الرياض ـ وكالات
بدأت سوق السندات في السعودية تنتعش مع إقبال الشركات السعودية على إصدار أدوات الدَّيْن ، بعد أن كان متأخراً عن باقي قطاعات الاقتصاد على مدى سنوات، مع أن العوائد المنخفضة تجعل المستثمرين الأجانب يحجمون. وتعتمد الشركات والكيانات السعودية عادة على قروض البنوك والأرباح المستبقاة لتمويل التوسع. ويعتبر المتعاملون في أسواق الدين أن السعودية أكبر اقتصاد في العالم العربي فرصة لم تستغل بعد. وفي الأشهر الأخيرة بدأ النمط يتغير إذ أصبحت السندات مألوفة للشركات وأصبح عديد من المستثمرين يطلبونها ووصلت البنوك إلى الحدود القصوى لإقراض الشركات، وهو ما أدى إلى إحداث طفرة في إصدار أدوات الدَّيْن بالريال، وكل الإصدارات في السعودية تأتي في صورة سندات إسلامية «صكوك» تلتزم بتحريم الفائدة وتقدم بدلا من ذلك عوائد على الأصول.
وقال الشريك في شركة كليفورد تشانس للاستشارات القانونية في دبي ستيوارت يور «كانت هناك نظرة للسعودية على أنها مارد نائم في أسواق رأس المال الإقليمية لكن هذا تغير بالتأكيد في الأشهر الثمانية عشر الماضية إذ رأينا صعودا لإصدارات الصكوك بالريال. وأضاف «لا تزال القروض المصرفية تنمو بوتيرة متسارعة في السعودية بفضل النمو الاقتصادي القوي، فقد زاد إقراض القطاع الخاص 15.6 % عن مستواه قبل عام ليصل إلى 1.02 تريليون ريال «272 مليار دولار» في فبراير الماضي.
وأشار إلى أنه في العام الماضي تم إصدار صكوك بالريال بقيمة 27.2 مليار ريال وفقا لبيانات اتش.اس.بي.سي ارتفاعا من 11.3 مليار في 2011. وفي الربع الأول من هذا العام تم إصدار ما قيمته 10.3 مليار ريال. وتم تنفيذ ثلاث صفقات صكوك الأسبوع الماضي فقط إحداها بقيمة 1.3 مليار ريال من مجموعة بن لادن السعودية للإنشاءات وأخرى بقيمة 1.3 مليار من شركة المراعي لمنتجات الألبان وثالثة بقيمة 7.5 مليار من شركة صدارة للكيماويات وهي مشروع مشترك بين أرامكو السعودية وداو كيميكال.
وتنطوي الصكوك على مزايا للشركات، فهي عادة تكون أطول أجلا مقارنة بقروض البنوك وتسمح للمقترض بتنويع مصادر تمويله.
ورأى رئيس قسم أسواق رأس المال وتمويل الشركات في اتش.اس.بي.سي السعودية فهد السيف ، أن من بين أهم المزايا العديدة للصكوك أنها تتيح الاستفادة من كم هائل من السيولة وتنويعا لمصادر التمويل. ووقال إن السوق ستستفيد إذا استطاعت السعودية تأسيس وكالة محلية للتصنيف الائتماني تفهم الأوضاع الداخلية بالبلاد، لكن ليس من الواضح متي قد يتم ذلك. وفضلا عن نمو سوق الصكوك السعودية من حيث الحجم تزداد السوق تطورا وتنتقل الصفقات من الصيغ الأساسية إلى صيغ أكثر ابتكارا.
وأضاف السيف «رأينا عددا من الابتكارات في سوق الدَّيْن المقومة بالريال من بينها زيادة في عدد المصدرين الذين لا يحملون تصنيفا وصكوك هيئة الطيران المدني التي ضمنتها وزارة المالية وصفقات تعزيز رأسمال البنوك وصكوك المشروعات.
وتابع «في الفترة المقبلة قد نرى إصدارات لأجل سبع أو عشر سنوات وقد نرى آجالا أطول لصكوك تمويل المشروعات.»
ومن بين المقترضين الذين قد يدخلون السوق الشركة الوطنية السعودية للنقل البحري حسبما أفادت به مصادر في السوق وشركة مرافق التي تقدم خدماتها لمدينتين صناعيتين في المملكة والتي أكدت أنها تدرس إصدار صكوك. وتوقع أن يرى في المدى المتوسط مزيدا من صيغ الصكوك الهجين التي لها بعض خصائص الأسهم لأنه ليس لها تاريخ استحقاق.
ويعتقد بعض المحللين أن التغيير المستقبلي في السوق قد يشمل التحول من الصكوك القائمة على الأصول إلى الصكوك المضمونة بالأصول.
ومازال المعروض المحلي من الصكوك أقل بكثير من الطلب لذلك تتهافت الصناديق السعودية العازفة عن المخاطرة – والتي تحجم عن الاستثمار في الخارج بسبب تقلبات الأسواق العالمية – على شراء هذه الصكوك وتقبل بمعدلات ربح منخفضة.
وقال مستثمر إقليمي في الصكوك «على الرغم من أن الفوائد السائدة في سوق النقد هي التي تحدد معدلات الربح إلا أن ندرة الإصدارات المقومة بالريال تقلص الهامش بمقدار 30-40 نقطة أساس إضافية.»
أرسل تعليقك