلدات الشيعية، التي ثارت على نظام حكمه آنذاك. وتقدر مساحة المنطقة بنحو 10 آلاف كلم مربع، أي ما يعادل مساحة لبنان تقريبًا، وكان من تبعات التجفيف هذه تدمير الزراعة وتربية الحيوان بشكل ممنهج. وبعد سقوط صدام واعتبارًا من عام 2004 أفلحت جهود محلية وخبرات دولية جبارة في استعادة نحو 40 بالمائة من المساحة الزراعية والمائية للعمل والنشاط مجددا ولو بكفاءة أقل مما كان عليه الوضع في سبعينات القرن الماضي.

الحكومة تتفرج رغم الكارثة

غير أن المساحات الصالحة للزراعة وتربية الحيوان تقف اليوم على عتبة كارثة جديدة وهذه المرة بسبب واحدة من أسوأ كوارث الجفاف التي حولت أعظم نهرين في منطقة الشرق الأوسط إلى ما يشبه جداول صغيرة عند وصولها إلى مناطق جنوب العراق. وفي حديث لوكالة الصحافة الفرنسية يصل الأمر بأحمد العيساوي، مدير الجميعة الفلاحية في النجف، إلى القول بأن العراق "لم يشهد في تاريخه كارثة تشبه الكارثة الحالية في شح المياه" التي تزداد حدة بسبب انحباس الأمطار للعام الثاني على التوالي.

وإذا كانت الحكومة والسلطات مسؤولة عن تردي الخدمات العامة والبنية التحتية، فإن مشكلة الجفاف سببها الأساسي قلة الأمطار ومشاريع الجيران في تركيا وإيران. ففي تركيا تم بناء سد إليسو على نهر دجلة بشكل قلص تدفق مياهه إلى العراق من 21 إلى أقل من 10 مليار متر مكعب. وبدورها قامت إيران ببناء عدة سدود على روافد نهر دجلة، التي تنبع من أراضيها بشكل أدى إلى تجفيفها بشكل شبه كامل داخل الأراضي العراقية. وتشكل مياه نهري دجلة والفرات 70 في المئة من مصادر المياه في العراق، بينما تشكل مياه الأمطار 30 في المئة فقط.

أما الحكومات العراقية المتعاقبة فلم تقم خلال الأعوام الخمسة عشر الماضية بمشاريع ملموسة لزيادة مخزون المياه وإدارة الموارد المائية بشكل أكثر كفاءة رغم الضرورة وتوفر الأموال لتنفيذها. ووصل حد الإهمال إلى درجة أن السدود القائمة لم تتم صيانتها وتقليص نسبة تسرب المياه منها. وهنا لابد من الإشارة إلى أن عدم الاستقرار الأمني وسيطرة الجماعات الإرهابية على غرب وشمال غرب البلاد حتى فترات قريبة زاد من حدة الإهمال خلال الأعوام الأربعة الماضية.

حلول تخفف المشكلة

تلقي مشكلة الجفاف الحالية وإهمال السلطات المحلية المعنية لإدارة الموارد المائية الضوء مجددًا على الكوارث المتتالية التي حلت بالزراعة العراقية. وكان من تبعات ذلك تحوّل العراق من الاكتفاء شبه الذاتي إلى بلد مستورد لقمحه وخضرواته وتموره وأغذيته الأخرى رغم أراضيه الخصبة. وإذا ما استمر الوضع على ما هو عليه فإن بلاد ما بين النهرين مهددة حتى بنقص مياه الشرب. ومن هنا فإن الوضع الكارثي الحالي يدق ناقوس الخطر الذي يحتم الإسراع بعلاج المشكلة، لاسيما وأن الموارد المالية متوفرة.

وعلى ذكر هذه الموارد فإن البنك المركزي العراقي أفاد بأن إيرادات العراق من النفط زادت على 706 مليار دولار خلال الفترة من 2005 إلى 2017. السؤال، أين ذهبت هذه الأموال مع أن الحكومات المتعاقبة لم تبنِ مشاريع مائية ضخمة وبنية تحتية حديثة وخدمات عامة متطورة؟

طبيعي أن المال لوحده لا يحل المشاكل مائة بالمائة في حالة الموارد المائية العراقية، غير أن فسادًا أقل وبرامج طموحة تخفف من هدر الموارد المائية، التي ما تزال متاحة إلى جانب اعتماد زراعات أقل استهلاكًا للمياه وطرق ري حديثة يخفف من حدة المشكلة في بلد يعد الأغنى بالموارد الطبيعية في منطقة الشرق الأوسط.

ولعل من الجنون أن يعاني بلد من مشاكل كهذه رغم كل الثروات والأموال التي يتمتع بها. يضاف إلى ذلك أن بإمكانه الاعتماد على خبرات ألمانيا ودول أخرى قطعت شوطًا رياديًا في إدارة الثروة المائية بشكل يضمن تجديدها وتوقيف هدرها وتعزيز مصادرها.

 

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشاريع تركيا وإيران تجعل الزراعة في العراق تستغيث مشاريع تركيا وإيران تجعل الزراعة في العراق تستغيث



إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:51 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
 العرب اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
 العرب اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 07:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
 العرب اليوم - نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 07:21 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية
 العرب اليوم - إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية

GMT 15:16 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

صفارات الإنذار تدوي في تل أبيب أثناء محاكمة نتنياهو

GMT 12:39 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

هل يتحمل كهربا وحده ضياع حلم الأهلى؟!

GMT 07:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 08:34 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

جديد في كل مكان ولا جديد بشأن غزة

GMT 04:35 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إنزال إسرائيلي قرب دمشق استمر 20 دقيقة

GMT 16:56 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

السيتي يعلن وفاة مشجع في ديربي مانشستر

GMT 20:06 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

انتشال 34 جثة من مقبرة جماعية في ريف درعا في سوريا

GMT 10:58 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ضربة جوية أمريكية تستهدف منشأة تابعة للحوثيين باليمن

GMT 08:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 03:01 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

حظر الطيران الجوي في أصفهان وقم الإيرانيتين

GMT 02:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد 8 فلسطينيين في قصف إسرائيلي بغزة

GMT 02:54 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

زلزال بقوة 7.3 يضرب المحيط الهادئ وتحذير من تسوماني

GMT 04:32 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دوي انفجار يهز صنعاء وسط أنباء عن استهداف وزارة الدفاع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab