بيروت ـ ننا
افتتح رئيس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية الوزير السابق عدنان القصار "المنتدى العربي للاقتصاد الأخضر والصيرفة الخضراء من أجل تنمية أفضل"، الذي نظمه اتحاد الغرف العربية بالتعاون مع مؤسسة "ليبان باك" وبرعاية "بنك البركة-لبنان" و "فرنسبنك" في مقر الاتحاد، بمشاركة نائب حاكم مصرف لبنان هاروتيان صاموئيليان، رئيس مؤسسة "ليبان باك" الدكتور فادي الجميل، نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش، عضو مجلس إدارة مدير عام "بنك البركة" في لبنان معتصم المحمصاني، وأكثر من 100 شخصية لبنانية وعربية من رؤساء وممثلين عن العديد من غرف التجارة والصناعة وخبراء من مؤسسات اقتصادية ومصرفية لبنانية وعربية.
وتحدث القصار فأوضح أن "هشاشة البيئة وطبيعتها الجافة وشبه الجافة، تشكل التحدي الأكبر لتأمين الموارد الطبيعية بشكل مستدام، بما فيه الغذاء، والمياه الصالحة للشرب، حيث تقارب نسبة الأراضي الجافة وشبه الجافة 90% من مجمل الأراضي العربية. وتتزايد وتيرة التصحر باطراد، حيث تخسر المنطقة العربية مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة، الأمر الذي يؤثر سلبا على واقع الأمن الغذائي المتفاقم أصلا. مما يخشى معه تفاقم هذه التحديات مع ازدياد التلوث والتغير المناخي، خصوصا في ظل التحذيرات التي يطلقها الخبراء حول مواجهة البلدان العربية أزمات كارثية في نقص المياه اعتبارا من عام 2015".
ورأى ان "التحول إلى الاقتصاد الأخضر، بما يتلاءم مع خصائص وأولويات التنمية للعالم العربي، أصبح ضرورة اقتصادية وبيئية ملزمة". وقال: "ان المفاهيم المرتبطة بالاقتصاد الأخضر لم تعد مجرد خيارات مطروحة، بل أصبحت أمرا ملزما لنا في العالم العربي في ضوء التراجع المشهود في الظروف البيئية التي يواجهها الاقتصاد العربي، في مقابل تنامي احتياجات التنمية والسكان واحتياجات توفير فرص العمل".
أما صاموئيليان فأشار إلى أن "مصرف لبنان أدرك ومنذ مدة أهمية تأمين تمويل المشاريع الصديقة للبيئة وبتكلفة منخفضة، فقام بتحفيز المصارف على منح بعض أنواع القروض بفوائد مخفضة عن طريق تقديم إعفاءات محددة في الاحتياطي الإلزامي المفروض على المصارف. وقد شملت التحفيزات القروض الممنوحة لتمويل مشاريع جديدة صديقة للبيئة غايتها المساهمة في الحفاظ على البيئة، أو في التخفيف من الأثر البيئي السلبي أو تمويل تطوير مشاريع قديمة بحيث تصبح مشاريع صديقة للبيئة، هذا إضافة إلى المشاريع الإنتاجية".
وأكد ان "هذه الإعفاءات تحفز المصارف على خفض الفوائد المدينة على القروض المرتبطة بها، مما يخفف العبء على عملاء المصارف وينشط الدورة الاقتصادية وتساهم في خفض التضخم. وتشمل المشاريع الصديقة للبيئة المدعومة من مصرف لبنان أيضا السياحة البيئية، الزراعة العضوية، إدارة النفايات ومعالجة مياه الصرف الصحي، والاستفادة من المياه وإعادة التدوير".
من جهته، قال الجميل: "ان العمليات التصنيعية الخضراء لديها جذور عريقة في لبنان، وأيضا لها امتدادات عبر الصادرات اللبنانية حول العالم، وصناعة الورق في لبنان تتناغم تماما مع المتطلبات البيئية وتذخر بأخصائيين شباب وهم يحاكون المستقبل بعلمهم وبالتقنيات التي يستعملونها، لكن هذه الصناعة تعاني من فارق أسعار في تكلفة طاقتها مما بات يهدد إستمراريتها رغم أنها تؤمن فرص عمل لما لا يقل عن 7600 عائلة وهي تشكل وبكل تأكيد استثمار للمستقبل".
أضاف: "نتطلع أن يقوم لبنان بالنظر إلى الصناعات الخضراء بنوع من الحضن أو المساعدة الخاصة، خصوصا وأن قطاعات إعادة التدوير معروفة بقطاعات الطاقة المكثفة حيث أن أكلاف الطاقة تشكل نسبة 34 بالمائة من أسعار المبيع. قطاعاتنا في مجال الاقتصاد الأخضر عريقة وغنية بطاقة صناعية وتقنية متقدمة وبطاقات بشرية واعدة تحاكي المستقبل، وهذه القطاعات منذ تأسيسها كانت جاهزة لرفع التحديات ومواجهة المعوقات مما يخولها أن تصبح القاطرة الرافعة لقطاعاتنا على مستوى المنطقة".
بدوره، لفت بكداش الى ان "التحول إلى النمو الاقتصادي الأخضر المستدام يمثل الثورة الجديدة التي ستوفر العديد من الفرص التي لا بد من استغلالها، وهو ما يعني إعادة صياغة وتوجيه السياسات الحكومية واستثماراتها ونفقاتها بوجه عام تجاه مجموعة من القطاعات الخضراء مثل التكنولوجيا النظيفة، والصناعة الخضراء، والطاقة المتجددة، والمياه، والأبنية الخضراء، والزراعة المستدامة".
وأوضح أن "القطاع الصناعي اللبناني يشكل ضلعا في مثلث الاقتصاد الوطني، إلى جانب قطاعي الخدمات والزراعة وهو أساسي في تأمين النمو المستدام، ولذلك فقد ساهمت جمعية الصناعيين اللبنانيين في تطوير مفهوم البيئة الصناعية منذ التسعينات عبر توعية الصناعيين على ضرورة اعتماد سبل الإنتاج الأنظف".
وكانت الجلسة الافتتاحية للمنتدى استهلت بكلمة للمديرة العامة لـ"ليبان باك" سهى عطا الله، لفتت فيها إلى أن "الاقتصاد الأخضر هو حصيلة تكافل وتضامن مختلف شرائح المجتمع، من حكومة من حيث التشريع، وقطاع خاص من خلال التصنيع، ومؤسسات مالية من حيث تشجيع الاستثمارات البيئية، فالمنظمات الدولية التي تقدم المعونة الفنية وصولا إلى المستهلك الذي هو أقوى حليف لنمو الاقتصاد الأخضر من خلال اعتناقه ثقافة الإنتاج الأخضر".
وتضمن المنتدى أربع جلسات عمل تحت عناوين: "ريادة المبادرات الخضراء"، "تمويل المشاريع الخضراء"، "الصناعات الخضراء للتنمية المستدامة"، "العلامة التجارية الخضراء".
أرسل تعليقك