نيويورك ـ أ ش أ
قال راجيف شاه مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ان بلاده تدعم إقامة سد عملاق لإنتاج الكهرباء يجري التخطيط لإقامته على نهر الكونغو ، و أشار في تصريحات له عقب زيارة للموقع المختار لانشاء السد ان استعداد الوكالة الامريكية للتنمية الدولية لتمويل السد تأتي في إطار مبادرة الرئيس الأميركي باراك اوباما " الطاقة من أجل أفريقيا " التي تهدف الى إيصال الكهرباء النظيفة لكل أفريقي .
وقال المسئول الأميركي ان الكهرباء لا تصل سوى لنسبة 9 في المائة فقط من الكونغوليين البالغ تعدادهم 66 مليونًا في الوقت الراهن و انه ازاء هذا الوضع لا تجد الولايات المتحدة امامها بدًا سوى الاسهام الاستثمارى فى بناء سد لتوليد الكهرباء على نهر الكونغو .
و طبقًا للدراسات الصادرة عن البنك الدولي فإن بناء السد المشار اليه و المعروف باسم "سد اينجا ـ 3 " سيتكلف 12 مليار دولار أميركي في اولى مراحله و 50 مليار دولار اميركي لكامل مراحله ، لكن مسئول وكالة التنمية الدولية الامريكية لم يحدد على نحو واضح مدى الاسهام الاستثماري الذي ستقدمه واشنطن لهذا المشروع .
وترجع مخططات إقامة سد عملاق لانتاج الكهرباء على نهر الكونغو الى العام 2005 وهو النهر الذى يمتد بطول 4700 كيلومترًا ويصب في المحيط الاطلنطي وذلك عندما أعلنت مؤسسات صينية عملاقة فى مجال التشييد و المشروعات الهندسية عن اهتمامها بالمشروع وحددت اقليم "اينجا" بغرب الكونغو بالقرب من مصب النهر لاقامة أكبر محطة هيدروليكية لإنتاج الكهرباء على مستوى العالم تتكلف اقامتها 50 مليار دولار أميركي بمراحلها الثلاثة وتنتج 40 الف ميجاوات من الكهرباء تكفي لانارة القارة الأفربقية التي لا يتمتع سوى 10 في المائة فقط من سكانها بالكهرباء ، كما يسمح السد الجديد - عند اكتمال انشائه - بتصدير الكهرباء الى خارج القارة نظرًا للقدر الهائل من الطاقة الذي ينتجه والذى يفوق بمقدار الضعف ما ينتجه سد "ثرى جورجز" الصيني من الكهرباء وهو أكبر سدود العالم على الاطلاق .
وقد ابدت جنوب أفريقيا اهتمامًا مبكرًا بهذا المشروع وفازت مؤسسة " ايسكوم" المملوكة لحكومتها بعقد استشارى المشروع و تم اسناد اعمال قنوات التحويل المائي للنهر اليها وكذلك توريد وتركيب توربينات التوليد من عدد من نقاط السد المنشود ، كما أبدت الشركات المتعاونة مع مؤسسة "ايسكوم" رغبة في الدخول في عمليات انشاء محطات تخزين عملاقة للكهرباء الفائضة الناتجة عن السد لبيعها الى أوروبا في المستقبل .
ووفقًا لدراسات البنك الدولي فإن تكاليف إقامة سد "اينجا" العملاق على نهر الكونغو المقدرة بنحو 50 مليار دولار أميركي لكافة مراحل اقامته سيكون للقطاع الخاص العالمي الدور الأكبر في تحملها وهنا تظهر مشكلة حسابات تقدير المخاطر لاستثمارات بالمليارات في أفريقيا التي تعد الاعلى على مستوى العالم من حيث عدم استقرار الأوضاع الأمنية و السياسية .
فقد شهدت جمهورية الكونغو الديمقراطية حربًا اهلية طاحنة في الفترة من 1998 وحتى العام 2002 وكانت أراضيها مسرحًا للتدخل من جانب سبع بلدان أفريقية مجاورة لها يغذي كل بلد فريقًا مسلحًا كان يعمل لحساب هذا البلد او ذاك على ارض الكونغو الغنية بمواردها التعدينية وبنهرها العملاق الذى يغذيه عشرة الاف رافد .
وفي العام 2002 تم ابرام اتفاقات سلام في الكونغو انسحبت بموجبها كافة القوات الأجنبية التى كانت تشتبك على أراضيها كما خلفت اعوام الحرب الاهلية الكونغولية الاربعة ثلاثة ملايين من القتلى اما بسبب اعمال القتال والعنف او بسبب الاوبئة و المجاعات التي صاحبتها .
لكن هذه التحديات لم تكن كافية لاثارة مخاوف لدى مؤسسة "ايسكوم" الجنوب افريقية عند اعدادها لدراسات الجدوى التمويلية للمشروع ، فقد استطاعت اقناع البنك الدولى بان بناء سد اينجا 3 على نهر الكونغو سيكون بلا اية اوجه للمخاطرة ، و الأكثر من ذلك لعبت "ايسكوم" دور وسيط الجلب الإستثماري للمشروع والترويج له فى المحافل الدولية ، و استطاعت بناء تحالف مع شركات أفربقية مماثلة لها في دول جوار الكونغو في ناميبيا و بتسوانا و انجولا مستفيدة في ذلك من دعم سياسي قدمته لها حكومة جنوب أفريقيا التي تعد قائدة لتجمع دول جنوب القارة "سادك" واعتبار ان إقامة هذا المشروع هو مشروع اقليمي في المقام الأول يعزز من وضعية صانعيه على الساحة الأفريقية و كذلك الدولية .
ولا يعد سد اينجا ـ 3 لانتاج الكهرباء على نهر الكونغو.. السد الأول فى تاريخ هذا البلد الافريقي الهام ، فخلال السبعينيات و الثمانينيات من القرن الماضي استطاع الزعيم الكونغولي الراحل موبوتو سيسيكو بناء سدى اينجا ـ1 و اينجا ـ2 على نهر الكونغو واللذان كان لهما الفضل في انارة الكونغو حتى خلال الحرب الاهلية ، لكن يد العنف التي طالت بعض مكونات السدين علاوة على ضعف اعتمادات الصيانة و التطوير اديتا الى انخفاض قوة توليد الكهرباء لهما الى النصف وهو ما يعد انهيارًا حقيقيًا حيث بات كلا السدين لا ينيران سوى العاصمة الكونغولية كينشاسا و اجزاء من غرب الكونغو و التصدير للكهرباء بمعدلات أقل لكل من زامبيا و زيمبابوي و جنوب افريقيا ، كل هذا اعطى اهمية استراتيجية لسد اينجا ـ 3 المزمع اقامته فى الكونغو والمقدر زمن اقامته بعشرة اعوام .
ويقول خبراء مؤسسة كهرباء فرنسا التي أعدت دراسات الجدوى الفنية لهذا السد العملاق انه سيكون حجر الزاوية في شبكه الكهرباء الموحدة التي يحلم بها الأفارقة وان سيولد كهرباء لا تكفي فقط لبلدان جنوب القارة بل تكفى لانارة جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية و شمالها معا وتوفيرالكهرباء الامنة بيئيًا لبلدان شمال أفريقيا بل وبلدان حوض المتوسط الاوروبية ، كما تشير دراسات الجدوى الفنية التي أعدها الجانب الفرنسي للمشروع الى امكانية ربط الكهرباء الناتجة عن سد اينجا ـ 3 بشبكات الكهرباء في جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان ومصر محققًا المشروع بذلك أول إرتباط تاريخي لشبكات الكهرباء في شمال القارة الأفريقي وجنوبها وهو ما سينير حياة 526 مليون افريقي لم تدخل الكهرباء الى بيوتهم .
أرسل تعليقك