دمشق - ا.ف.ب.
في حين يرزح معظم السوريين تحت الفقر والعوز بسبب النزاع المستمر في بلادهم منذ نحو ثلاثين شهرا، تزهدر تجارة ابو محمد في مناطق المعارضين في مدينة حلب (شمال)، حيث يبيع الاسلحة على انواعها، من القذائف الصاروخية والذخيرة، وصولا الى السيوف.
في معمل تصنيع الاسلحة الوحيد في الاحياء التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في ثاني كبرى المدن السورية، يقول هذا الرجل البالغ من العمر 39 عاما لوكالة فرانس برس "الحرب تجارة رابحة".
ويضيف في متجره حيث تصطف القنابل اليدوية على المنضدة "اردت مساعدة المقاتلين المعارضين لانهم لا يملكون السلاح او الذخيرة".
ويقول ابو محمد الذي عمل في احد مصانع الاسلحة قبل اندلاع النزاع السوري منتصف آذار 2011، ان تجارته تؤمن له مدخولا بنحو 50 ألف ليرة سورية يوميا (370 دولارا اميركيا)، علما انه افتتح متجره هذا في حي الفردوس قبل نحو سبعة اشهر.
قبل ذلك، قاتل ابو محمد لنحو تسعة اشهر في صفوف الجيش السوري الحر الذي يشكل مظلة لغالبية مقاتلي المعارضة، قبل ان يضطر لالقاء سلاحه اثر اصابته في ركبته.
وعلى جدران المتجر، يعرض ابو محمد مختلف أنواع الاسلحة، من مسدسات عيار تسعة ملم، ورشاشات "كلاشنيكوف" احدها مطلي بالفضة.
ويوضح نجل ابو محمد، وهو مقاتل في صفوف المعارضة يساعد والده في متجره، ان هذه الاسلحة "مصنعة في العراق وروسيا، وتراوح اسعارها بين 1500 و2000 دولار، بحسب جودة كل منها".
يضيف هذا الشاب البالغ من العمر 20 عاما "نبيع ايضا ألبسة عسكرية، وجزمات، واقنعة واقية من الغاز واجهزة اتصال لاسلكية"، مشيرا الى ان "غالبية هذه المعدات تأتي من تركيا".
ويؤكد انه مسرور في عمله في هذا المتجر "لانني احب الاسلحة".
بعد الظهر، يشهد متجر ابو محمد زحمة. يدخل محمد عاصي (43 عاما) المتجر مع العديد من رفاق السلاح، بحثا عن ذخيرة لبنادقهم.
ويقول محمد وهو يحصي الرصاصات، انه يرغب في استبدال السلاح الذي يستخدمه "الا ان هذه النماذج ليست جيدة واسعارها مرتفعة"، قبل ان يسدد مبلغ 15 ألف ليرة سورية (110 دولارات) ثمنا لمئة وخمسين طلقة.
ويتنهد قائلا "100 ليرة لكل طلقة. الرصاصات باتت عملة نادرة، ولهذا أصبحت مكلفة جدا".
ويعتمد ابو محمد على مهارته في التجارة للتعويض عن نقص السيولة لدى زبائنه. ويشرح "عندما يسيطر المقاتلون على قاعدة عسكرية (تابعة للقوات النظامية)، يأتون الى متجري ويبادلون الاسلحة بالذخائر".
ويبحث بعض الزبائن عن منتجات اكثر تخصصا. ويقول احد المقاتلين انه يريد "منظارا يتيح لنا تحديد القناصة على جبهات القتال".
ويعرض آخر ثلاثة سيوف على ابو محمد الذي يسحبها من اغمادها للتحقق من جودتها.
ويوضح انه يشتري اسلحة "من الاشخاص الذين يحتاجون الى المال لاعالة عائلاتهم" ويضيف "قبل اندلاع الحرب، كان العديد من السوريين يجمعون السلاح، او يحتفظون به بعد خدمتهم العسكرية. هم لن يستخدمونه، لذا يحضرونه لي للاستفادة منه".
وفي حين ان غالبية زبائن ابو محمد هم من المقاتلين، الا ان بعض المدنيين ايضا يقصدون المتجر للتزود بالسلاح.
ويشدد على انه "لا يبيع المدنيين اي رشاشات حربية، فقط بنادق الصيد والمسدسات من عيار تسعة ملم".
وبعد اكثر من عام على اندلاع المعارك فيها، انقسمت حلب التي كانت تعد بمثابة العاصمة الاقتصادية لسوريا، بين مناطق يسيطر عليها المقاتلون واخرى تحت سيطرة النظام.
ويواجه المقيمون في المدينة تحديات يومية تتمثل بالاحتماء من الاشتباكات المتواصلة والسعي الدائم لتوفير لقمة العيش، اضافة الى مخاطر التعرض للسرقة او اعمال النهب التي تقدم عليها عصابات من المجرمين.
ويقول رجل ستيني قدم مع حفيده الى متجر ابو محمد "بسبب الوضع، افضل ان اكون مسلحا لحماية عائلتي".
والى التجارة، يقوم أبو محمد ايضا بإصلاح الاسلحة المتضررة. ويقول مبتسما "هذه واحدة من الاشياء القليلة التي أجيدها".
أرسل تعليقك