توقع تجار ذهب سعوديون أن تسهم سيولة الراتبين التي سيستكمل صرفها لجميع موظفي الدولة السعوديين خلال الأيام المقبلة، في إنعاش حركة مبيعات سوق الذهب، وإخراجه من حالة «الركود» التي عانى منها خلال الفترة الماضية، خاصة أن حجم السيولة التي أصبحت بيد المواطنين يقدر بنحو 37 مليار ريال، وفقا لتقديرات رسمية، مما ينبئ بزيادة الإقبال على شراء المعدن النفيس الذي يمثل مصدر للاستهلاك والادخار في آن واحد.
ويؤكد ذلك صالح بن محفوظ، عضو لجنة الذهب والمجوهرات في الغرفة التجارية في جدة، الذي أوضح نقلا عن صحيفة «الشرق الأوسط» أنه يتوقع أن تتحسن حركة المبيعات في أسواق الذهب السعودية خلال الأسبوعين المقبلين، قائلا: «الإعلان عن صرف الراتبين يتزامن مع نزول أسعار الذهب يوم الجمعة الماضي بنحو 2 في المائة، مما يجعلنا نتفاءل بانتعاش المبيعات في الأيام المقبلة».
من ناحيته، يرى زياد محمد جمال فارسي، عضو غرفة مكة ونائب شيخ الجواهرجية في مكة، أن الأسر السعودية بطبيعتها تميل نحو ثقافة الاستهلاك، قائلا: «الراتبان سيذهبان غالبا لأمور استهلاكية تحتاجها الأسرة، وذلك يختلف تقديره من أسرة لأخرى، لكن هل سينعكس ذلك على سوق الذهب؟، حقيقة لا أعلم، علما بأن المصروفات تختلف باختلاف حجم الراتب، وهناك احتمال أن يذهب جزء منها لسوق الذهب».
في حين يرى علي المهنا، وهو من تجار سوق الذهب في الدمام، أن إقبال السعوديين على شراء المشغولات الذهبية بعد صرف الراتبين أمر يعود إلى حجم راتب الفرد والتزاماته، قائلا: «عادة ما يتفاعل السوق مع هذه الأخبار الإيجابية، خاصة أن كثيرا من السيدات الموظفات يفضلن توجيه أموالهن نحو شراء الذهب، باعتباره الملاذ الآمن مقارنة بأوجه المصروفات الأخرى».
وكانت وزارة المالية السعودية قد أعلنت في بيان لها صرف الراتبين الأساسيين، اللذين أمر بهما خادم الحرمين الشريفين، وصرح مصدر مسؤول في الوزارة، أنه تنفيذا للأمر الملكي الكريم القاضي بصرف راتب شهرين أساسيين لجميع موظفي الدولة السعوديين من مدنيين وعسكريين، وصرف مكافأة شهرين لجميع طلاب وطالبات التعليم الحكومي داخل المملكة وخارجها، والمستفيدين من إعانة الضمان الاجتماعي وإعانة المعاقين، أكدت وزارة المالية أنها استكملت مع الجهات الحكومية جميع المتطلبات اللازمة لذلك.
من جانب آخر، يعود فارسي ليوضح خلال حديثه ، أن أسعار الذهب العالمية شهدت خلال الشهر الماضي تذبذبا ما بين 1250 دولارا للأونصة وحتى 1290. طلوعا ونزولا، قائلا: «كان ذلك متوقعا أن يحدث في الربع الأول من هذا العام، والمتوقع الآن أن يستمر هذا التذبذب وبنفس المستوى خلال الفترة المقبلة، وأعتقد أن هناك ارتفاعا لأسعار الذهب مع بداية الربع الثاني من العام، بحيث يكسر الذهب حاجز الـ1290 دولارا للأونصة، لما هو أعلى من ذلك».
يأتي ذلك في ظل حالة الركود التي شهدتها متاجر الذهب في السعودية خلال الفترة الماضية، وهو يرجعه صاغة الذهب إلى طبيعة سوق الذهب السعودي الذي يتأثر عادة بالمواسم المتعارف عليها، مثل موسم الأعراس وفترة الأعياد وشهر رمضان وموسم الحج (بالنسبة لمنطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة) وهو ما يجعل فترة صرف الراتبين موسما إضافيا ومفاجئا لرفع مبيعات الذهب، في ظل عدم وجود معايير واضحة لقياس أداء مبيعات السوق المحلي.
يذكر أن حجم سوق الذهب في السعودية يُقدر بنحو 9 مليارات دولار، فيما يبلغ عدد محال البيع قرابة 6 آلاف محل منتشرة في جميع المدن السعودية، إلى جانب 250 مصنعا مختصا بمشغولات الذهب. في حين تتربع السعودية على عرش مبيعات الذهب والاحتياطي الموجود في العالم العربي التي تصل إلى 323 طنا، ما يؤكد موقعها كواحدة من أغنى الاقتصاديات على مستوى العالم.
وتساعد القدرات المالية العالية ومستوى الدخل المرتفع نسبيا على رواج تجارة الذهب في البلاد، حيث بلغت مبيعات القطاع هذا العام نحو 900 مليون دولار، حسب ما يفصح تقرير حديث، من خلال بيع نحو 22 طنا من الذهب في المحلات والمصانع والورش، بارتفاع نسبته 6 في المائة عن العام الماضي.
يأتي ذلك في حين كشف صندوق النقد الدولي في تقرير حديث صدر مؤخرا، أن السعودية احتلت المرتبة 17 عالميا والأولى عربيا باحتياطيات الذهب مع مطلع العام الجاري 2015، بنمو يقدر بـ1.60 في المائة وباحتياطي يقدر بـ322.9 طن، فيما احتلت أميركا المرتبة الأولى عالميا بـ8.133.5 طن، بينما حلت ألمانيا المرتبة الثانية عالميا.
أرسل تعليقك