دمشق - العرب اليوم
أوضح المستشار الفني في اتحاد غرف الزراعة السورية، عبد الرحمن قرنفلة، أن سياسة التسعير الحكومية للمنتجات الزراعية تؤدي إلى تباطؤ نمو إنتاج الغذاء وزيادة أسعار المنتجات في السوق، مؤكدًا أن سياسات التسعير القائمة حاليًا للمنتجات الزراعية تساهم بتدمير نمو قطاع إنتاج الغذاء، وتهدد الأمن الغذائي.
وفي تعليقه على رفض الحكومة منح قرض بملياري ليرة سورية للمؤسسة العامة للدواجن، قال قرنفلة إن الدافع الرئيسي للمؤسسة للتقدم بطلب منحها قرض هو الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها بفعل سياسات التسعير غير العادلة، التي تمارسها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في تسعير منتجات الدجاج، حيث سعت سياسات التسعير الحكومي الاجتماعي المخفض إلى حماية المستهلكين من ارتفاع وطأة الأسعار وتخفيف حدة التضخم، لتحقيق الاستقرار السعري والنسبي وتخفيض تكاليف المعيشة لجميع فئات السكان، إلا أن هذه السياسيات التسعيرية الإدارية اتسمت بارتفاع تكلفتها اقتصاديًا وماديًا، واعتمدت دعم المستهلكين من جيوب مربي الدواجن، وأدت إلى آثار سلبية غير محمودة في جميع قطاعات الاقتصاد الوطني وخاصة قطاع الزراعة وانتاج الغذاء حيث أدت إلى تباطؤ نمو الإنتاج الزراعي، وتناقص الاستثمارات الزراعية وزيادة العجز الغذائي، مما يدفع البلاد الى الاعتماد على الاستيراد لتلبية حاجات الاستهلاك المحلي من المواد الغذائية.
وأضاف قرنفلة أنه إذا كان هذا واقع حال المؤسسة الحكومية التي تحظى برعاية الدولة، فما هو وضع المربين الذين يمتلكون بنى اقتصادية ضعيفة جداً في ظل غياب عمليات تمويل حكومي تلبي الغرض ؟. وأضاف أن سياسات التسعير القسري وتجاهل توجيهات رئاسة مجلس الوزراء في مجال تكليف وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بتسعير منتجات الدواجن حسب واقع التكاليف الحقيقية، أدى إلى إلحاق خسائر كبيرة بالمربين، وتوقف عدد كبير منهم عن الإنتاج مما ساهم بخفض حجم المعروض من منتجات الدجاج في الأسواق، وارتفاع أسعارها بشكل متصاعد. وطالب قرنفلة بتحديد أسعار منتجات الدجاج وفق التكلفة الفعلية للمنتجين، إن كان هناك ثمة حرص حكومي على استمرار الإنتاج المحلي وتطويره وتنميته، وكذلك توفير قروض دون فوائد لمربي الدواجن لمساعدتهم على العودة الى حلقات الإنتاج.
وتابع قرنفلة "أن نظام التسعير موجود منذ الحضارات القديمة، ويعتقد أن نظام التسعير في الحضارة البابلية أهم تسعير حكومي في العصور القديمة، ثم بدأ بالانتقال إلى الحضارات الأخرى، ثم على الفكر الاقتصادي العربي، حيث ميز العرب وخصوصًا في العهد الإسلامي علميًا وعمليًا بين القيمة والسعر، خاصة الأمام جعفر بن علي الدمشقي الذي منح تسميات متعددة لتقلبات الأسعار صعودًا وهبوطًا، وكذلك ابن تيمية وابن قيم الجوزية لآرائهما في التسعير الحكومي الضروري، وابن خلدون لكشفه العلاقة الجدلية بين العرض والطلب، وتأثيرهما في الأسعار المحلية والخارجية، والمقريزي الذي عرض ظاهرة الغلاء وارتفاع الأسعار في عصره وآثارها الاقتصادية والمالية في فئات الشعب بكل طبقاته.
أرسل تعليقك