دمشق - غيث حمّور
الفولاذ الدمشقي هو اسم معدنٍ شاع استعماله في صناعة السيوف في مدينة دمشق ما بين القرنين العاشر والسابع عشر الميلاديين. وقد حظيت هذه السيوف بشهرة كبيرة خلال الحروب الصليبية حتى حيكت حولها أساطير عديدة لا يمكن التأكد من صحتها، مثل القول إنها كانت حادة إلى درجة تكفي لشطر إنسان بضربة واحدة، وفي الوقت نفسه «لينة» إلى درجة يمكن معها لف السيف حول خصر الرجل، ليعود السيف ويأخذ شكله الأولى بمجرد إزاحة الضغط عنه، كما يتميز مظهر سطحه بخطوط متوازية ومتموجة وكأنه مؤلف من طبقات.
ولأسباب مجهولة انقرضت صناعة هذا الفولاذ في مطلع القرن السابع عشر، وبقيت تركيبته لغزاً حتى ثمانينيات القرن العشرين.
كشفت الدراسات المخبرية التي أجريت على هذا الفولاذ، أنه يحتوي على «نانو أنابيب» من الكربون، لا يمكن إنتاجها ضمن الفولاذ بشكل صناعي. ولذا رجَّح البعض أن تكون هذه المعادلة موجودة أساساً في خامات الحديد الطبيعية المستخدمة في صناعة هذا الفولاذ، والتي كانت تستورد إلى دمشق من الهند وسريلا نكا، والمعروف علمياً باسم «ووتز».
في ثمانينيات القرن الماضي، حاول العلماء إعادة إنتاج الفولاذ الدمشقي. ونجحوا بالفعل في إنتاج معدن مشابه جداً له، من خلال مزج خامات الحديد والزجاج والكربون، وإحمائه إلى درجة الغليان، فتنفصل العناصر الداخلية على سطح الصهارة، التي تستخرج منها حبيبات من الـ «ووتز» ذات محتوى من الكربون يصل إلى 1.5% وتصهر على شكل سبائك زنة الواحدة منها كيلوغرامين. غير أن هذا الفولاذ يفتقر إلى العروق التي كانت تميز الفولاذ الدمشقي.
ومنذ نحو سنوات عشر، خرج من مختبرات جامعة ستانفورد فولاذ يحاول التشبه بالفولاذ الدمشقي وسوِّق حالياً على أنه كذلك. ولكن العروق فيه ناجمة عن تصنيعه من طبقات رقيقة عدة من رقائق الووتز. ويعترف صانعوه بأنهم نجحوا في تقليد «الفولاذ الدمشقي»، وليس في إعادة إنتاجه.
أرسل تعليقك